لطالما تم الترويج لشعارات التسامح الديني و عدم التطرف لإخفاء الصورة الحقيقية لسياسات بعض البلدان و هذا ما يحصل في بلاط آل خليفة التي أظهرت أن رفع هذه الشعارات ما هي إلا للارتماء في أحضان الصهاينة و إرضاء الغرب و قد أكدت على ذلك في قمعها لوقفة احتجاجية لأبناء البحرين ضد حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد. حيث اعتقلت قوات الأمن في المنامة مواطنين ومنعت آخرين من الاعتصام عند بيت القرآن في العاصمة استنكارًا لحرق المصحف الشريف. جاء ذلك ليؤكد استمرارية سلطات البحرين في مسلسل قمع الشعب و انتهاك حرياته.
وفي السياق ذاته كانت القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية يوم الجمعة قد استنفرت في محيط السفارة السويدية و متحف بيت القرآن في المنامة لمنع المواطنين البحرينيين من إقامة وقفة استنكارية لحرق المصحف الشريف، حيث أظهرت صور ومقاطع فيديو نشرها نشطاء وجود عشرات الدوريات الأمنية في المنطقة لمنع المواطنين من الوصول لمكان الاعتصام، فيما أفادت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عن تسجيل حالات اعتقال لعشرات المواطنين المتجهين لمقر الاعتصام، ما أجبر منظّمي الاعتصام لتغيير مكان الفعالية. و رغم التشديد الأمني للسلطات البحرينية ضد المحتجين إلا أن عشرات البحرينيين اعتصموا في منطقة رأس الرمان، يتقدمهم رئيس المجلس العلمائي السيد مجيد المشعل، في وقفة استنكارية، رداً على سماح السلطات السويدية لمتطرفين بحرق المصحف الشريف، ورفعوا خلال الاعتصام المصحف الشريف وشعارات منددة بسماح السلطات السويدية للمتطرفين بالتعرض لمقدسات المسلمين و ذلك على بعد أمتار من انتشار القوات الأمنية التابعة لنظام أل خليفة.وفي تحدِ لظلم آل خليفة و اتفاقية التطبيع غير الشرعية انطلقت مظاهرة في جزيرة سترة نددت بجرائم الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، ورفضت كل أشكال التطبيع معه، كما نددوا بالجريمة الدنيئة في حرق القرآن الكريم في السويد، فيما ردّت قوات النظام البحريني عليهم بأن “تجمعكم غير قانوني”.
وعقب صلاة الجمعة في جامع الامام الصادق (ع) بالدراز، تطرق الشيخ محمد صنقور إلى الإساءات المتعمدة للقرآن الكريم، مشددا على أنّها “لن تزيد المسلمين إلّا المزيد من تعميق الصلة بقرآنهم”.
و كانت السويد قد أصدرت ، في وقتٍ سابق، قراراً يسمح لزعيم حزب “الخط المتشدّد الدانماركي”، اليميني المتطرّف، راسموس بالودان، بإحراق نسخة من القرآن الكريم أمام مبنى السفارة التركية في ستوكهولم. ضاربة بعرض الحائط الشعارات الرنانة للتسامح الديني و نبذ التطرف
وبعد السويد، مزّق زعيم حركة “بيغيدا” المناهضة للإسلام في هولندا، إدوين واجنسفيلد، نسخة من القرآن الكريم أمام مبنى البرلمان في لاهاي.
موقف آل خليفة يعكس العقلية القمعية المتحجرة
استنكر نائب الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ حسين الديهي قيام النظام في البحرين بمنع وقفة احتجاجية سلمية حول حرق القرآن الكريم، واعتقال العشرات من المواطنين المتوجهين للمشاركة في الوقفة.
واعتبر الديهي في تصريح لموقع قناة “الميادين” أن “سلوك النظام مشين ومعيب ويعكس طبيعة العقلية القمعية التي تسجلّ في كل يوم نقطة سوداء إضافية في سجله المليء بكل أدوات القمع”، مضيفًا إن “منع إقامة وقفة احتجاجية على حرق القرآن يشكل سابقة خطيرة”.
كما رأى الديهي أنّ النظام يطلق شعارات كاذبة حول التسامح الديني “كغطاء للارتماء في أحضان الصهاينة، ولكنه أكبر المحاربين لحرية التعبير وتكميم الأفواه”، مشيرًا إلى أنّ “منع وقفة احتجاجية على حرق القرآن الكريم تؤكد أنّ البحرينيين يعانون جراء الواقع الحقوقي والأمني المأزوم”.
موقف آية الله قاسم من إحراق نسخة القران
ندد المرجع الوطني البحريني الكبير آية الله الشيخ عيسى قاسم بـ”جريمة إحراق نسخة من المصحف الشريف في استوكهولم بحماية الشرطة السويدية”، معتبرًا أن “الجرائم المتكرِّرة بإهانة المقدّسات الإسلاميّة في الغرب، تكشف عن نيّة سوءٍ بنشر الفوضى في الأرض، وإحراق الأمن العالميّ”.
واعتبر آية الله قاسم في بيان له أن “حَرْق نُسخة من المصحف الشريف على يد المتطرِّف في جهله، وحقده، وغروره، والمسمّى بـ راسموس بالودان تحت حماية الشرطة السويديّة ليس جريمةً شخصيّةً فحسب، وإنما هي مع ذلك جريمةُ دولةٍ يحكم بها على دناءة الطرفين، ومثل ذلك كلّ الجرائم من هذا النوع المشترك مما ترتكبه الجاهليّة في أوروبا أو غيرها”.
وأضاف: “أمَّا إدخالُ مثل هذه الجرائم، والتعدّي الصارخ على حرمة المقدّسات الدينيّة الحقّة، واستثارة الفتنة في العالم في مفهوم الحريّة فهو غباءٌ بالغٌ لو حدث عن اعتقادٍ -فعلًا- بأنَّ للإنسان أن يعيشَ الحريّة المطلقة على حدّ الحيوان، أو على حدّ السيّد المطلق الظالم والذي لا خلق له ولا حكمة”.
ورأى سماحته أن “الأقرب أنَّ اعتبار لغة السبّ، والشتم، والبهتان، والتعدّي على المقدّسات من الحريّة التي يجب أن يتمتّع بها الإنسان إنما يُشاع كذبًا، ومغالطةً، وخداعًا، وعلى خلاف ما يعتقدون في داخلهم وحسب موقفهم العملي، وإلا فكيف منعوا من معاداة الساميّة؟ وأدانوا من أنكر المحرقة النازيّة؟ وأنكروا على من يحرق علم المثليّة؟ أفليست هذه الأمور حدًّا للحريّة الشخصيّة وكبتًا لها رغمًا عن الإنسان؟!”.
وتابع إنَّ “الجرائم المتكرِّرة بإهانة المقدّسات الإسلاميّة في الغرب، وبصورةٍ استفزازيّةٍ علنيّةٍ بشعة، وعلى مرأى أمَّةِ المليار إنسانٍ وأكثر، تحت صمتِ بل تواطؤ وحراسة حكوماته تكشف عن نيّة سوءٍ بنشر الفوضى في الأرض، وإحراق الأمن العالميّ”.
ودعا آية الله قاسم “عقلاء العالم كلّه أن يحولوا بين هذا التوجّه العدوانيّ الشيطانيّ -الذي ينشر حالة الإرهاب على أوسع مدى، وأخطر صورة- وبين حدوثه، باجتماع الكلمة على إدانته والتنديد به بمقتضى الدِّين والضمير وسلامة العالم”.
مسلسل القمع البحريني بغطاء دولي
يراقب شعب البحرين بشكل يومي النفير الدولي والأممي تجاه كل المسائل المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان في بعض البلدان ولكنه يتجاهل بشكل متعمد وواضح ما يجري في البحرين، و تتمثل أبشع صور ازدواجية المعايير في تبني بعض الدول وأعضاء في بعض البرلمانات الغربية الذين يتلقون الهدايا والسفرات من قبل النظام البحريني تحسين وتجميل الانتهاكات والاستبداد والديكتاتورية التي يمارسها النظام البحريني بحق الشعب.
وتعتبر حلقات مسلسل قمع آل خليفة كثيرة لا نهاية لها من اعتقال السجناء السياسيين و تعذيبهم و الحكم عليهم بسنوات طويلة وسحب جنسياتهم إلى عزلهم سياسيًا ومدنيًا لكونهم يطالبون بالديمقراطية والعدالة والحرية واحترام حقوق الإنسان. فيما يقبع معظم شعب البحرين تحت وطأة النار والحديد وإرغامهم على السكوت ويستخدم النظام البحريني القضاء كأداة لكمّ الأفواه الشعبية المُطالبة بالديمقراطية، وفي حين تنتزع الاعترافات بالتعذيب تتراوح أحكام القضاء التي تستهدف المعارضين ما بين الإعدام والسجن لعدة أعوام وإسقاط الجنسية.
و من الجدير بالذكر أن غضّ البصر عمّا يجري في البحرين وتجاهل كل التجاوزات والجرائم الماسة بحقوق الانسان من قبل كل الدول الغربية والجهات الداعمة للنظام البحريني يعتبر أمرا مرفوضا وغير مقبول ويعد مشاركة في هذه التجاوزات وهو يضع الكثير من علامات الاستفهام حول دور بعض الدول والجهات الأممية في ملفات حقوق الإنسان والحريات.
رغم كل هذا الصمت و التشارك في الجريمة إلا أن المواطنين في البحرين استطاعوا أن يثبتوا أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم و كل يوم يثبتون أن ثورتهم ضد الظلم لا تزال مستمرة، رغم مضي أكثر من ١١ عاما على انطلاقها، و يقدمون الدليل باستمرار على أن الميادين التي تم إجهاضها في أكثر من مكان ؛ تنبض حتى اليوم في المنامة وسترة والسنابس والمرخ والدراز والعكر، وكلّ مناطق البحرين التي تضجّ بالاعتصامات والتظاهرات اليومية