هل ستُنهي “صفقة” ترامب حرب أوكرانيا في 24 ساعة

عندما ورّط الرئيس جو بايدن أوكرانيا في الحرب، لم يكن يُعرها وجيشها وشعبها، بل والقارة الأوروبيّة برمّتها، أيّ اهتمامٍ حقيقيّ

2023-01-29

عبدالباري عطوان

عندما ورّط الرئيس جو بايدن أوكرانيا في الحرب، لم يكن يُعرها وجيشها وشعبها، بل والقارة الأوروبيّة برمّتها، أيّ اهتمامٍ حقيقيّ، لأنّ هدفه الرئيسيّ كانَ، وما زالَ، حِصار روسيا، وخنْقها، تمهيدًا لتفكيكها بعد إسقاط نظام الحُكم فيها، وبعد أن فشل الحِصار، جاءت نتائجه عكسيّةً من حيثُ تقوية الاقتِصاد الروسي بدلًا من إنهاكه، بدأ الرئيس الأمريكي عمليّة الانتِقال إلى المرحلةِ الثانية في هذه الحرب، أيّ مُحاولة نقل المعارك إلى العُمُق الروسي بدءًا من شِبه جزيرة القِرم التي ستتركّز المعارك في الفترة المُقبلة على استِرجاعها للسّيادة الأوكرانيّة، وهذا ما يُفسّر إقدام حِلف الناتو على تزويد الجيش الأوكراني بأسلحةٍ هُجوميّة.

يعتقد الكثير من المُحلّلين الاستراتيجيين ومن بينهم البروفيسور الصيني لي هايدونغ “أن النّتائج الرئيسيّة في ساحة المعركة تعتمد على جودة وقُدرات الأسلحة والجُنود، ويلعب الجيش الأوكراني دورًا سلبيًّا في هذا الصّدد”، وأوضح أن روسيا لديها قُدرات قِتاليّة بريّة قويّة، وأن دبّابات “أبرامز 1″ الأمريكيّة، و”ليوبارد 2” الألمانيّة تُعتَبر من الوزن الثّقيل ويُمكنها إظهار إمكانيّاتها القويّة المُتفوّقة بشَكلٍ مثاليٍّ في فصل الشّتاء، ولكنّها لن تصل إلى الجيش الأوكراني إلا في الرّبيع، وهذا يَصُبّ في مصلحة الدبّابات الروسيّة الأخَفّ وزنًا، والأسرع حركةً، مِثل دبّابة “تي 72″ و”تي 90” ما يُعطيها قُدرةً أكبر على الحركة بشَكلٍ أفضل في الربيع والصيف والخريف.

هُناك شِبه إجماع بأنّ الرئيس الأمريكي السّابق دونالد ترامب ليس خبيرًا في الشّؤون الاستراتيجيّة بشقّيها السّياسيّ والعسكريّ، ولكن ما قاله أخيرًا في أحد تغريداته على حِسابه على منصّة “تروث” الخاص به، بأنّه يجب إعطاء الأولويّة لإنهاء الصّراع بالتوصّل إلى “صفقةٍ” وليس بإرسال الدبّابات ومِليارات الدّولارات إلى أوكرانيا، ويستحقّ التوقّف عنده، وأخذه بعين الاعتِبار، ونحن نتّفق معه في قوله إن الرئيس بايدن سيكون المسؤول الأوّل عن قيامِ حربٍ عالميّةٍ ثالثة لو اندلعت بسبب سياساته الخاطِئة والكارثيّة.

ترامب لم يكشف عن تفاصيل “الصّفقة” التي يقترحها، ويقول إنها ستُنهي حرب أوكرانيا في 24 ساعة، ولعلّه يطرح نفسه وسيطًا في هذا المِضمار، وربّما يُمهّد بالتّالي لبدء حملته الانتخابيّة الرئاسيّة إذا لم يُمنَع من ذلك بسبب المُلاحقات القانونيّة ضدّه وما أكثرها، خاصّةً فضيحة اقتِحام أنصاره للكونغرس احتجاجًا على تزوير الانتِخابات التي أطاحت به، على حدّ زعمهم.

حرب أوكرانيا لن تنتهي إلا في حالتين: حرب مُدمّرة تلجأ إليها القيادة الروسيّة كخِيارٍ أخير إذا شعرت بالهزيمة، أو أن تقبل أمريكا وحِلف الناتو بشُروطها (روسيا) بالمُوافقة على ضمّ مِنطقة دونباس في جنوب وشرق أوكرانيا وفوقها الاعتِراف برُوسيّة شِبه جزيرة القِرم. الرئيس بايدن بتسليحه أوكرانيا بالدبّابات وقريبًا بالصّواريخ والطّائرات، يُطيل أمَدَ الحرب، ويُغلق الباب أمام الحُلول السياسيّة ويُعجّل من الخِيار الأوّل، أيّ الحرب النوويّة، الأكثَر احتِمالًا.

المصدر: رأي اليوم

الاخبار ذات الصلة