أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور وسام إسماعيل للوفاق:

مناورات إيران العسكرية.. إستعداد لأي سيناريو

خاص الوفاق : تكشف هذه المناورات عن نقاط القوة الاستراتجية التي تملكها إيران والتي تجعلها محصنة ضد تهديدات العدو الصهيوني، وبأن أي عدوان على أرضها سيُرد عليه وسيجعل العدو يدفع ثمن عدوانه قبل أن تعود طائراته إلى أرضه"

2025-01-18

تجري الجمهورية الإسلامية مناورات عسكرية كبرى، هذه المناورات العسكرية التي تنظمها إيران من حين لآخر، للقوات البرية أو البحرية أو الجو فضائية، من أجل تعزيز أمنها واستقرارها، وتعزيز قدراتها على التصدي للاعتداءات المحتملة ضدها. فبعد أسبوع من تمرينات الحرس الثوري العسكرية الكبرى بعنوان مناورات ”الرسول الأعظم- 19″، التي كُشف فيها عن أحدث طائرة مسيرة بإسم ”رضوان” ومنظومة 358 للدفاع الجوي، نفذ الجيش مناورات جوية أطلق عليها اسم ”اقتدار 1403” لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية والحرب الإلكترونية. وتضمنت المرحلة الأولى من المناورات تمريناً مشتركاً للوحدات الجوية في الحرس الثوري والقوة البرية في الجيش للدفاع عن منشأة نطنز النووية وسط البلاد بمواجهة هجمات وهمية بالقنابل والصواريخ والطائرات المسيرة. رسائل قوة واقتدار، أظهرتها ايران في المناورة الثانية حاكت فيها الساحة الحقيقية للقتال وعبر إجرائها تمارين لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية والحرب الإلكترونية في ظروف تشبه ساحة المعركة الحقيقية لحماية سماء إيران والمناطق الحساسة والحيوية. وذلك في إطار الاستعداد لمواجهة التهديدات الصهيونية الأميركية المُحتملة وخاصة مع اقتراب استلام ”دونالد ترامب” الرئاسة الأمريكية، وحول رسائل إيران من هذه المناورات وارتباطها بالتهديدات المستمرة بضرب إيران وخاصةً المفاعلات النووية، حاورت صحيفة الوفاق أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور وسام إسماعيل، وكان الحوار التالي:

 

المناورات ردع للعدو
يؤكد الدكتور إسماعيل أنه في توقيت شديد الحساسية، ينتظر فيها كيان الاحتلال إشارة من إيران يتنبأ بها عما تختزنه من نوايا تجاه الحرب الهمجية التي يشنها على قطاع غزة، أجرت إيران سلسلة من المناورات كشفت فيها عن أسلحة جديدة،  لترفع فيها جهوزية قواتها استعداداً للمواجهة التي قد تتورط الولايات المتحدة بفتحها في جبهاتٍ عدة”.
والمناورات الأخيرة التي نفذتها الجمهورية الإسلامية ليست عملاً منفصلاً بل هي سلسلة مترابطة وفق الدكتور إسماعيل وهي تستهدف إظهار ما تملكه الجمهورية الإسلامية أو القليل مما تملكه في مجال ما طورته من قدرات عسكرية تهدف إلى حفظ الأمن القومي الإيراني وإظهار قدراتها الدفاعية بما يؤدي إلى ردع الأعداء وحفظ السلام في المنطقة، ونقصد بذلك أنه عندما ترى الدول المعادية قوة إيران أو الجزء الذي تكشفه من قدراتها فهذا سيجعلها تمتنع عن الإعتداء على الجمهورية الإسلامية بنسبةٍ كبيرة، وخاصةً بعد الكشف عن امتلاكها أعداد هائلة من المسيرات والتي تستخدمها كسلاح أثبت فاعليته في الحروب واضعاً الجمهورية بين القوى الكبرى من حيث فعاليات مسيراتها، والذي أثبته الميدان، ونرى المقاومة في لبنان وكذلك دولاً أخرى في محور المقاومة ينتج مسيرات وفق نموذج المسيرات الإيرانية، كل هذا يرسل رسائل للأعداء بامتلاكها مقدرات عسكرية تجعلها قادرة على ضرب الأهداف للعدو بدقة، وكذلك كشفها عن المدينة الصاروخية تحت الأرض والتي تمتلك إيران العديد منها وتنتشر على  كافة الأراضي الإيرانية، فوفق وسائل الإعلام لا تكاد تخلو منطقة في إيران من مدن صواريخ بعيدة المدى وهذا في حد ذاته دلالة على نقاط القوة الإستراتيجية التي تملكها إيران والتي تجعلها محصنة ضد تهديدات العدو الصهيوني، وبأن أي عدوان على أرضها سيُرد عليه وسيجعل العدو يدفع ثمن عدوانه قبل أن تعود طائراته إلى أرضه”.
إيران مستعدة لأي سيناريو
يشير الدكتور إسماعيل بأن هذه المناورات تؤكد أن إيران مستعدّة لأي سيناريو وأنها جاهزة لتنفيذ أي نوع من المهام، في أي موقف وفي أي بيئة، للتعامل مع أي تهديد محتمل، ومنع إختراق إيران براً وبحراً وجواً وأي اعتداء سيُردعليه بقوة وفوراً. وهي بهذا الموقف تبعث رسائل تهديد مباشرة مؤكدة للكيان الصهيوني العدو الأول لإيران في المنطقة بالحذر من ضرب لإيران بل حتى مجرد التفكير بضربها”.
ويؤكد الدكتور إسماعيل بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تهدف عبر هذه المناورات مراكمة نقاط قوة على المستوى العسكري وغير العسكري في مواجهة العدو الصهيوني، الذي يُهدد بضرب مفاعلات إيران النووية وأن تهديدات العدو فارغة فهو غير قادر وحده على القيام بها أو تحمل تبعاتها، فسلاح الجو الصهيوني لا يستطيع لوحده مهاجمة الأراضي اليمنية إلا بمرافقة الطائرات الأمريكية وطائرات التزود بالوقود الأمريكية، فإن كان عاجزاً عن مواجهة اليمن لوحده فكيف سيكون وضعه في مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تعد تهديدات الكيان في هذا الإطار تهديدات إعلامية فارغة في أكثرها تستهدف حث الجانب الأمريكي على أن يقوم بهذه المهمة وأن يكون قوةً رديفةً له أو مساعدة، والسؤال هنا هل يصغي ترامب لرغبات نتنياهو ويذهب نحو الخيار العسكري، بالمبدأ ترامب لا يفضل الخيارات العسكرية وهو يعمل على تجنب إدخال القوات الأمريكية في أي حرب، والتجربة السابقة له أكدت هذا الواقع، لذا لا يجب الحسم بتنفيذ ضربة أمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية، وأعتقد أنه ليس خياراً متاحاً، لأن الأمريكي يعلم ثمن ذلك، والذي قد يكون تغييراً على مستوى العقيدة النووية مما يُغيّر الوضع برمته في المنطقة، إضافةً إلى أنه سيؤدي إلى قصف إيراني للقواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة، وبالتالي سيتغير تعامل الجمهورية الإسلامية مع تطورات المنطقة التي كانت تقاربها بحذر في السابق، وستدخل حينها بالمواجهة الشاملة عندما تجد نفسها معرضةً لحرب تستهدف وجودها، فإنها لن تكون حذرة بل ستتحول نحو المواجهة الشاملة”.
المصدر: الوفاق/ خاص