هل ذهبت دماء الشهداء في سورية سدى؟

سيرة شهدائنا حافلة بالمواقف المحمودة والعظيمة، وحبذا لو تم الإهتمام بتراجم الشهداء وعطائهم وتضحياتهم وإدخالها في ضمن المناهج الدراسية.

2025-01-04

د. محمد العبادي

 

العظماء يفكرون ويعيشون بطريقة بسيطة ومختلفة، لأنهم أصحاب مسؤولية، وأصحاب رسالة، وأصحاب هدف.

 

لقد كان الشهداء يعملون بتكليفهم، ويستخدمون طاقتهم وقابليتهم الفكرية والجسدية والنفسية في أداء وظائفهم. كم هي كبيرة وقوية تلك التي الكلمة قالها الإمام الخميني (رض): “كلنا مأمورون بأداء التكليف والواجب، ولسنا مأمورين بتحقيق النتائج”.

 

إنّها كلمة عظيمة لخصت لنا المهمة من خلال العمل بمفهوم الطاعة رغم وعورة الطريق وتعرجاته.

 

لنستنجد بالتاريخ، فقد ذهب الرسول الأكرم (ص) إلى معركة أحد لمواجهة جيش الشرك، وعمل بتكليفه في وضع خطة المعركة للمسلمين لكن نتائج المعركة لم تكن في صالح المسلمين، فهو قد عمل في ضوء واجبه ووظيفته أما نتائج تلك المعركة والإنتصار فيها فيمكن أن تتحقق، وقد لا تتحقق، وهكذا في معركة صفين، ومعارك أخرى.

 

لقد استقبل قائد الثورة الإسلامية يوم الأربعاء حشداً من عوائل الشهداء في ذكرى استشهاد الشهيد قاسم سليماني والشهيد ابو مهدي المهندس وفي أثناء حديثه أجاب السيد الخامنئي عن السؤال والشبهة التي يرددها بعض المحللين بسبب غياب الفهم الصحيح للقضايا حيث يتصورون “بأن الدماء التي أريقت دفاعاً عن المراقد المقدسة قد ذهبت سدى!

 

هؤلاء يرتكبون خطأ كبيراً؛ فلو لم يتم تقديم تلك التضحيات ولم يتم هذا النضال، ولم يتحرك الحاج قاسم سليماني بتلك الشجاعة في جبال وصحاري هذه المنطقة ولم يجلب معه “هؤلاء الشهداء”، لما كان هناك اليوم وجود للعتبات المقدسة.

 

كونوا على ثقة، لو لم يكن هذا الجهاد لم يكن هنالك اليوم وجود ليس فقط للعتبة الزينبية، بل أيضاً للعتبات المقدسة في كربلاء والنجف. والدليل على ذلك هو ما حدث في سامراء. رأيتم كيف هدموا مرقد العسكريين عليهما السلام. من فعل ذلك؟

 

فعل ذلك التكفيريون بمساعدة الأمريكان. مثل هذا الأمر كان سيحدث في كل مكان لو لم يتم هذا الدفاع.” (انتهى الإقتباس).

 

نعم كان تنظيم داعش الإرهابي قد هدد الشيعة واعتبرهم مرتدين ومشركين حيث كتب على صفحته في “تويتر”: “ان هدفنا هو تدمير رموز الشرك في النجف وسامراء وكربلاء، وبعد تدمير الرموز في العراق سنأتي لهدم مشهد في إيران”.

 

لقد وقف الشهداء سداً منيعاً أمام هذا التنظيم الهمجي وأهدافه المشؤومة، ولولا تضحياتهم لشاهدنا ما وقع على الأقليات الدينية كالإيزديين والمسيحيين يتكرر على المسلمين الشيعة بل وعلى المسلمين السنة أيضا، وقد تم رصد العديد من الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش الوحشي حيث بلغ عدد المشايخ الذين قتلوا على أيدي هذا التنظيم (٣٧٥) إماماً وخطيباً وحسبنا أن نشير إلى قتلهم العلامة البوطي .

 

إنّ دماء الشهداء مباركة، فقد استشهد الفريق قاسم سليماني والمهندس، وهي خسارةكبيرة ، استشهد فرد واحد، فنهضت له أمة، تشيعه وتزوره مزاره، وتردد مواقفه، وتقتفي أثره.

 

لقد شاهدنا اليوم كيف أن الناس خرجوا لإحياء ذكرى شهادة الشهيد سليماني والشهيد المهندس رغم غزارة الأمطار في بعض المناطق، وتساقط الثلوج في مناطق أخرى، ورغم برد الشتاء القارص، لكنهم لم يعبأوا بذلك، وكأنّهم أخذوا من الشهيد سليماني استسهاله لصعوبات العمل، فجسدوها لزيارة قبره رغم ذلك البرد الشديد.

 

إنّ سيرة شهدائنا حافلة بالمواقف المحمودة والعظيمة، وحبذا لو تم الإهتمام بتراجم الشهداء وعطائهم وتضحياتهم وإدخالها في ضمن المناهج الدراسية، وما أحوجنا اليوم إلى معرفة سيرتهم وأقوالهم لأخذ العبرة والعظة منها.

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص