الدكتورة ليلى صالح
ترميم الردع الصهيوني!
في مطلع العام ٢٠٢٥ يتسلم «ترامب» منصبه على خلفية الإنجازات غير المسبوقة بحسب سرد «الجيش الصهیوني وعناصر الاستخبارات» في الأشهر الأخيرة في القضاء على القيادات والقدرات العملانية لكل من «حماس» و«حزب الله»، وسقوط الأسد وتدمير السلاح المتطور في سورية على يدَي سلاحَي الجو والبحر الصهيونيان.
ويقدم هذه الانجازات للإدارة الأمريكية والداخل الصهيوني في إطار عملية ترميم قدرة الردع الصهیوني، بقدراتها العسكرية والاستخباراتية، فهل استطاعت هذه العملية بحسب المعطيات الميدانية ترميم قدراته الاستخباراتية التي أسقطتها عملية «طوفان الاقصى»، وعملية «اولي البأس» باستهدافها مواقع استراتيجية؟ وهل استطاعت قواته العسكرية أن تحسم المعركة البرية في «جنوب الليطاني» في لحظة مصيرية وحاسمة استجدى فيها وقف إطلاق النار من ثلة مقاومين تعرضوا لثلاث ضربات قيادية ولوجستية وعسكرية، لكنها لم تسقطهم؟!
المشهد السياسي لمنطقة غرب آسيا
قبل الخوض في المستجدات الجديدة لتشكل المشهد السياسي في المنطقة، يمكن تلخيصه بأننا أمام متغيرات اقتصادية سياسية متداخلة بين المصالح الدولية والاقليمية، أحد نواتجها الاقتصادية الصراع على النفط بين الاكراد الذين يعملون للحكم الذاتي ويهددون بدورهم الأمن القومي التركي وتدعمهم امريكا لتبقى مسيطرة ومتحكمة بالنفط، وبين هيئة تحرير الشام المتمثلة بالحكومة السورية الجديدة التي لم تنكشف بعد كامل فصولها السياسية، برضوخها للحكم التركي المباشر أم بالاستقلال الذاتي بهوية إسلام سياسي أم نموذج لنظام سياسي يجمع بين الإسلام السياسي والعلمانية، هذا فضلاً عن وضوح الاحتلال الصهیوني للمنطقة العازلة والنقاط الاستراتيجية التي تؤثر على كل المنطقة مع تحقيق تلمودية ما يعرف بممر داوود، بالتالي المشهد السياسي السوري مع استمرار قانون قيصر والضغط الاقتصادي، أمام مروحة واسعة من التشكيلات المتغيرة بالاتجاهات التي ستنتظم بها الجماعات الداخلية وداعميها الخارجيين وأولوياتهم.
الردع الإقليمي
الصورة الضبابية للمشهد السياسي الذي من الصعب لأية قوى دولية أو اقليمية حسمه، يسمح لنا بقراءة مشهد الردع الإقليمي في المنطقة، بداية، بالتوقف عند استغلال القوات الصهيونية لحظة فوضى انتقالية لسقوط النظام وعجز الجيش السوري عن التصدي، توغلت «القوات الصهيونية» في مهاجمة الجنوب السوري والقدرات الاستراتيجية التي لم يجرؤ العدو على قصفها قبل ذلك، بالرغم من وجود التهديد الأمني لها. ثم فشل «القوات الصهيونية» من ردع اليمن بعد هجومات صهيونية ثلاث منذ ٧ تشرين اول ٢٠٢٣ من مهاجمة «تل أبيب» كما فشلوا في ردعهم عن مهاجمة الملاحة الدولية الصهيونية في البحر الاحمر، استدعى تأكيد «نتنياهو» عجز «القوات الصهيونية» عن مواجهة اليمنيين بمفردها بتصريحه بأن الکیان الغاصب سوف یعمل ضد اللجان الشعبية اليمنية، لكن ليس بمفرده. وإلزام المقاومة اتفاق وقف اطلاق النار بين «الدولة اللبنانية والكيان المؤقت» بملاحظات في معركة اولي البأس تفرض الالتزام بقواعد اشتباك جديدة، فضلاً عن انتظار «الرد الإيراني» الحتمي على الكيان الصهيوني بعد خروج إيران من الصبر الإستراتيجي إلى الردع الاستراتيجي.
كل هذه المعطيات تسمح لنا بالاستنتاج بأن أكثر ما استطاعت إدارة «الكيان المؤقت» من القيام به هو التوصية لإدارة «ترامب» تحدث بها جهازه الأمني والاستخباراتي «ديفيد بريتاع» بمهاجمة إيران، فأين قوة الردع الصهيونية الإقليمية!!
جل ما يسعى إليه «نتنياهو» بعد تولّي ترامب الرئاسة، هو عملية مشتركة تعيد تحجيم اللجان الشعبية اليمنية ومنعهم من أن يصبحوا قوة مخلة بالنظام والاقتصاد العالميَين بحسب تعبيره. وهذا ما قصده عندما طلب من مواطني الكيان الغاصب التحلي بالصبر، مشيراً إلى انتظار أن يدخل ترامب البيت الأبيض، وعندها سيتم التعامل مع اللجان الشعبية اليمنية بالصورة المناسبة وفي هذا الصدد، بحسب تعبير نتيناهو سيساعد التهديد الصهيوني في تحقيق الردع الترامبي في المنطقة، فهل التهديد الصهيوني حقيقةً يثير الرعب في بيئة المقاومة في كل ساحات المحور… لننتظر… الحق ما تراه وليس ما تسمعه.