موناسادات خواسته
التطورات الإقليمية الأخيرة كثيرة، ومنها الصواريخ اليمنية التي دكّـت الكيان الصهيوني وكان لها صدى كبير، وأخيراً مررنا بالذكرى الخامسة لإستشهاد قادة المقاومة الشهيد سليماني، والشهيد أبومهدي المهندس، ففي ظل الظروف الحالية أجرينا حواراً مع الأكاديمي والباحث اللبناني الدكتور نبيه أحمد، وفيما يلي نص الحوار:
الصواريخ اليمنية
بداية طلبنا من الدكتور نبيه أحمد لكي يبدي لنا رأيه حول الأحداث الأخيرة في المنطقة والصواريخ اليمنية التي أربكت الصهاينة، فقال: مما لا شك فيه أن هذا العام كان عاصفاً على كافة الصعد، وإن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة تسببت في تغييرات كثيرة، وعلى خلاف كل التوقعات، فحرب طوفان الأقصى كانت سبباً في كشف كافة المخططات التي كانت الدول الكبرى ترسمها من أجل تطبيق سياسة الهندسة العكسية التي كانت قد تحدثت عنها “إسرائيل” منذ قبل 2011، وإن ما يجري حالياً هو استكمال تطبيق تلك السياسية، من أجل إجراء تغييرات سياسية وديموغرافية في المنطقة. فإسرائيل مثلاً، تطمح الى احتلال أراضي جديدة في جنوب لبنان لإقامة مستوطنات فيها، وتركيا ساهمت في إنهيار النظام السوري الأسدي، وإقامة دولة تنتهج سياسة الإخوانية، دون معادات “إسرائيل”، بل على العكس، قامت بالسكوت عن كل التعديات التي قام بها الصهاينة وأدت إلى تدمير كل دفاعات الجيش السوري، بل أكثر من ذلك قامت باحتلال القنيطرة والجولان بشكل رسمي، واعتبرته أرضاً تابعة لها، أما في لبنان، فما يزال العدو الصهيوني، ضمن مهلة إتفاق وقف إطلاق النار، يقوم بتدمير البنى التحتية للقرى الجنوبية، واستفزاز الأهالي والسكان، تحت أنظار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، ويتعامل مع الامر بصيغة المنتصر المتكبر التي لا يجرؤ أحد على النظر إليه، ولكن ما يخرق كل هذه التحولات، هو إستمرار الجمهورية اليمنية بقيادة السيد عبد الملك الحوثي في الدفاع عن غزة، من خلال ضرب أهداف في عمق الكيان، وإغلاق طريق الملاحة البحرية أمام السفن، هذه المعادلة ما تزال بصيص الأمل والنور الى كل المستضعفين، الذين يرون في البأس اليمني بارقة نجاة في مواجهة قوى الغطرسة العالمية في المنطقة.
تطور ورسالة صواريخ المقاومة
وعندما سألنا نبيه أحمد عن الرسالة التي تحملها تطور صواريخ المقاومة ودك الكيان الصهيوني، قال: إن تطور السلاح الصاروخي لدى المقاومة، شكل أداة ردع للعديد من التهديدات التي كان الصهاينة ومعهم أميركا، فيمكن القول أن سياسة المثل بالمثل هي سياسة جديدة للمقاومة، تقصفون مطاراً نرد بالمثل، بنى تحتية نرد بالمثل، وما يمكن هذه السياسة من تحقيق الهدف هو امتلاك المقاومة لتلك الصواريخ الفعالة، من باليستية الى فرط صوتية وغيرها، وهي أصبحت بؤساً وشقاءاً على العدو لانها تستطيع ضرب أي هدف في أي مكان.
إغتيال قادة النصر
قبل أيام كانت ذكرى استشهاد قادة النصر، فسألنا الباحث اللبناني عن رأيه حول إغتيال قادة المقاومة على يد الكيان الصهيوني المجرم، وهل نجح في تحقيق أهدافه؟، فأجاب: يعتبر العدو بأن إغتيال رأس الهرم العسكري كفيل بتفكيك الجيش ودب الذعر بين المقاتلين، لكن أثبتت التجربة، بأن مسيرة المقاومة هي إستمرار لنهج إسلامي ولائي على مرّ الاجيال منذ أيام الرسول الأكرم(ص)، فهؤلاء القادة هم صانعو مدرسة حسينية علوية متكاملة، يستشهد قائد وقد خلف وراءه الكثير من البدلاء، فهي راية لا يجب أن تسقط، على عكس المنظمات الأخرى، فها هي مدرسة عاشوراء اكبر شاهد على ذلك، مع إستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وجميع أصحابه لم تنطمس معالم هذه المدرسة الخالدة، والدليل هو مئات آلاف المجاهدين في عصرنا الحالي وكل العصور القادمة.
ربما يظن العدو بأن إغتيال القائد، يعني أنه قد كسر الإرتباط بين الماضي والحاضر لأجيال المقاومة، ولكنه لا يدرك بأن هؤلاء القادة قد نقلوا كل تجربتهم العسكرية والميدانية الى القادة المستقبليين، حتى أن هذه الخبرة قد إمتزجت بالعلم الحديث والتكنولوجيا التي حصلها هؤلاء، فتوحدت التجربة مع العلم لتقدم قائداً معاصراً حكيماً، قادر على مواجهة الإستكبار.
هل نجحت؟ كلا ولن تنجح ما دام البأس الحيدري هو عنوان هذه المسيرة الخالدة، ومع كل قائد يأتي آلاف القادة وكلهم في سبيل الإسلام المحمدي الأصيل شهداء.
طرد أمريكا من المنطقة
فيما يتعلق بطرد أمريكا من المنطقة ومواجهة دعمها للكيان الصهيوني وعدم احترامها لسيادة الاراضي، يقول نبيه أحمد:
فيما سبق، قال الإمام المقدس الخميني (قدس) لو كان كل عربي يرمي دلواً من الماء لجرفت السيول “إسرائيل”، وإن طرد أميركا وهي رأس الشر من المنطقة، يحتاج أولاً إلى تضافر كل جهود المقاومة فيما بينها في وجه الطغيان، الإتفاق على أن أميركا هي رأس الشر ويجب مقاطعتها وكل من يتحالف معها، كما يجب على كل الشعوب المستضعفة الوقوف وراء دول محور المقاومة، ويجب تفعيل العمل الإعلامي لفضح كل مخططات العدو الصهيوني وجرائمه في المنطقة، وعدم السماح له في تقديم سرديته المزيفة تجاه الشعوب الأخرى.
إن الصبر والثبات على نهج قادتنا والمحافظة على درب الشهداء وصون دمائهم، هو الذي يزرع النصر وينتج المقاومة في وجه الطغيان.
“إسرائيل” هي كيان مزعوم وغير حقيقي، يجب الحفاظ على هذه السردية أمام كل الشعوب، وإن أميركا هي التي تساعد هذا الكيان المزعوم. يجب كل المواطنين القيام في وجه حكوماتهم الظالمة ودعم قضية فلسطين وغزة وكل الشعوب المستضعفة في العالم.
قادة النصر ودورهما في المقاومة
أما حول الشهيد سليماني والشهيد ابومهدي المهندس ودورهما في محور المقاومة ومواجهة داعش، يقول الدكتور نبيه أحمد: إن استشهاد القائدين الحاج قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، كان الخطوة الأساسية نحو طرد أميركا من العراق وإفشال كل مخططاتها في المنطقة، وقد تحدثت كثيراً حول الشهيدين ودورهما في مقال منفصلة، على صفحات جريدتكم الكريمة.
إن دماء الشهداء القادة هي التي حفظت هذه المسيرة، وضمنت الإستمرارية لهذا النهج المقاوم، وكانت دافعاً لكل الاجيال اللاحقة في أن تقتدي بمسيرتهم الخالدة.
لولا جهود الحاج قاسم ورفيق دربه، لكانت داعش وكل التنظيمات التكفيرية تحكم السيف في رقاب الشيعة وكل المستضعفين في العالم أجمع، ولكان كل هؤلاء عبيداً لهم في أسواق النخاسة، لكن إرادة الحاج قاسم وتصميمه على تطهير كل الأراضي من شرهم، كان سبباً في تدمير وسحق داعش وخلافتهم المزعومة، وخنقت الحلم الذي كانوا يحلمون به.
إن رفاق درب هذين الشهيدين ستثمر نصراً مدوياً في المنطقة، وستكون الغلبة لجنود الحق باذن الله سبحانه وتعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.