موناسادات خواسته
المقاومة أمام العدو المحتل بأي شكل من أشكالها تحظى بمكانة رفيعة بين أحرار العالم، فكل شخص بأسلوبه يقوم بأداء دوره في هذا المجال، فما بالك بمقاومة المحتل الصهيوني الذي يرتكب جرائم يندى لها جبين البشرية؟!
الكاريكاتير من أفضل الوسائل الفنية التي تعكس مواجهة المحتل بسرعة أمام أي حدث يحدث في المنطقة، فالفنان الذي يقوم بالرسوم الكاريكاتيرية يعكس ما يجري في المنطقة.
ايران هي الداعمة للمقاومة دائماً وهناك معارض فنية تقام فيها خلال السنة بموضوع المقاومة، ويتم فيها تكريم الفنانين البارزين وعرض لوحاتهم الفنية، كما حصل أخيراً في “حوزه هنري” حيث أقيم معرض “كمال الفن” للفنان اليمني الشهير “كمال شرف” الذي يحارب الكيان الصهيوني برسوماته الكاريكاتيرية القيمة، وتم تكريم الفنان اليمني في مراسم افتتاح المعرض.
المعرض كان يشتمل على 120 لوحة من الرسومات الكاريكاتيرية بموضوع غزة والمقاومة ومواجهة الكيان الصهيوني، وما أجمل الرسومات! فبهذه المناسبة نقدّم نبذة عن الأستاذ “كمال شرف”.
الرسوم الكاريكاتورية أداة للعمل الجهادي
الفنان اليمني “كمال شرف” يقول: العالم كله لا يتفرج فقط على جرائم هذه الأشهر الـ15، بل يساعد المجرم على جريمته. وعن أسلوبه في العمل في مجال الرسوم الكاريكاتورية المقاومة، يقول شرف: “بدأت فن الرسم الكاريكاتوري منذ عشرين عاماً”. لقد احتلت الرسوم الكاريكاتورية دائمًا مكانة خاصة بالنسبة لي، وليس الصحافة أو الفن الذي يمكنني كسب المال منه، بل أعتبره فنًا لإظهار ما أؤمن به. لقد رأيت نفسي دائمًا كجندي في الحرب”.
قصة صمود الشعب الفلسطيني
الفنان الإيراني الأستاذ سيد مسعود شجاعي طباطبائي يعتبر أعمال كمال شرف قصة صمود الشعب الفلسطيني، وشيء جيد على صعيد المقاومة.
ويقول شجاعي طباطبائي: “قد تبدو أعمال الأستاذ “شرف” بسيطة، لكنها تتمتع بمستوى فني عالٍ، وهو من الفنانين القلائل الذين يمتلكون أسلوباً مميزاً، ويمكن تمييز أعماله بين أعمال عدة، وأعماله هي جهاد التبيين، أي تبيين مقاومة الشعب الفلسطيني”.
الصرخة في الوقت المناسب
كتب الفنان الإيراني “علي بخشايش” مذكرة حول الأستاذ “كمال شرف” تحت عنوان “الصرخة في الوقت المناسب” يتحدث عن خدمات كمال شرف في مجال الكاريكاتير وجهوده في خدمة أهداف جبهة المقاومة، جاء في قسم منها:
عندما نتحدث عن الأعمال الفنية للثورة الإسلامية فإننا نتحدث عن الأنفاس المقدسة والداخلية لفنان هو نفسه رجل الثورة الإسلامية.
كمال شرف هو فنان من الجيل المجاهد بذل جهودا في عصر الحرب الإعلامية والفنية وقام بتبديل أداة رسم الكاريكاتور إلى اداة حادة لمحور المقاومة. إن القدرة المحدثة لفن الكاريكاتير والكارتون في المعركة بين الخير والشر في الفن تتطلب وجود شخصية أتقنت نفسها في أبعاد وجوانب مختلفة من المحتوى والتحليل.
يتم تقديم الكارتون والرسوم الكاريكاتورية وأحيانا الرسوم المتحركة في ثلاثة مجالات: “شرح جذور وأسباب وتحليل الوضع الحالي والحادث الذي حدث”، “السخرية من الغرب والصهيونية وخيانة بعض الزعماء العرب لمحور المقاومة”، و”ترسيم عظمة محور المقاومة”.
وذلك في اللحظات الأولى للأحداث وأنفاسها، من خلال متابعة الأخبار والصحف ومواكبة الميدان، وكل ذلك يتطلب الملاحظة الدقيقة والمعرفة والدراسة المستمرة والإلمام باللغة والثقافة والدلالات، الأوضاع السياسية في دول محور المقاومة.
إن التحليل الصحيح للوضع، والإلمام بالجذور المعرفية ، بالإضافة إلى امتلاك الأسس والأدوات التحليلية الصحيحة، يؤدي إلى القدرة على نشر العمل في الوقت المناسب، وبشكل دقيق، ومباشر.
هذه هي صفات الفنان العالمي في حركة المقاومة، وكل هذه الصفات يمكن أن تنسب إلى الأستاذ كمال شرف.
إن تجاوز المنظور العرقي واعتماد نهج عابر للحدود الوطنية والدينية تجاه القضية الفلسطينية ومواجهة الغطرسة هي من بين مميزات هذا الفنان، والتي إلى جانب صراحته وجرأته وروحه اليمنية الملحمية، جديرة بالملاحظة وحسن التنفيذ.
والآن يمكننا أن ننظر إلى أعمال الفنان الناشط بمنظور جديد. ويمكن فهم أن أعماله تنطوي على عملية متعددة الأبعاد.
يتطلب فن الكارتون و الرسوم الكاريكاتيرية البساطة في الرسم، وفي نفس الوقت الأفكار الذكية. عندما تريد الأفكار أن تصبح عالمية، فإنها عادة ما تترك مساحة الحوار ويصبح التعبير البصري هو الراوي لقصصها.
ومن منظور شكلي، يمكن القول أيضاً إن الرسم والسرد القصصي الشبابي والخيالي لدى كمال شرف في أعماله قد أسفر عن تعبير بصري دقيق، وفي الوقت نفسه يعبر عن قصة المقاومة المرة والحلوة، والتي تنتج عن تصميم خيال جذاب. الشخصيات، ورسوم الصواريخ والطائرات بدون طيار، وشكلها الإيجابي والسلبي بأسلوب خيالي معين.
تعمل هذه الطريقة على جذب الجمهور إلى أعماق القصة في وقت قصير. ومن بين خصائصه الأخرى الخلفيات البنية والترابية التي تشكل الخط في جميع أعماله وتعتبر إحدى السمات المميزة لأعماله.
إن إبداع كمال في إنتاج الرسوم المتحركة والأفلام القصيرة في ذروة الأحداث التي تسخر من القوة العسكرية للغرب يؤدي إلى ظهور أعماله على نطاق واسع وكسر الصمت الإعلامي.
بشكل عام، يجب القول أنه في حرب الخوارزميات والذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام ومكبرات الصوت الصهيونية والغرب المتوحش، يتم تشكيل قدرة وجبهة جديدة، وقد حدثت طفرات فنية ونمو للمقاومة مع سرعة غريبة، وفنانين من العالم الإسلامي، وبالطبع فنانون أحرار من العالم من خلال هذه الأحداث، يبرزون ويتواصلون مع بعضهم البعض.
الفرق بين الفنانين ذوي التوجهات المقاومة هو أنهم لا يرددون شعارات مناهضة للحرب. لقد عاشوا المواجهة بين المظلوم والظالم، ويعرفون القوة والجبر والخديعة في المنطقة. إن حرارتهم تأتي من حرارة ما يقرب من قرن من الاغتصاب، وإساءة معاملة الأطفال، والقمع.
كل شهيد يسقط ينبت كالبذرة في روح المقاومة. إنهم لا يخافون الرقابة والاغتيال، ومثلهم مثل ناجي العلي وكثيرين غيره ممن اغتيلوا بسبب فنهم، فهم مستعدون للشهادة.
كم هو جميل أن يجمع الشهيد مرتضى آويني هذه العبارات معًا: يمكن قطع الحناجر، لكن قطع الصراخ لا يمكن أبدًا؛ إن الصرخة الصادرة من الحلق المقطوعة أبدية، والشرف الأسمى اليوم هو صرخة جبهة المقاومة.