من وجهة نظر الشخصيات العلمية والأكاديمية الإيرانية

الجزر الثلاث و”الوفاق” مع الجيران

خاص الوفاق: شارك أساتذة بارزون وخبراء في مختلف المجالات في المؤتمر الوطني الذي ركز على تطوير الجزر الثلاث و"الوفاق" مع الجيران، حيث قدموا حلولاً مختلفة لهذا الموضوع، ورفضوا نظرية عزلة إيران، مطالبين بالحوار على المستوى الوطني أولاً، وتعزيز عناصر التفاعل مع الجيران، وإعادة تعريف مكانة إيران.

2024-12-31

في ضوء تصاعد الادعاءات الخاطئة بشأن ملكية الجزر الثلاث الإيرانية في الخليج الفارسي (بوموسى، طنب الكبرى وطنب الصغرى) في الأشهر الأخيرة، ومع الأخذ في الاعتبار المسؤولية الاجتماعية للأكاديميين في دراسة القضايا الراهنة، وتحليل الظروف، وتقديم حلول فعالة وعلمية بهدف زيادة الأمن وتوفير بيئة التنمية والتقدم، عقدت جامعة العلامة الطباطبائي يوم الإثنين مؤتمراً وطنياً تحت عنوان «التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجزر الثلاث وتعزيز الوفاق مع الجيران» بهدف التفكير المشترك حول آفاق تطوير هذه الجزر.

 

اجتمع شجاع أحمدوند القائم بأعمال رئيس جامعة العلامة الطباطبائي، ومحمد بهشتي عضو المجلس الأعلى للتراث الثقافي، والأساتذة في كلية الإدارة بالجامعة لتقديم حلول للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للجزر الثلاث. وكان هؤلاء الأساتذة قد قاموا بزيارة الجزر الثلاث قبل عقد هذا المؤتمر.

 

 

* يمكن للجامعة أن تتولى تصميم نموذج التنمية للجزر

 

تناول الأمين العلمي لهذا المؤتمر مسألة السيادة في العالم الحديث، وقال: “أساس السيادة في العالم الحديث اليوم هو العيش بشكل أفضل والخير العام في البيئة العالمية، وقد حلت هذه المسألة محل السيادة من أجل الأمن وتجنب المخاطر.”

 

وطرح حسين سليمي هذا السؤال: “كيف يمكن الحفاظ على هذه السيادة في مسار التنمية، وكيف يمكن لإيران أن تحقق هذا النموذج؟” وأشار إلى أمثلة لتطوير الجزر البعيدة عن الأرض الرئيسية مثل نماذج بورتوريكو وجوادلوب، وقال: “ربما تساعدنا هذه النماذج في تطوير الجزر الثلاث.”

 

ورأى الأستاذ في جامعة العلامة الطباطبائي أن تطوير المجتمع هو الشرط الأساسي لإنشاء التنمية، وذكر أربعة مجالات لإمكانية التنمية للجزر، والتي تشمل السياحة، الأسواق التجارية في المنطقة الحرة، وحماية البيئة.

 

 

*رفض نظرية عزلة إيران

 

تناول هادي خانیکي، أحد الشخصيات العلمية والأكاديمية الأخرى المشاركة في المؤتمر، قراءة تاريخية لهذه الجزر الثلاث، وقال: “في الأشهر الأخيرة، أثيرت مسألة قديمة حول الجزر الثلاث، والتي كانت تهديدًا للأمن القومي الإيراني، ولهذا السبب كانت هذه الجامعة رائدة في تنظيم هذا المؤتمر.”

 

وطرح عضو الهيئة التدريسية في كلية علوم الاتصالات بجامعة العلامة الطباطبائي مسألة ما إذا كانت مسألة ملكية الجزر الثلاث والادعاءات ضدها مسألة جديدة، وقال: “يجب أن نرى الكلية والموضوع داخل البنية الثقافية لإيران. هل إيران منطقة اتصال على مستوى العالم والإيرانيون أهل اتصال أم أن إيران وحيدة؟ استنتاجي هو أن إيران ليست وحيدة والإيرانيون ليسوا وحيدين. عندما نفهم إيران بشكل مجزأ أو نرى إيران وحيدة، فإنها رواية غير مناسبة ولا تتوافق مع الواقع التاريخي لإيران، لذلك إيران لم تكن ولن تكون وحيدة.” وأضاف: “اليوم، مع سرعة انتشار العولمة، يجب أن نكون أكثر حضورًا وفعالية.

 

وأشار خانیکي إلى وجود 6 عقبات في هذا السياق، وقال: “العقبة الأولى هي عزلة إيران، وهي فهم وخطة ضارة لإيران. الثانية، من الناحية التاريخية، عدم التوافق مع الواقع؛ إيران والإيرانيون كانوا دائمًا دولة عالمية ولم يكونوا وحيدين، وكانت إيران دائمًا دولة عالمية ولها دور ومساهمة خاصة في العالم، في تطوير العلم، في الحضارة، في الثقافة وفي السياسة. العقبة الثالثة؛ تقع في امتداد عقلية الفشل التي عانت منها إيران في العصر الحديث، والعقبة هي أننا اليوم في جمع ولكن نرى أنفسنا وحيدين وهذا يبعدنا عن التنمية. العقبة الخامسة هي هجرة النخب، والسادسة هي عدم الاهتمام بالقضايا مما جعلنا دائماً نقع في الشك وسوء الظن.”

 

 

*الرفاه في منطقة الخليج الفارسي يتطلب تغيير النهج التقليدي

 

وقال محمدرضا حافظ نيا، الأستاذ في جامعة تربيت مدرس، في هذا المؤتمر: “موضوع النقاش في هذا المؤتمر هو التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الجزر الجنوبية للخليج الفارسي، وتُعرف هذه المنطقة بأنها المجال الطبيعي للمجتمع الإيراني.”

 

وأعلن موضوع نقاشه كنظرية التقارب الاقتصادي في منطقة الخليج الفارسي، وما يجب فعله لكي يتحرك الخليج الفارسي نحو التقارب.

 

وذكر هذا الأستاذ الجامعي أربعة أمور لتحرك الخليج الفارسي نحو التقارب، والتي تشمل: الاهتمام الجاد من القادة السياسيين في المنطقة للحوار وبناء الثقة المتبادلة، خاصة بين القوى الثلاث الإقليمية، إنشاء جسور تكتيكية للتواصل الثنائي على الفجوة الاستراتيجية بين إيران والسعودية، المشاركة العقلانية والمسؤولة لعلماء الدين الشيعة والسنة، والاهتمام ببدء عملية التقارب التدريجي.

 

ويعتقد أن إنشاء نظام للتقارب والأمن الإقليمي في الخليج الفارسي هو النتيجة النهائية للمراحل، ومن هذا المنطلق، يبدو أن تحقيق هدف تأمين الأمن والتنمية والرفاه في منطقة الخليج الفارسي يتطلب تغيير النهج التقليدية إلى اعتماد استراتيجية جيوسياسية اقتصادية.

 

وقال حافظ نيا: “إن تحقيق هدف تأمين الأمن والتنمية والرفاه في منطقة الخليج الفارسي يتطلب تغيير النهج التقليدية إلى اعتماد استراتيجية جيوسياسية اقتصادية أساسية، أو ما يُعرف بالبعد الاقتصادي الجيوسياسي، المبني على هوية ووظائف جوهرية لهذه المنطقة.” وأضاف: “الاستراتيجية وتأسيس المؤسسات الاقتصادية الشاملة للمنطقة، واعتماد استراتيجية وتأسيس المؤسسات الاقتصادية الشاملة وإنشاء منظمة التعاون الاقتصادي الإقليمي، على أساس الطاقة والصناعة والتجارة والسياحة، والبنوك والتأمين والتكنولوجيا، بهدف تحويل الفضاء الجغرافي المائي للخليج الفارسي إلى منطقة صناعة وتكنولوجيا متقدمة في العالم.”

 

 

* إيران أرض الموارد الطبيعية

 

كما تحدث سيد محمد بهشتي في هذا المؤتمر، وطرح السؤال: “أين تقع هذه الجزر الثلاث، وما سبب كون هذه الجزر خضراء ومن أين يأتي ماؤها؟” وأردف: “إيران أرض الموارد الطبيعية؛ لدينا الكثير من الإمكانيات غير المستغلة؛ وإن فن العيش في أرض إيران عبر التاريخ -الذي يساوي تاريخ البشرية- هو فن تحويل الموارد إلى واقع.”

 

وأضاف عضو المجلس الأعلى للتراث الثقافي: “لا يمكننا أن نكون دولة عادية؛ فلتحقيق التحول من الإمكانات والموارد إلى الفعل، كنا نركز على أن إيران أرض غير مستقرة، وبقبولنا بفكرة عدم الاستقرار هذه، حولنا إمكانياتنا إلى واقع.

 

 

* الحفاظ على التراث الغني للجزر الثلاث

 

من جانبه، تطرق القائم بأعمال رئيس جامعة العلامة الطباطبائي، في ختام المؤتمر، إلى دور الجامعة في تطوير موضوع المؤتمر، وصرح بضرورة تحويل الجامعة إلى مؤسسة لحل المشكلات، وقال: “أعتقد أن الجامعات في العصور الجديدة لديها مهمتان رئيسيتان؛ الأولى هي التطرق إلى مشكلات المجتمع وابتكار الأفكار لحلها، والثانية هي تشكيل صورة وطنية في الرأي العام، حيث الجامعات المرجعية اللازمة لتشكيل الصورة الثقافية والوطنية للبلاد.”

 

وقال شجاع أحمدوند: “أحد الأمثلة على إمكانية دور الجامعة في تطوير المناطق المختلفة في البلاد هو الاهتمام بطرق تحسين الظروف المعيشية في الجزر الثلاث الإيرانية. السعي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هو أيضاً

أحد أركان الحفاظ على مصالحنا الوطنية. ولتحقيق هذا الهدف، من الضروري أن تقدم الجامعة، أولاً، صورة تنموية عن هذه الجزر وفقاً لمسؤوليتها الاجتماعية، وثانياً، على الحكومة والمؤسسات المدنية والقطاع الخاص اتخاذ خطوات ثقافية واقتصادية مهمة لتحفيز الحس الوطني تجاه تطوير هذه الجزر وجذب المستثمرين إليها.”

 

وأضاف أحمدوند: “الخطوة الثالثة هي استكمال هذه الخطوات والاستفادة القصوى من الإمكانيات الكامنة في هذه الجزر من خلال تعاون النخب، خاصة النخب الأكاديمية والحكومية والخاصة، بحيث تقوم الجامعة بتحديد المسار، وتقوم الحكومة والقطاع الخاص بوضع الأساسات. تسعى هذه الجامعة، مع مراعاة أهمية الجزر الثلاث، إلى مشاركة رؤيتها العلمية مع الحكومة. ولتشكيل صورة تنموية لهذه الجزر، ينبغي أن تتخذ المؤسسات الوطنية، إلى جانب الاستثمار الخاص والعام، خطوات ثقافية هامة.”

 

وقال أحمدوند: “هذه الجزر تمتلك تراثًا غنيًا، وتطوير السياحة الثقافية في هذا الصدد ضروري لرسم صورة واضحة عن متطلبات وضرورات التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية للجزر الثلاث في الخليج الفارسي. بالإضافة إلى ذلك، سيساهم هذا في تعزيز المرجعية العلمية للجامعة، ودعم الحوار الإقليمي وتعزيز التعاون مع دول الجوار في المجال الخارجي.” وأضاف: “كما يتطلب بناء صورة تنموية أن تتخذ المؤسسات العلمية والثقافية، إلى جانب المستثمرين في القطاعين الحكومي والخاص، خطوات ثقافية واقتصادية أولية، وجذب انتباه المستثمرين إلى هذه المنطقة لتحفيز الاستثمار فيها.”

 

وأشار القائم بأعمال جامعة العلامة الطباطبائي إلى بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها في تطوير الجزر الثلاث، وقال: “الإسكان والبنية التحتية الحضرية هي الأولوية الأولى للسكان المستقلين، لذلك يجب توفير الإسكان المناسب للسكان الحاليين والعاملين هناك، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية مثل المستشفيات والخدمات الحضرية والمدارس.” وأضاف: “إن بناء الموانئ والمطارات ومحطات النقل لتعزيز النقل والتجارة أمر ضروري للغاية. هذه الجزر تمتلك تراثًا غنيًا يمكن أن يكون محورًا للسياحة في المنطقة، وتطوير السياحة الثقافية والطبيعية، وخاصة السياحة البحرية، التي تعتبر إحدى أولويات تطوير هذه الجزر. كذلك إقامة المهرجانات الثقافية المشتركة، والمعارض التاريخية، والجولات الطبيعية يمكن أن تعزز العلاقات الثقافية حتى مع جيراننا.”

 

   

 

المصدر: الوفاق-خاص