رئيس جمعية الإمام الصادق(ع) لإحياء تراث علماء جبل عامل :

”أعلام الهدى”.. برنامج ثقافي تاريخي يخاطب الناس بكل طبقاتهم

خاص الوفاق : تقديم التاريخ عبر البرنامج التلفزيوني أسلوب جديد قائم على خطاب مباشر للجمهور من كل الفئات المجتمعية وليس مجرد رواية أو قصة تتناقلها الكتب بصورة علمية بحتة

2024-12-31
عبير شمص

 

البحث في التراث عملٌ شاق يتكون أولاً من فهم دقيق للأحداث ولمسارات الأشخاص وثانياً كيف نوصل ما توصلنا إليه للآخرين، فهناك مواصفات يجب أن يتصف بها المتصدر لهذا الشأن من إمتلاكه للعلم والثقافة والتجربة وفهم الحيثيات والمسارات والأهم أن لا يكون مُقلداً سلفاً لأي باحث أو مفكر أو صاحب طريقة لأن هذا سوف يسلبه القدرة على التشخيص والجرأة على إتخاذ القرارات، وهناك طرق لتقديم هذا التراث إما عبر الكتب والندوات العلمية والمؤتمرات، أو البرنامج التلفزيوني الذي يصل إلى شريحة واسعة من الجمهور من المثقفين والمهتمين وعامة الناس، ويتعلق مدى نجاحه واستمراره بأسلوب تقديمه، وفي هذا السياق حاورت صحيفة الوفاق الشيخ حسن البغدادي عضو المجلس المركزي في حزب الله ورئيس جمعية الإمام الصادق(ع) لإحياء تراث علماء جبل عامل عن برنامجه التلفزيوني ”أعلام الهدى” على تلفزيون الصراط، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

إحياء تراث علماء جبل عامل 
فيما يتعلق بتبلور فكرة إحياء تراث علماء جبل عامل أجاب الشيخ البغدادي:”هذه الفكرة  لم تكن جديدة وكانت تراودني دائماً فكرة الحديث عن أعلام جبل عامل بما لهم من خصوصية على المستوى العلمي والاجتماعي والسياسي والنهضوي، فهم أصحاب مسارات متعددة وشع نورهم ليس على جبل عامل والمنطقة فقط، إنما على سوريا والعراق وإيران والهند واليمن وحتى مكة المكرمة ومصر وغيرها، وكان لهم علاقات مع علماء الإمامية والمذاهب الإسلامية وأسسوا لمسارات متعددة، لذلك ارتأيت أن نطلق فكرة إحياء تراث علماء جبل عامل لنسلط الضوء على كل هذا المسار، وهذه الفكرة لم تستقر في بداية الأمر نتيجة الضغوط السياسية والأمنية التي كانت تحيط بنا، حتى سنة2008، انطلق العمل بها وأصبحت ملف إحياء تراث علماء الشيعة في حزب الله”.

 

ويشير الشيخ البغدادي إلى:” أن إحياء التراث من بوابة علماء جبل عامل يجعلنا نسلط الضوء على مختلف الميادين، فعندما أتحدث عن الشهيد الأول الذي قتله المماليك في دمشق ظلماً وعدواناً في سنه 786 ه، أسلط الضوء ليس فقط على تراثه الفكري والفقهي بل على الوحدة الإسلامية فهو رائدها، وقُتل في سبيلها، كذلك الشهيد الثاني “المحقق الكركي” فنتحدث عن إحيائه الحوزة العلمية في العراق التي ظهرت قيمتها بعد النكبة التي أصابت جبل عامل على يد العثمانيين عام 1781 م، وذهابه إلى إيران وتأسيسه النهضة الدينية وإطلاق المذهب الإمامي هناك، حتى بعد انتهاء الحكم الصفوي لم ينته معهم التشيع واستمر، وكانت الثورة الإسلامية من بركات ما أنجزه هؤلاء الأعلام، إذاً عندما نسلط الضوء على إحياء تراث هؤلاء، فنظهر كل المسارات السياسية الفكرية والوحدوية الاجتماعية النهضوية المرتبطة بتاريخنا والتي أطلقها هؤلاء على اختلاف أحجامهم ومراحلهم”. 
خطاب مباشر للمتابعين 

يشرح الشيخ البغدادي أسباب تنفيذه لبرنامج تلفزيوني عن تراث علماء جبل عامل، فيقول:” في البداية فكرت كثيراً عن كيفية تقديم هذا التراث بأسلوب جديد للناس، فهل نعتمد العودة إلى الكتب، هناك العديد من المؤلفات حول هذا التراث لعلماء كبار أمثال السيد “محسن الأمين” وموسوعته الكبيرة عن الشيعة و”الطهراني” وغيرهم، لذا كان رأيي تقديم التاريخ بأسلوب جديد يراعي مقاربات وفهم حيثيات ومطالعة بمسارات بحيث نستفيد منها نحن اليوم ولا تكون مجرد حكاية أو قصة ننقلها للمشاهدين فاعتمدنا طريقين طريق الكتابة بأسلوب جديد يراعي الحيثيات والمسارات وكذلك الخطاب المباشر عبر التلفزيون، في البرنامج التلفزيوني نُكرم العالم ونتحدث عن المسارات التي سار وفقها إن هو من أسسها أو عمل عليها، وهذا البرنامج تفاعل معه المشاهدون وترك أثراً طيباً عندهم، ومدة البرنامج خمسون دقيقة وهي تكون كافية للحديث عن السيرة الذاتية للعالم وعن المرحلة السياسية التي عاش بها، وعن إنجازاته في المسار الأخلاقي الاجتماعي والسياسي والوحدوي، وأقدمها للمشاهدين بطريقة ترسم مسارات لنا في زماننا، وأننا يمكن أن نسير وفق هذه المسارات والخطوط العامة التي أسسها هذا السلف الصالح، والبرنامج  إسمه “أعلام الهدى” وقد شهدنا في السنوات الأخيرة  العديد من الجمعيات بدأت تنشط في إحياء تراث العلماء، نحن سنينا سنةً حسنة، وقد نجحت هذه التجربة، والبرنامج ما زال مستمراً منذ عدة سنوات ولا زال يتابع طريقه ولن يتوقف بإذن الله.”

 

برنامج للجميع

 

فيما يتعلق بالمادة المقدمة في البرنامج وكيفية توفيقها بين المتابعين المتخصصين وبين عامة الناس، أجاب الشيخ البغدادي:” برنامجي ليس موجهاً للمتخصصين مع أنهم بإمكانهم متابعته والإستفادة منه، بل هو للجميع لأنني لا أقدمه بطريقة علمية جافة وتاريخية بحتة، عندما أتحدث عن مرحلة تاريخية أو سياسية أو اجتماعية، فأقدمها ببيان سلس يقرأه ويفهمه الجميع  من دون استثناء، يستأنس به العالم والدكتور والوزير والمرأة والشاب، لذلك متابعي البرنامج من كل الطبقات وليس في لبنان فقط، في العراق وإيران والدول العربية وبلاد الإغتراب، لأن الأسلوب شيق وليس مملاً أو مُتعِباً، يستفيد منه الجميع وفق ما يريدون، من إطلالة عامة إلى تعمق في عناوين محددة، أجمع بين كل هذه العناوين وبين كل هذا الطبقات المجتمعية معتمداً على الأسلوب وعلى البيان وموسعاً في دائرة الكلام والتبيان عن هذه الحقائق”.

 

ويشير الشيخ البغدادي:” يترافق مع البرنامج التلفزيوني برنامج إذاعي في إذاعة النور، وندوة شهرية أو إحتفال تكريمي، ومؤتمر دولي سنوي يضم باحثين من لبنان وإيران والعراق وسوريا وكل المنطقة، كل الوسائل مشروعة ومتاحة لدينا في سبيل تقديم هذا التاريخ والتراث والمسارات لأهلنا وشعبنا لنؤكد على تكريم هؤلاء الأعلام ونُبين ما قاموا به وفعلوه حتى نقتدي بهم”.

 

 

إختيار العلماء

 

يوضح الشيخ البغدادي بشأن إختيار العلماء المنوي الحديث عنهم في البرنامج التلفزيوني والبرامج الثقافية الأخرى، فيقول:” بالنسبة للمؤتمرات قسمنا الى قسمين علماء أصحاب مادة علمية وعلماء ليس لديهم، مثلاً العالم المجتهد والذي لا يملك تراثاً إما لأنه لم يكتب أو ضاع بسبب إهمال الورثة أو بسبب حرق المكتبات في الحرب الأهلية أو العدوان الصهيوني، فهناك الكثير من تراثنا ضاع فما العمل، على سبيل المثال الشيخ حسين مغنية عالم جليل لكن ليس له تراث، فأقدّم له حلقة على التلفزيون بينما العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين يملك تراثاً ضخماً  فنُنظم له مؤتمراً يناقش تراثه ويعرضه للعالم، أما بالنسبة إلى اختيار الأماكن أنا أحرص على تكريم العالم في قريته أو البلدة التي عاش فيها إن كان في البرنامج التلفزيوني أو في الندوة أو المؤتمر، وذلك تكريماً لأهل البلدة ولكي يشعروا بدور ومكانة هذا العالم، عندما أقمنا مؤتمراً حول المحقق الكركي حضر أناس من الطائفة المسيحية من القرى المجاورة، وكانوا يشعرون وكأننا نقيم أسبوع لهذا العالم مع أنه متوفى منذ 500 سنة إلاَ أننا قدمناه بطريقة وكأنه توفي قبل أيام.”

 

في الختام تحدث الشيخ البغدادي حول جمعية الإمام الصادق(ع) لإحياء تراث جبل عامل، فقال:”انطلقت فكرة تأسيسها مني كمبادرة شخصية في البداية وبقيت لسنوات، لكن لاحقاً عندما كنت  أتولى مسؤولية ملف العلماء عند سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، بدأنا التفكير عن كيفية إحياء هذا التراث، فاقترحت حينها على الشهيد السيد هاشم صفي الدين للتحدث مع سماحة السيد بجعل هذه الجمعية وحدة مركزية في حزب الله وتمت الموافقة بسرعة وصدر قرار من الشورى بذلك، واستمرت بالعمل منذ 2008 إلى يومنا هذا، وأشار الشيخ البغدادي إلى أنها لا تختص فقط بتاريخ علماء جبل عامل بل تتطرق إلى علماء الشيعة في ايران والعراق مثل الإمام الخميني (قدس) والسيد الخوئي و…”

 

 

 

 
المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة