عبير شمص
يُعدّ فنّ الخط شكلاً من الفنّ الراقي في الثقافة والحضارة الإيرانية ومن أنواعه الخط التصويري وهو فن يمزج بين الخط التقليدي والعناصر الحديثة في الرسم، يجمع هذا الأسلوب بين جماليات الخط الفارسي والإبتكارات البصرية الحديثة، مما يخلق أعمالاً تجمع بين البُعد الجمالي للخط والإبداع الفني للرسم.
وقد انتشر عبر مدرسة ”السقاخانة” وهي تيار فني ظهر في إيران في ستينيات القرن العشرين، وتميزت هذه المدرسة بدمج العناصر الفنية التقليدية والزخرفية مع الفنون الحديثة، وخصوصاً الخطوط ذات الطابع الديني. اشتق إسم المدرسة من ”السقاخانات”، وهي أماكن دينية صغيرة في إيران، استلهم الفنانون هذا الإسم من زخارفها ونقوشها.
وترجع أسباب نشوء هذا التيار إلى توجه إيران نحو التحديث في تلك الحقبة، لذا حاول الفنانون الإيرانيون إيجاد وسيلة تجمع بين التقاليد المحلية والفنون العالمية الحديثة، فكانت مدرسة ”السقاخانة” إستجابةً لهذه الحاجة، إذ مزجت بين العناصر التقليدية والحديثة لإيجاد هوية جديدة للفن الإيراني المعاصر. ويتمتع هذا الأسلوب بخصائص أهمها دمج التراث والحداثة عبر استخدام الزخارف التقليدية ضمن قوالب فنية حديثة، واستخدام الخط كعنصر أساسي في تكوين اللوحات، وتضمين الرموز الدينية والثقافية الإيرانية في الأعمال.
وقد أسهمت مدرسة ”السقاخانة” في إخراج الفن الإيراني المعاصر من حالة الركود عبر إيجاد توازن بين الحداثة والتراث، كما لعبت دوراً مهماً في إبراز هوية فنية إيرانية على المستويين المحلي والعالمي، ومن أشهر الفنانين الذين كانوا من رواد هذا النوع من الخط ، ”حسين زنده رودي” وهو من رواد هذه المدرسة، وقد أبدع في دمج النقوش الدينية مع الخط الفارسي، والرسام ”ناصر أويسي” الذي قدم أعمالاً تعكس الهوية الإيرانية عبر دمج النقوش التقليدية والخط، وآخرين، وقد نُظم معرض للخط التصويري تحت عنوان ”تداعي سقّاخانة” في بيت الثقافة والفن في العاصمة الإيرانية طهران، وتضمن المعرض 32 عملًا فنيًا في الخط التصويري، من 13 فنانًا في الخط التصويري، وفنان رسام ومصمم جرافيك، ومن الفنانين المشاركين إبراهيم حقيقي، علي رضا روح الأميني، والخطاط الإيراني مهدي كاوُش الذي التقته وحاورته صحيفة الوفاق، وذلك للغوص عميقاً في عالم هذا الخط وأساليبه الدقيقة والمتقنة والخلابة، وللتعرف على تنظيمه ومشاركته في معرض الخط التصويري ”تداعي سقّاخانة”، وفيما يلي نص الحوار:
ويشير الفنان كاوُش بأنه استفاد من بعض التقنيات الرقمية في جزء من المعرض الذي أقامه سنة 2011م: “بدأت أولاً بالرسم بالحبر على الصفحات البيضاء، ثم استخدمت البرمجيات، وفي المرحلة التالية على قماش الرسم، وصلت إلى المرحلة الثالثة والأخيرة التي كانت لوحة الخط التصويري.
ويؤكد الفنان كاوُش إلى تفاعل واسع مع الأعمال المستلهمة من مدرسة “السقاخانة”، إذ إن الإلهام من الصور والزخارف الثقافية والوطنية والتقليدية والدينية والإسلامية من جهة، واستخدام الخط الذي يحمل دلالات ومعاني رائعة من جهةٍ أخرى، كلاهما كان دائمًا جذابًا ومليئًا بالطاقة في هذه الأعمال ذات طابع “السقاخانة”. وقد أبدى الجمهور اهتمامًا خاصًا بهذه الأعمال التي تمزج بين التقليد والحداثة، وعندما يتحدثون معنا، يعبرون عن رغبتهم في التعرف على إمكانية الوصول إلى مثل هذا المستوى من الإبداع الفني عبر إكمال دورات الخط والدورات الفنية.
الاعتماد على التجربة