د.محمد علي صنوبري
بسرعة البرق، مضت عشرة أيام من رحلتي. عشرة أيام كان لبنان خلالها يمر بأهم وأبرز أيامها في العقدين الأخيرين.
مرّ أربعون يوماً على استشهاد السيد حسن نصر الله، وكانت المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار جارية. جاء السيد علي لاريجاني من إيران وهوكشتاين من أمريكا إلى لبنان، وكان الحاج محمد عفيف، المسؤول الإعلامي لحزب الله، قد استشهد في عملية إرهابية في وسط بيروت. واستهدف حزب الله في معادلة تل أبيب مقابل بيروت مبنى كبيراً تابعاً للكيان الصهيوني الإرهابي في وسط تل أبيب وأحرقه، وبلغ قصف الضاحية وصور وبعلبك والبقاع ذروته.
في هذه الأوضاع، رافقت صديقي الدكتور عزيزي للبحث عن الإعلاميين اللبنانيين المشهورين والناشطين لتوثيق الظروف والموقف الحساس الحالي بأفضل شكل. وبدون تردد، توجهنا إلى «علي يحيى» الذي يعد شخصاً إعلامياً بكل ما للكلمة من معنى؛ حيث أنه يجري يومياً من عشرة إلى عشرين مقابلة مع الشبكات ووكالات الأنباء الدولية الشهيرة. يتقن اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية. جاء علي بسيارته الخاصة وبدأنا الحديث. وكان تحليله للوضع الراهن شاملاً وسلساً.
قلنا إننا نريد إجراء مقابلة مع شخص إعلامي مستقل، وبعد ساعات قدم لنا قائمة طويلة من الأسماء. حقاً يمكن اعتبار لبنان بلد الإنسان الإعلامي.
يعد لبنان مهماً وأولوية لجميع الكتل القوية في العالم بسبب موقعه الجيوسياسي والاستراتيجي. الأحداث العظيمة التي شهدتها منطقة غرب آسيا خلال المئة عام الماضية وموقع لبنان في هذه الأحداث، زادت من أهمية هذا البلد.
بدأنا الحديث مع الإعلامي اللبناني الأول، الدكتور فيصل عبدالساتر. سألناه: ما هي الظروف التي نعيشها الآن في لبنان؟ أجاب: قصف المفاوضات! قلنا: اشرح لنا أكثر. فأجاب: الإكراه على قبول شروط المفاوضات أو الإكراه على قبول بنود وقف إطلاق النار تحت التهديد والقصف الصاروخي على المناطق السكنية! هذا ما نشهده من الكيان الصهيوني وأمريكا وأوروبا.
دائماً ما يواجهون الطرف الآخر بالسلاح والتهديد والقوة، لكن في النهاية سيفشلون، وسيتم وقف إطلاق النار بناءً على ما تريده المقاومة. (وبعد أقل من أسبوع حدث ذلك).
في النهاية، تمكن «علي» من تنسيق مقابلات مع ستة محللين وإعلاميين لبنانيين أو مقيمين في لبنان، وكذلك مع وزير الثقافة اللبناني ووزير الداخلية السابق الذي كان مسيحياً.
لكن كانت لدينا قائمة طويلة من الأشخاص وأصحاب مواقف مختلفة، ولم يسمح لنا الوقت المحدود للسفر بزيارتهم جميعاً. لكن ما كان يثير اهتمامنا هو وفرة وسائل الإعلام الإعلاميين في لبنان.