محسن باك آيين
إن اصدار البرلمان الاوروبي قراره العدائي فيما يخص ادراج جيش حرس الثوري الاسلامي في قائمة المنظمات الارهابية، يدل على تعاظم التوجه الراديكالي في اوروبا وإبعاد هذه القارة عن النظم الدبلوماسية والمعايير الدولية وحلول شكل من اشكال الاضطراب والفوضى داخلها.
لاريب ان كافة اصحاب العقول في الدنيا يعتقدون ان فرض عقوبات على جيش رسمي وقانوني في بلد ما هو أمر يتعارض مع المقررات والموازين الدولية، لكون مثل هذا الجيش الرسمي يتحمل مسؤولية المحافظة على أمن البلاد ويحرس حدودها مقابل الاعداء ومجابهة التهديدات الخارجية مثل الارهاب. وجيش الحرس الثوري الاسلامي، الذي هو جيش رسمي، في الطليعة وحامل راية مكافحة الارهاب في المنطقة، وهو أمر لا يمكن انكاره. بل حتى ان بعض المسؤولين الاوروبيين يعتقد انه لولا مجابهة الحرس الثوري للارهاب لكان داعش والقاعدة اليوم يسرحون ويمرحون داخل البلدان الاوروبية ولكانت اوروبا تعاني من الضغوط ولضاقت عليها الاراضي بما رحبت.
ومع ان ادراج اسم الحرس الثوري في قائمة المنظمات الارهابية كان منذ مدة على جدول اعمال البرلمان الاوروبي، لكن يبدو ان سبب هذا الاجراء في الوقت الحالي، له صلة بالقاء ايران القبض على الجاسوس البريطاني علي رضا أكبري. وكانت الحكومة الحكومة البريطانية قد انفقت مبالغ ضخمة لكي تستخدم هذا الشخص وتحوله الى جاسوس محترف، بل حتى منحته الجنسية البريطانية لكسب ثقته. ولكن كانت عاقبة الامور وقوعه بيد الاجهزة الامنية الواعية واعترافه بجرائمه، الامر الذي سدد ضربة شديدة لهيبة بريطانيا والمنظومة الامنية الاوروبية.
طبقاً للقوانين والمقررات الدولية، يحرم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد وان اقبح عمل يمكن ان يقدم عليه بلد ما هو ممارسة التجسس على بلد تربطه به علاقات رسمية. ومن هنا كان اعتقال علي رضا أكبري وانزال العقوبة بحقه يعكس مدى استقلال وهيبة وقوة ايران، وبنفس الوقت يمثل الضربة المقتدرة لهيبة بريطانياـ وأيضاً اثارة الرأي العام الدولي وأوروبا ضد هذا البلد (بريطانيا) وحماته نظير فرنسا وألمانيا وأمريكا. وعلى وقع هذا كان لزاماً عليهم ان يحولوا انظار العالم الى وجهة وقضية أخرى، التي تمثلت في وضع اسم الحرس الثوري في قائمة المنظمات الارهابية. وبطبيعة الحال كان القرار الاوروبي هذا على قدر كبير من القبح والصلافة وخال من أي دليل وبعيد عن المنطق، ومستلهم من العداء الذي تكنه بريطانيا وبلدان أخرى مثل ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران.
هذا الاجراء ضد ايران تدينه كافة البلدان الملتزمة بالقوانين الدولية، واوروبا التي تزعم دائماً تأييدها للقوانين والقرارات الدولية، اوقعت الضرر بمكانتها على مستوى العالم وجلبت على نفسها تسمية القارة (المناوئة للمقررات).
من جهة أخرى، اخذاً بالاعتبار ان الحرس الثوري كان جاداً في مسار مكافحة الارهاب، مضحياً في هذا الطريق بالكثير من الشهداء، بما فيهم الجنرال القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني، فان البرلمان الاوروبي، باصداره قراره المذكور، قد وضع نفسه في زمرة حماة الارهاب.
تجدر الاشارة الى ان خطوة اوروبا ضد الحرس الثوري، اذا صادق عليها المجلس الاوروبي، وهذا بعيد الاحتمال، فسيتبعها بالتأكيد رد فعل ايراني. ومع الاخذ بعين الاعتبار الموقع الاستراتيجي والجغرافي لايران واطلالتها على الخليج الفارسي وبحر عمان وعلى مضيق هرمز، فمن المحتمل ان يؤدي رد الفعل الايراني الى تأسف أوروبا وندمها على فعلتها.
بالطبع ربما لن يتصرف المجلس الاوروبي بشكل غير منطقي كما تصرف البرلمان الاوروبي، ولا يعرض نفسه لحالة انعدام الامن والخطر، لأن اتباع البرلمان الاوروبي سياسة أمريكا واللوبي الصهيوني سيعود بالضرر على اوروبا. وهذه الاخيرة عليها أن تعلم انه اذا ادرجت كافة المؤسسات العسكرية الاوروبية في قائمة المجاميع الارهابية مثل داعش والقاعدة، فسوف يستدعي هذا بطبيعة الحال اعتبار الجمهورية الاسلامية ان من واجبها مكافحتهم ومجابهتهم لاستئصال جذور الارهاب.