عندما أصبحنا أمهات أصبح هدفنا الأول هو التعويض؛ بمعنى أننا نعتقد أن ما فقدناه حين كنا صغاراً، وذلك في الجيل الماضي، يجب أن نقوم بتوفيره لأطفالنا، وما عانينا منه سابقاً من القسوة في التعامل والتعرض للعقاب من الكبار يجب أن نتوقف عنه ونتبع أساليبب التربية الإيجابية في التعامل مع أطفالنا، ولكن يبدو أن كل شيء لو زاد على حده فسوف ينقلب إلى ضده؛ وذلك لأننا نقع في أخطاء تؤدي إلى نتائج غير متوقعة حين نحرص على تعديل أخطاء الآباء في الزمن الماضي مع أطفالنا الذين يعيشون في عصر التقدم والتكنولوجيا والذكاء الصناعي.
يجب أن تعرف كل أم أن التربية الإيجابية تعني اتباع خطوات ومبادئ أساسية وجيدة في التربية تتماشى مع روح العصر، ولكنها لا تعني الإسراف في كل ما نقدمه للطفل سواء كان مادياً أو معنوياً، هناك بعض الأخطاء تقع بها الأمهات أثناء اتباع قواعد التربية الإيجابية مع أطفالها ومنها الإسراف في توفير الكماليات للطفل وغيرها في الآتي.
تلبية كل طلبات الطفل
قومي بتغيير طريقة تفكيرك نحو أسلوب تربية طفلك ولا تعتقدي أنه من ضمن مبادئ التربية الإيجابية للأطفال مبدأ تلبية كل مطالب الطفل للحفاظ على مشاعره، ولكي لا يحزن ويبدأ في البكاء، وهذا الخطأ ترتكبه الأم منذ سن مبكرة حيث تقدم للطفل كل ما يطلبه لمجرد أن لا يبكي ويزعجها بصوت بكائه -على حد قولها- ولذلك فهي بالتدريج تتحول إلى آلة ليس لها مهمة سوى تلبية طلبات هذا الصغير؛ لكي تتقي مغبة البكاء والصراخ والإلحاح الذي يقوم به الصغير ويعرف أن نتائجه سوف تكون لصالحه.
حاولي تغيير طريقة تفكيرك بأن عدم تنفيذ طلبات طفلك أو القيام بالعمل الذي يرضيه سوف يؤدي إلى شعور طفلك بالحزن، كما أن خوفك على مشاعر طفلك يجب ألا يكون على حساب أي اعتبارات أخرى مثل محاولة أن ترضيه على حساب باقي إخوته أو على حسب الآخرين حين تكونين في زيارة عائلية أو حفل أو نزهة أو رحلة؛ لأن هناك بعض الأطفال الذين يتسمون بالأنانية ويصرون على الحصول على ما في أيدي الآخرين لمجرد الاستحواذ، والخطأ أن الأم تجاري الطفل في هذا التصرف الخاطئ الذي يعزز لديه الشعور المرتفع بالأنا ويحفز لديه صفات سيئة سوف تستمر معه لاحقاً حين يكبر ويصعب التخلص منها.
الإسراف في تقديم الكماليات
توقفي عن تقديم الكماليات لطفلك من باب حرصك على أن يحيا الطفل حياة مترفة ومريحة، وحيث إنك حين تقومين بتوفير كل شيء ترينه في الأسواق والعروض الترويجية للمنتجات؛ فلن يعرف طفلك معنى الصبر والقناعة، وهاتان الصفتان من الضروري أن يتسم بهما طفلك؛ لأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، وقد يمر الطفل مع عائلته في ظروف تحتم أن يشتروا فيها المستلزمات الضرورية فقط، ولا يستطيعون مجاراة الموضة مثلاً.
قومي بتغيير أسلوب تعاملك مع طلبات طفلك لأن توفير كل شيء للطفل سوف يفقده تعلم معنى كلمة الصبر، وسوف يصبح الطفل متعجلاً للحصول على كل شيء، ولن يعرف معنى الحرمان، وأن هناك أشخاصاً غيره لا يجدون أقل القليل مما لديه، ولذلك فيجب أن تكوني متوسطة ومعتدلة في تلبية وتوفير الكماليات للطفل بحيث يشعر بمشاعر الآخرين، ويتعلم معنى الصبر والتوفير والادخار لشراء وتوفير أي شيء يراه ضرورياً له، ولا يعتمد على والديه لكي يكونا الأداة أو العصا السحرية في حياته، وتذكري أن الطفل المدلل هو إنسان فاشل في المستقبل.
الحماية المفرطة
لا تقعي في الخطأ الذي يقع به الكثير من الأمهات وهو الحماية المفرطة للطفل والخوف الزائد على الحد عليه، ولذلك فهناك الكثير من الأمهات وبسبب خوفهن الزائد على أطفالهن يقمن بحمل الطفل رغم تقدمه في العمر وقدرته على المشي؛ ما يسبب لهن آلام الظهر والكتفين والقدمين، ولكن رغم ذلك تصر الأم على حمل طفلها خوفاً عليه لأنها تخاف أن يقع أو ينزلق على الأرض مثلاً، وهي تتناسى أنه قد كبر وتتطور نموه الحركي، وأنه يستطيع حماية نفسه.
اعلمي أن حماية الطفل بشكل زائد والإفراط في الخوف عليه والقلق أن يصيبه أي مكروه؛ سوف ينتج طفلاً هشاً وضعيف الشخصية؛ لأن شخصية الطفل ترتبط بمعاملة ونظرة الأسرة المحيطة به، وحين تتعامل معه الأم على أنه كائن ضعيف؛ فسوف يتعامل مع نفسه على هذا الأساس ولن يستطيع أن يقدر ذاته ولن يصبح شخصية مستقلة أو واثقاً بنفسه.
لاحظي أن هناك بعض الأمهات يسرفن في حماية الطفل بحجة حمايته من التعرض للمواقف المخيفة أو القاسية أو المرهقة مثل أن تمنعه الأم من المشي في الشارع الزلق بسبب ماء المطر، أو أن تطلب من أحد العاملين في المنزل القيام بحمل حقيبته المدرسية خوفاً على ظهره وعظامه. وهذا الإسراف في الحماية والخوف عليه من التعرض للمرض أو التعب يؤدي به أيضاً لأن يصبح شخصية اتكالية ومستهترة ولا يحقق أي فائدة من فوائد وأهداف التربية الإيجابية التي تريد الأم أن تحققها مع أطفالها.