أزمة اللاجئين الأوكران في أوروبا

وفقاً للبيانات المنشورة، يعيش حالياً أكثر من 4.3 مليون لاجئ أوكراني في الدول الأوروبية، حيث ساهموا في سد الفجوة في سوق العمل من خلال شغل الوظائف الشاغرة، خاصة في ظل انخفاض معدلات البطالة في أوروبا

2025-01-21

تبرز قضية اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا كواحدة من أهم القضايا التي تشغل صناع القرار الأوروبيين. فمنذ بداية الصراع الروسي الأوكراني، استقبلت القارة الأوروبية ملايين اللاجئين الأوكرانيين، مما أدى إلى تغييرات جوهرية في سوق العمل والنسيج الاجتماعي الأوروبي. واليوم، و تكشف تقارير إعلامية عن تحديات جديدة قد تواجه أوروبا في المستقبل القريب.

 

حيث ذكرت وكالات أن أوروبا قد تواجه أزمة اقتصادية جديدة بسبب نقص القوى العاملة بعد انتهاء النزاع العسكري في أوكرانيا.

 

ووفقاً للبيانات المنشورة، يعيش حالياً أكثر من 4.3 مليون لاجئ أوكراني في الدول الأوروبية، حيث ساهموا في سد الفجوة في سوق العمل من خلال شغل الوظائف الشاغرة، خاصة في ظل انخفاض معدلات البطالة في أوروبا. ومع ذلك، يشير التقرير إلى احتمال عودة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم بعد إحلال السلام بين كييف وموسكو. ويصف كُتّاب التقرير الوضع السكاني في القارة الأوروبية بأنه “محفوف بالمخاطر”، معتبرين أن عودة الأوكرانيين إلى وطنهم بعد حل النزاع قد تؤدي إلى تفاقم الوضع.

 

وتستضيف بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا العدد الأكبر من المهاجرين الأوكرانيين. ويشير التقرير إلى أن جزءاً من النجاح الاقتصادي لهذه البلدان خلال العامين الماضيين يعود إلى استخدام العمالة الأوكرانية منخفضة التكلفة. وفي حال بدأت عودة جماعية للأوكرانيين إلى بلادهم، فقد يشكل ذلك تهديداً خطيراً لاقتصادات هذه البلدان، حيث يمكن أن يؤدي نقص القوى العاملة إلى زيادة التضخم.

 

وفي منتصف يناير، حذرت كارين كنايسل، وزيرة الخارجية النمساوية السابقة، من أن الدول الأوروبية تواجه أزمة متفاقمة بسبب اللاجئين الأوكرانيين غير الراغبين في العمل. وأشارت إلى أن العديد منهم لا يهتمون بالبحث عن وظائف ويعتمدون على أنظمة الرعاية الاجتماعية الأوروبية، مما يشكل عبئاً مالياً إضافياً على الحكومات الأوروبية، وهي مشكلة يتم تجاهلها لأسباب سياسية.

 

كما صرح وزير الدفاع البولندي، فاديسواف كوسينياك-كاميش، مؤخراً بأن المجتمع البولندي قد تعب من النزاع في أوكرانيا وأصبح غير راضٍ عن استمرار وجود اللاجئين الأوكرانيين. وكشف أن هذا الاستياء نابع من مشاهدة شباب أوكرانيين يقودون سيارات فاخرة ويقيمون في فنادق باهظة الثمن، في حين يعاني المواطنون البولنديون من ظروف معيشية صعبة.

 

في المقابل، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أوائل يناير، الدول الغربية باستغلال اللاجئين الأوكرانيين كعمالة رخيصة. وانتقد مطالبة بعض الدول الأوروبية للأوكرانيين العاطلين عن العمل بالعودة إلى بلادهم.

 

أوروبا تواجه معضلة معقدة فمن جهة، ساهم اللاجئون الأوكرانيون في سد فجوة العمالة في العديد من القطاعات الاقتصادية، ومن جهة أخرى، أدى وجودهم إلى تحديات اجتماعية واقتصادية جديدة. وفي ظل احتمال عودتهم إلى بلادهم بعد انتهاء النزاع، تواجه أوروبا تحدياً مزدوجاً يتمثل في ضرورة إيجاد حلول مستدامة لسوق العمل وإدارة التداعيات الاقتصادية المحتملة. ويبدو أن على صناع القرار الأوروبيين البدء في وضع استراتيجيات طويلة المدى للتعامل مع هذه التحديات المستقبلية، مع الأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة لكل من المجتمعات المضيفة واللاجئين على حد سواء.

 

 

المصدر: وكالات