يصدر شعر طاهرة عن تجربة متميزة، فهي إبنة أسرة ذات خلفية صوفية، وعاملة في ترجمة القرآن الكريم إلى حد أن سميت بخادمته، ومختصة بالأدب الإنكليزي، ومترجمة لا تنفك تطّلع على ثمرات عقول الآخرين، وباحثة يقود العقل العلمي عملها، وهي ، في الحالات جميعها، محبة لأرض تصفها بقول:” ” أما أنا / فمحبتي لأرضي أسيرة / لها وجه يوسف/ وصبر أيوب”.
طاهرة صفار زاده (1936م – 2008م)، كاتبة ومترجمة وشاعرة إيرانية، اشتهرت بترجمتها للقرآن إلى اللغتين الفارسية والإنكليزية وهي أوّل ترجمة ثنائية اللغة للقرآن، من أعمالها: المجموعة القصصية “الروابط المريرة” والمجموعات الشعرية: ” معبر اشعاع”، ” المظلة الحمراء”، “طنين في دلتا”، “سد السواعد”، “الحركة والأمس”، “المبايعة الراسخة”، و”لقاء الصباح” وكتاب”أسس الترجمة ومبانيها”.
صدرت للشاعرة تسع مجموعات شعرية، يتصف الشعر فيها بميزتين قلما تجتمعان في شعر، أولاهما الاهتمام بالواقع والصدور عنه، وثانيهما التحليق في سماوات الخيال، ما يسمح باستخدام تعبير ” الواقع المجنح بالخيال”، وصفاً لهذا الشعر الذي يجمع بين رنين المعنى المترامي كأنه النواقيس التي تقرع، فتحرك الأذهان وتوقظ النيام، وبين الوضوح الكاشف للحقائق في هذا العالم ببساطة وعمق في أن. ولعل هذا التميز، هو الذي أدى إلى رواج شعرها، من الأدلة على هذا الرواج أن مجموعتها الشعرية: ” السفر الخامس” ، الصادرة عام 1977، طبعت ثلاث مرات، خلال شهرين، وبما يزيد على ثلاثة آلاف نسخة، وفازت بجائزة ” كتاب العام”.
ومن الأهمية بمكان ما قام به مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي من ترجمة مختارات من الشعر الإيراني الحديث إلى اللغة العربية، وذلك تلبيةً بهذا العمل الحاجة الإنسانية إلى الإبداع الشعري، وفي سبيل إعادة الاتصال بين الشعرين الإيراني والعربي، الذي قُطع بعد أن هيمنت الثقافة الغربية عليهما معاً، بوصفها مركزاً عالمياً للثقافة سائداً. ذلك أن نسبة ما يترجم من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية، أو من العربية إلى الفارسية، لا يتجاوز الواحد بالمئة مما يترجم إليها من اللغات الغربية، وبخاصة الإنكليزية والفرنسية، وهذا ما يدفع إلى ترجمة مختارات من الشعر الإيراني الحديث إلى اللغة العربية، وإصدارها في سلسلة متميزة بجودة الترجمة وحسن الإخراج، فالثقافة الأصيلة تنمو وتزدهر بمعرفة الآخر معرفة حقيقية وبالتلاقح والتفاعل بين الحضارات.