انطلقت الدورة الـ54 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب اليوم الأربعاء وسط ترقب من هواة القراءة والاطلاع ومن الناشرين على حد سواء بسبب ارتفاع أسعار الكتب التي تضاعف سعر بعضها مقارنة بالعام الماضي.
ويقول سليم صلاح (33 عاما)، الذي يعمل محاسبا في إحدى الشركات واعتاد الذهاب إلى المعرض سنويا منذ كان في العاشرة من عمره، “بحثت عن أسعار بعض الكتب التي صدرت حديثا وكنت أنوي شراءها أثناء المعرض، لكني فوجئت بأسعار خيالية، كتاب واحد منها وجدت ثمنه 270 جنيها (نحو 9 دولارات) بينما في المعتاد كان يتراوح سعر الكتاب بين 70 إلى 80 جنيها (الدولار يساوي نحو 30 جنيها) وأحيانا يصل إلى 100 جنيه أو 120 جنيها على الأكثر”.
وأضاف “أهوى الروايات والكتب التاريخية، لكن اقتناء كل ما أريد يحتاج إلى ميزانية قد تصل إلى آلاف الجنيهات، وأنا ميزانيتي لا تتجاوز ألف جنيه في ظل الظروف الحالية لأن الحياة أولويات، لذلك أخطط لأكثر من جولة في المعرض قبل حسم قرار الشراء”.
وتابع “حتى اصطحاب أولادي إلى المعرض سيكون مشكلة لأني اعتدت أن أشتري لهم كتب تلوين وقصصا كل عام، ولا أعرف إذا كانت الميزانية ستسمح بتلبية طلباتهم أم لا”.
وتحرك سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري أخيرا إلى ما يقرب من 30 جنيها مقابل الدولار مقارنة بمستوى 15.70 تقريبا الذي ظل مستقرا منذ 2020 حتى 21 مارس/آذار 2022.
ويفسر رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد ارتفاع أسعار الكتب قائلا إن “مستلزمات الإنتاج أصبحت مكلفة للغاية، فالورق ارتفع سعره 3 أضعاف، خاصة في مصر، وفي بعض البلاد الأخرى وصل إلى ضعفين، لذلك فالناشر ليس له ذنب في ارتفاع سعر بيع الكتاب”.
وأضاف “أدعو الصحفيين ووسائل الإعلام إلى حث الجميع على زيارة معرض القاهرة لأن هذا تأكيد بأهمية المعرض بوصفه أكبر معرض في المنطقة، ومن جانب آخر هو حماية لصناعة النشر التي لا تلقى أي دعم حقيقي، لأن معظم الدول العربية لا تصنفها باعتبارها صناعة مستقلة”.
ويشارك 1047 ناشرا من 53 دولة في المعرض الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب ويمتد حتى السادس من فبراير/شباط بمركز مصر للمعارض الدولية.
نصائح وحلول
وفي ظل حوار مستمر عبر منصات التواصل الاجتماعي عن أسعار الكتب، بدأت بعض الحلول تلوح في الأفق للتغلب على المشكلة وتسابقت صفحات خاصة بهواة القراءة في تقديم مقترحات.
وقدم عمرو المعداوي، مؤسس قناة “الروائي” على يوتيوب، بعض النصائح لمتابعيه، منها التعرف على أسعار الكتب عبر المنصات الإلكترونية قبل الذهاب إلى المعرض، والبحث عن أصدقاء لهم ذائقة قرائية مشابهة، ووضع قائمة مشتريات مشتركة من المعرض ثم تبادل الكتب لاحقا.
كما نصح بشراء الطبعات القديمة من الكتب لأن سعرها سيكون أقل من مثيلاتها الأحدث، لكنه رغم ذلك حث القراء على الذهاب إلى المعرض في كل الأحوال قائلا “إوعى (احذر) بسبب ظروف مؤقتة تستبعد حاجة بتفرحك بقالها سنين، تنتظرها من السنة للسنة، تعودت عليها، وبتكسر بها روتين يومك”.
ومثله الشاعر والناقد سيد محمود الذي كتب على صفحته بفيسبوك “أكرر الدعوة للأصدقاء لحث الناس على زيارة معرض الكتاب، بلاش (لا داعي لـ) بوستات إحباط وإعلان فلس، كل الناس عندها مشاكل لكن دا مش (هذا ليس) مبرر إنك تكون سبب في تكاسل فرد عن حضور حدث له أبعاد اقتصادية وثقافية وسياسية”.
وأضاف “فيه ناس كتير شغلها مرتبط بكل جنيه جاي من كتاب، علشان كده قول للناس روحوا واللي ربنا يقدره يشتري ولو كتاب واحد، هيئة قصور الثقافة فيها كتب حلوة ولسه بخمسة جنيه”.
أما اتحاد الناشرين المصريين فقدم حلولا أكثر عملية من خلال الإعلان عن إتاحة تقسيط قيمة المشتريات من المعرض عبر بطاقات الائتمان لأحد البنوك الوطنية على مدى 6 أشهر حتى سنة.
وقال سعيد عبده رئيس الاتحاد إنه بجانب إتاحة تقسيط الكتب لرواد المعرض يقدم الاتحاد تسهيلات كبرى لأعضائه من الناشرين من خلال مبادرة لطبع الكتب بالتقسيط أيضا ومبادرات أخرى تهدف إلى تحريك السوق.
ورغم ترحيب عدد كبير من هواة القراءة بمبادرة التقسيط، ما زالت ثمة تخوفات بشأن تفاصيلها، وهو ما لخصه الصحفي جورج أنسي في قوله “أرحب بهذه المبادرة جدا لأن أسعار الكتاب أصبحت غير طبيعية، وبالتالي هذا حل عملي لكن تخوفي الرئيسي من سعر الفائدة على التقسيط، لأن الفائدة لو كانت عالية فلا معنى للأمر برمته”.
وأضاف “هناك نقطة أخرى قد تقلل من حجم الاستفادة من المبادرة، وهي أن التقسيط يتم من خلال بطاقات الائتمان وليست بطاقات الخصم المباشر البنكية، وهناك فرق كبير بينهما، وهو ما يعني أن أصحاب النوع الثاني من البطاقات وأنا واحد منهم لن ينتفعوا من المبادرة”.
فعاليات المعرض
ويستضيف المعرض مؤتمرا للملكية الفكرية في 26 يناير/كانون الثاني، وآخر للترجمة عن اللغة العربية (دورة الدكتور محمد عناني) في 29 يناير/كانون الثاني، إضافة إلى البرنامج المهني الموجه للقائمين على صناعة النشر، الذي استحدث في الدورة الماضية.
أما برنامج ضيف الشرف في المعرض فيشمل 27 فعالية بينها 23 ندوة ومحاضرة، بمشاركة 85 كاتبا وناقدا وأكاديميا، و4 عروض مسرحية، وقراءات قصصية للأطفال، و3 أمسيات شعرية.
وقال سفير الأردن بالقاهرة أمجد العضايلة في وقت سابق “منذ تشرف الأردن بتسلم علم ضيف الشرف في العام الماضي، بدأت باكورة العمل والتنسيق والمتابعة ضمن خطة عمل تقوم عليها وزارة الثقافة في المملكة لضمان مشاركة نوعية وحضور فاعل يعرض للثقافة الأردنية بتنوعها، أدبا وشعرا ورواية وتاريخا”.
وأضاف “اختارت وزارة الثقافة الأردنية عنوان: الأردن.. حضارة الماضي وإبداع المستقبل، ليكون شعارا لمشاركتها في المعرض ليدلل على استمرارية الإنجاز والإنتاج الثقافي والفكري للمملكة”.
ومن بين الشعراء الأردنيين المشاركين في المعرض مها العتوم وعبد الكريم أبو الشيح وأكرم الزعبي وعليان العدوان وحليمة العبادي وشوكت البطوش وعبد الله أبو شميس وأمين الربيع.