في ضوء التهديدات والتحديات القائمة على الساحة الدولية

التحالف الروسي – الكوري الشمالي.. استراتيجية لمواجهة العقوبات الأحادية

تم توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وكوريا الشمالية في 19 يونيو 2024 في بيونغ يانغ، و دخلت حيز التنفيذ في 4 ديسمبر

2025-01-08

في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة وتزايد العقوبات الأحادية الجانب، تسعى الدول المتضررة من هذه العقوبات إلى إيجاد تحالفات استراتيجية لمواجهة التحديات المشتركة. وفي هذا السياق، يأتي التقارب الروسي-الكوري الشمالي كنموذج لهذه التحالفات الاستراتيجية الجديدة.

 

الوضع الدولي والتحديات

 

في ضوء التهديدات والتحديات القائمة على الساحة الدولية والإجراءات القسرية من قبل مجموعة معينة من الدول تحت قيادة الولايات المتحدة، اكتسبت مسألة المواجهة المشتركة للعقوبات الأحادية في العلاقات الدولية أهمية متزايدة. وتسعى دول العالم في جميع المناطق الجغرافية إلى إيجاد حلول للخروج من تحدي القرن، وتحاول تحقيق ذلك من خلال التعاون الثنائي أو الإقليمي وعبر إبرام اتفاقيات متعددة.

 

روسيا، بصفتها أحد الأقطاب والقوى العالمية وبهدف مواجهة الأحادية الأمريكية، بذلت جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة للاستفادة من هذه الفرصة للتقارب العسكري والاقتصادي مع دول العالم. وقد وقعت قبل ذلك البيانات ذات الصلة مع نيكاراغوا ومذكرة تفاهم مع فنزويلا، كما تم التأكيد في البيان الختامي لقمة بريكس في مدينة قازان على العزم المشترك لمواجهة فرض العقوبات.

 

الإجراءات المشتركة

 

نظراً للمساعدات الكورية الشمالية في المجال العسكري لروسيا، تم في هذا السياق توقيع اتفاقية استراتيجية بين البلدين لأسباب ومبررات مختلفة.

 

وقد وقع البلدان، روسيا وكوريا الشمالية، على مر الزمن العديد من التفاهمات والاتفاقيات مثل معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة بين الاتحاد السوفييتي وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في عام 1961.

 

ويبدو أن التغيرات الإقليمية والعالمية، خاصة مع وصول ترامب إلى السلطة في البيت الأبيض، أقنعت قادة البلدين بالسعي نحو تعاون استراتيجي لمواجهة التهديدات الإقليمية والعالمية ومكافحة العقوبات والهجمات العسكرية المحتملة على أراضي البلدين.

 

المعاهدة الاستراتيجية الشاملة

 

في هذا السياق، تم توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وكوريا الشمالية في 19 يونيو 2024 في بيونغ يانغ، والتي دخلت حيز التنفيذ في 4 ديسمبر، لتحل محل الاتفاقيات الثنائية السابقة.

 

وقد تضمنت الاتفاقية البنود الرئيسية التالية:

 

– التنسيق المشترك وضمان التعاون الثنائي للقضاء على التهديد في حالة العدوان الخارجي.

 

– عدم الاتفاق مع دول ثالثة قد تشكل خطراً على سيادة وأمن روسيا وكوريا الشمالية.

 

– إنشاء نظام لتنفيذ إجراءات مشتركة لتعزيز القدرات الدفاعية لبعضهما البعض.

 

– الدفاع المتبادل في حالة الهجوم العسكري.

 

– الالتزام بزيادة حجم التبادل التجاري والعلاقات الثنائية في مجالات التكنولوجيا والفضاء والطاقة النووية السلمية

 

– التعاون المتبادل في مواجهة التهديدات الاستراتيجية بما في ذلك الغذاء والطاقة.

 

العقوبات الدولية والتحديات

 

وفيما يتعلق بالعقوبات الدولية، فقد اعتمد مجلس الأمن منذ عام 2006 عشرة قرارات بفرض عقوبات رداً على إجراء كوريا الشمالية ست تجارب نووية وإطلاق عدد من الصواريخ الباليستية.

 

وقد أشار فريق خبراء لجنة 1718 الخاصة بكوريا الشمالية في تقريره إلى مجلس الأمن في مارس 2019 إلى المشكلات التالية:

 

– التأخير في الحصول على إعفاءات من نظام عقوبات مجلس الأمن.

 

– غياب القناة المصرفية.

 

– التأخير في تخليص البضائع المصدرة من الجمارك.

 

– انخفاض عدد الموردين الأجانب المهتمين.

 

– زيادة تكاليف السلع والعمليات الإنسانية.

 

– انخفاض الميزانية للعمليات.

 

التطورات السياسية والعسكرية

 

وقد أعلن زعيم كوريا الشمالية عشية الاجتماع الخامس والأربعين مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في يونيو 2018 في سنغافورة، عن تعليق تجارب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والتجارب النووية.

 

ومع تولي إدارة جو بايدن في يناير 2021، زادت بشكل كبير المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية بمشاركة اليابان. وتضمنت هذه التطورات:

 

– زيارات منتظمة للغواصات الحاملة للصواريخ الباليستية.

 

– تحليق القاذفات الاستراتيجية الأمريكية على طول الأراضي الكورية الشمالية.

 

– زيادة التدريبات العسكرية المشتركة.

 

الموقف الروسي

 

وفي أعقاب المحادثات الروسية-الكورية الشمالية في 19 يونيو 2024، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة مراجعة نظام العقوبات غير المحدود ضد كوريا الشمالية.

 

وأوضحت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أن قرارات العقوبات ضد كوريا الشمالية في 2016-2017 تم اعتمادها في ظروف جيوسياسية مختلفة تماماً، وأن الهدف منها كان تشجيع الحوار وليس العقاب.

 

يبدو أن المبادئ الأساسية لنظام العلاقات الدولية أصبحت خلال السنوات الماضية، وخاصة في عهد إدارة بايدن، عائقاً غير مناسب للولايات المتحدة وحلفائها. وتسعى دول مثل روسيا إلى استغلال الفرصة المتاحة وإقامة تحالفات عسكرية واقتصادية واستراتيجية مع دول معينة، خاصة في محيطها المباشر.

 

يتم متابعة جزء مهم من هذا النهج في السياسة الخارجية الروسية بهدف تخفيف العقوبات الأمريكية والغربية، خاصة بعد بدء الحرب مع أوكرانيا. ويسعى الكرملين إلى مواصلة استخدام أدواته في المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، لتحقيق هذا الهدف وإظهار وجوده كدولة قوية في النظام العالمي أمام منافسيه.

 

المصدر: الوفاق

الاخبار ذات الصلة