عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين للوفاق:

غزة انتصرت بصمود أبنائها ومقاومتها ومساندة جبهات الإسناد

خاص الوفاق: إيران قدمت دعماً لغزة، وكانت دائماً دولة داعمة لجبهات المقاومة في لبنان وفلسطين ولكل أحرار العالم ومستضعفيه وهي شريكة لنا في النصر

2025-01-20
عبير شمص

 

بعد أكثر من عام وثلاثة شهور رضخ العدو الصهيوني وراعيه الأمريكي لإرادة المقاومة وانصاع لحقائق قوة الإرادة والتي تختلف كثيراً عن الحسابات المادية لحقائق القوة بمفردها، والتي تصور أنها ستمنحه نصراً ساحقًا، لتسجل جبهة المقاومة بجميع ساحاتها انتصاراً إستراتيجياً بالمفهوم العلمي والإستراتيجي الذي لا يعتمد على كم الخسائر والتضحيات والدمار، بل يعتمد على أهداف المعركة ونتائجها المستقبلية ممتدة الأثر، في هذا السياق وللإطلاع على أسباب قبول العدو الصهيوني لشروط إتفاق وقف إطلاق النار ومكامن إنتصار للمقاومة وهزيمة العدو ودور جبهات الإسناد في تحقيق هذا النصر من اليمن والعراق وحزب الله وإيران، حاورت صحيفة الوفاق عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان الأستاذ أركان بدر، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

انتصار كبير للشعب الفلسطيني
يؤكد الأستاذ بدر بأن الإتفاق بين المقاومة والعدو الصهيوني يُشكل انتصاراً كبيراً للشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة والإلغاء والتطهير العرقي ومحاولة تصفية الوجود وإلغاء الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهو يشكل انتصاراً واضحاً جلياً لا لبس فيه ولا غموض ذلك أن المقاومة صمدت طيلة هذه الفترة من حرب الإبادة صموداً إعجازياً منقطع النظير ومن تكبيد الاحتلال خسائر فادحة، نوجه التحية لهذا الشعب ومقاومته بكل فصائلها وتشكيلاتها العسكرية التي توحدت على الأرض وفي الميدان في غرفة عمليات مشتركة”.
حالة استنزاف للعدو .. شلل كامل

 

 

يشير الأستاذ بدر إلى خسائر كبيرة لا تعد ولا تحصى تكبدها الإحتلال الصهيوني، في المجال الإقتصادي والسياحي، خسائر بمئات مليارات الدولارات، وحالة شلل كامل تعرض لها العدو الصهيوني، ملايين من الصهاينة والمستوطنين كانوا يبيتون لياليهم في الملاجئ بسبب صواريخ المقاومة وهجرة عكسية للمستوطنين إلى بلدانهم الأصلية وضرب لمقولة أرض الأجداد والميعاد التي وعدوا بها من ربهم على حد زعمهم، هذا كله إنجازات تسجل في سجل المقاومة التي واجهت مع شعبها حرب إبادة ومحاولة قتل الحياة في غزة عبر استهداف المدنيين نساءً   وأطفالاً وشيباً وشباباً”.

 

كما يشير الأستاذ بكر إلى أن ثبات هذا الشعب في أرضه ورفض تهجيره منها أسقط كل الخطط والسيناريوهات التي حاول العدو فرضها، خطط الترحيل والتهجير وبقائه في غزة والقضاء على المقاومة أسقطها الشعب الفلسطيني بصموده الأسطوري الذي أوصل نتنياهو وجيشه المهزوم للرضوخ والقبول بالإتفاق، مع بعض العوامل الثانوية مثل التدخل الأمريكي ومظاهرات أهالي الرهائن الصهاينة، ويبقى العامل الرئيس حالة الصمود الإعجازي للمقاومة وشعبها”.

 

العدو الصهيوني.. ماكر ومخادع لا يحترم الإتفاقيات

 

يؤكد الأستاذ بدر أن الصهاينة يمتازون بالخبث والخداع ويخرقون الوعود والمواثيق، فها نحن نراه في لبنان يخرق إتفاق وقف إطلاق النار ويسعى جاهداً للبقاء في لبنان وهذا ما لن يحصل بوجود حزب الله، ومن الممكن أن يحاول العدو عبر إتفاق الهدنة تمرير ما عجز عنه بقوة الإرهاب وهذا ما يستدعي تشكيل موقف موحد لكافة الفصائل الفلسطينية وأن نكون على أهبة الاستعداد وأن تبقى أصابعنا على الزناد للرد على أي خروقات قد يرتكبها العدو، وعلى رعاة هذا الإتفاق الضغط عليه، الصمود الأسطوري والإعجازي للشعب الفلسطيني خلال ما يزيد عن 15 شهراً إنما هو تعبير عن إرادة الصمود الفلسطينية والثبات والتمسك بالأرض وصد الاحتلال ومنعه من تحقيق أهدافه وكنس الإستيطان وانتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة في العودة وفي تقرير المصير في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، المعركة التي خاضها هذا الشعب لم تكن متكافئة عسكرياً فالعدو الغاصب يمتلك من الترسانة العسكرية المتطورة الأمريكية الصنع الكثير بما لا يُقارن مع إمكانيات المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها، لكننا بسبب إرادتنا وبسبب موقعنا كجزء من هذه الحرب العدوانية ولأننا لا يمكن أن نتعايش مع هذا العدو صمدنا وقاومنا ورفضنا كل محاولات إرغامنا على رفع الرايات البيضاء وعلى الإستجابة للمطالب والأهداف الصهيونية وعلى التسليم بها وهذا أمر لم يحصل ولن يحصل وبالتالي من يثبت ومن يصمد ومن يستمر في المقاومة فستكون الغلبة له في نهاية المطاف وهذا ما تحقق على الأرض بإرغام الاحتلال على الانصياع لتوقيع إتفاق وقف إطلاق النار”.

 

فشل العدو رغم الدعم الأمريكي غير المحدود

 

يرى الأستاذ بدر بأن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت في هذه الحرب للعدو الصهيوني  إمكانيات هائلة جداً لم يقدمها حليف لحليف في التاريخ، إدارة بايدن قدمت دعماً مفتوحاً من  الصواريخ الذكية وقذائف 35 وطائرات اف 16 والدعم المالي واللوجستي والسياسي والدبلوماسي والدعم في المحافل الدولية لمنع إتخاذ قرارات دولية بحق العدو، ومن الممكن أن تكون إدارة ترامب قد وعدت نتنياهو وحكومته بإجراءات معينة في الضفة الغربية من جهة التغاضي عن الاستيطان ودعمه وتعزيزه والموافقة على ضمها لدولة الإحتلال الصهيوني لأن ترامب قال في إحدى حملاته الإنتخابية بأن مساحة الكيان الصهيوني صغيرة ويجب أن تتوسع وستتوسع عبر الإستيطان الذي سيواجه بمقاومة فلسطينية بالضفة والقدس اللتين هما جزء من أراضي الدولة الفلسطينية وفقاً للقانون الدولي والتي نناضل من أجلها”.

 

ضامنو الاتفاق رعاته

 

يؤكد الأستاذ بدر على أن رعاة إتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة والعدو الصهيوني وهم قطر والولايات المتحدة الأمريكية ضامنون له، وكذلك يجب أن يكون لمجلس الأمن الدولي  دورٌ فاعل في تبني هذا الإتفاق وإلزام العدو الصهيوني على تنفيذه، ولكن الضامن الرئيسي للإتفاق هو صمود ووحدة المقاومة التي انتصرت في غزة والتي يجب أن تُفعل في الضفة لأنها الآن في عين العاصفة خاصةً لأن نتنياهو قد يحاول الإستمرار في تنفيذ مشروعه بتعزيز الإستيطان بالضفة الغربية وضمها لكيانه المؤقت، وقد يغطى أمريكياً لذا يجب التوحد في وجه هذا الخطر وأن نسحب الإعتراف الفلسطيني بدولة الإحتلال الصهيوني وأن نضع استراتيجية مقاومة تستحضر عناصر الصمود والقوة الفلسطينية وبالتالي تؤسس لمرحلة جديدة وأن لا نراهن على دور أمريكي أو تدخلات خارجية بل يجب أن يكون الرهان دائماً على العامل الذاتي وهو الشعب الفلسطيني والمقاومة بكافة أشكالها وأن توجه بنادق كل الأجهزة الأمنية وفصائل المقاومة إلى صدر الإحتلال جيشاً ومستوطنين وإجباره على الإنسحاب من أرضنا”.

 

جبهات الإسناد شركاء في النصر

 

يؤكد الأستاذ بدر أن العامل الأول والأساسي لهذا الانتصار هو الصمود الشعبي والإعجازي للمقاومة وشعبها، يضاف إليه عوامل إضافية رئيسية هامة ومؤثرة منها جبهة الإسناد اللبنانية الذي قدم أكثر مما نتوقع ، فقد قدم خيرة قادته شهداء وفي مقدمتهم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله وهذا شكل عامل مساند وداعم حاسم في انتصار شعبنا ومقاومته في غزة، فالتحية للبنان شعباً وجيشاً وحكومةً ومقاومةً والعامل الثاني هو اليمن صاحب الدور الأبرز في دعم صمود شعبنا وفي تحقيق الإنتصار، اليمن ذلك البلد الذي يبعد أكثر من 2000 كيلو متر مربع عن فلسطين قدم إنجازاً هاماً جداً في سياق معركة “طوفان الأقصى” فتحيةً له شعباً وجيشاً وحركةً وقيادةً  لدوره ليس فقط في إطلاق المسيرات والصواريخ على العدو، بل لإغلاقه مضيق باب المندب ومنع السفن من الوصول لمساعدة العدو الصهيوني عسكرياً ولوجستياً، والعامل الثالث هو العراق الذي قدمت مقاومته الدعم لغزة وتحيتنا إليه ولشعبه، أما الدور الرئيسي والهام هو للجمهورية الإسلامية في إيران التي قدمت دعماً عسكرياً ولوجستياً ومالياً ولعبت دوراً في الحراك الدولي والسياسي والدبلوماسي، كما وجهت ضربات للعدو الصهيوني مستهدفةً المواقع الإستراتيجية له ملحقةً بها خسائر كبيرة، إيران كانت دائماً دولة داعمة لجبهات المقاومة في لبنان وفلسطين ولكل أحرار العالم ومستضعفيه وهي شريكة لنا في النصر فشكراً لها جيشاً وشعباً وحرساً ثورياً ودولةً ورئيساً وقائدها سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي، نحن نشكر كل الشعوب التي وقفت إلى جانبنا والمظاهرات التي خرجت لنصرتنا في كل مكان والتحية لشهداء شعبنا في الشتات ولشهداء لبنان والعراق واليمن وايران ولكل من وقف معنا”.

 

وختم الأستاذ بدر حديثه بالقول أتى هذا الإتفاق بعد أكثر من 470 يوماً من المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وفشل العدو الصهيوني في تحقيق أهدافه، فلم يحرر الأسرى بالقوة ولم يقضي على المقاومة التي ما زالت حتى هذه اللحظة تقاتل وتسدد الضربات وتؤلم العدو وتكبده الخسائر البشرية في صفوفه وهذا ما يُعد خسارة له وأكثرها ذلاً  تفاوضه مع المقاومة التي سعى إلى القضاء عليها بل والقبول بشروطها في أبهى صور الذل والهوان له والنصر والعزة للمقاومة”.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص