عبیر شمص
اتخذت المحكمة الجنائية الدولية تدابير لحماية موظفيها من عقوبات أمريكية محتملة، من خلال دفع رواتب ثلاثة أشهر مقدماً، وذلك وسط استعدادها لقيود مالية قد تسببها العقوبات الأميركية وذلك بعد تصويت مجلس النواب الأمريكى هذا الشهر على معاقبة المحكمة، رداً على إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ”الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بسبب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في غزة، في هذا السياق التقت صحيفة الوفاق بالأكاديمي الفلسطيني المختص في القانون الدولي والنظم السياسية الدكتور وسام عطا الله، وكان معه الحوار التالي:
يرى الدكتور عطا الله أن التهديد الأمريكي سينتهي مع الإدارة الأمريكية الجديدة فالقانون الذي تم إقراره على درجة واحدة في مجلس النواب يجب تصويت مجلس الشيوخ عليه، وهذا لن يتم وسينتهي مع الإدارة الأمريكية الجديدة، هذا لن يؤثر باعتقادي على سير المحكمة لأنها تضم 124 دولة أعضاء في نظام المحكمة وتمويلها يقسّم عليهم، بالتالي لن يقوض عملها”.
جرائم ضد الإنسانية
يؤكد الدكتور عطاالله أن ما قام به الجيش الصهيوني سواء على صعيد وزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة الفرق والألوية والفصائل هي جرائم حرب وإبادة جماعية وضد الإنسانية ولن يفلتوا من العقاب على أكثر من مستوى ولن يمحى من ذاكرة الأجيال ولا من التاريخ ولا يسقط بالتقادم، أولاً على صعيد محكمة العدل الدولية وهي الجهاز القضائي الذي وجّه للعدو الصهيوني جرم الإبادة الجماعية ولم يستطع الدفاع عن نفسه أمام الفريق القانوني لدولة جنوب أفريقيا التي رفعت هذه الدعوى وانضمت إليها العديد من الدول التي قدمت أدلة مادية مكتوبة ومصورة لدعم تلك القضية المرفوعة، أما على صعيد المحكمة الجنائية الدولية فلأول مرة تصدر مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها العدو على مدار 15 شهراً ، وهو لم يترك شيئاً من الأسلحة المحرمة إلا واستخدمه ولم يترك جريمة من الجرائم التي لم يعرفها التاريخ من قبل إلا وقام بها، أما على صعيد القضاء الوطني في الدول فهناك كثير من الدول تستطيع ملاحقة الجنود الصهاينة الذين يحملون جنسيات هذه الدولة مع الجنسية “الإسرائيلية”، وهذا ما حصل فلوحق الجنود الصاينة في إجازاتهم وسفرهم مما أدى إلى هروبهم، وقد رفعت دعاوى جرائم الحرب وفق الأفعال التي نشرها الجنود على صفحاتهم الشخصية، فالجنود الصهاينة نشروا آلاف الفيديوهات حول نشاطهم العسكري في غزة والضفة ولبنان، متباهين بجرائمهم فرحين بارتكابها”.
مؤسسة هند رجب القانونية
يشير الدكتور عطا الله إلى الجريمة المروعة التي ارتكبها العدو الصهيوني بقتل أهل الطفلة هند رجب التي لم تبلغ ست سنوات من العمر والجميع شاهد وسمع صوتها وهي تنادي وتناشد ضباط الإسعاف الذين ذهبوا لإنقاذها فاستهدفهم العدو الصهيوني مما أدى إلى استشهادهم، واستشهدت الطفلة فيما بعد وحيدة، تأسست مؤسسة قانونية بإسمها لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة جنوداً وقادة عسكريين والحكومة التي شكلت الغطاء السياسي والقانوني والمالي والعسكري وإمداد الجيش الصهيوني بما يحتاج لتنفيذ جرائمه، وتسعى هذه المؤسسة لتحقيق العدالة في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال ضدّ الفلسطينيين، إذ جمعت معلومات عن أكثر من 1000 جندي صهيوني من مزدوجي الجنسية، ممن شاركوا في حرب الإبادة ضدّ قطاع غزة، وقدّمت طلبات اعتقال ضدّهم في عدة دول، وهكذا سيبقى إسم الطفلة الشهيدة رعباً وكابوساً يلاحق كل من يعمل في الجيش والحكومة الصهونية الفاشية وستبقى هذه المؤسسة سيفاً مسلطاً يلاحق هؤلاء المجرمين أمام المحاكم الدولية والمحاكم الوطنية”.
هروب من الملاحقة
يؤكد الدكتور عطا الله بأن الجيش الصهيوني وحكومته يحاولون عبر أدواتهم الدبلوماسية الضغط على الدول لمنع السلطات القضائية بملاحقتهم وضمان إفلاتهم من العقاب، لكنهم لن ينجحوا في ذلك في كثير من الدول، فهناك 193 دولة في العالم، لا يتعدى منها من حلفائهم الأساسيين أصابع الأيدي وهم أمريكا ألمانيا فرنسا بريطانيا، بينما يوجد في بقية الدول فصل بين السلطات ولا يمكن الإملاء على السلطات القضائية بشكلٍ كبير منح حصانة لمجرمي الحرب الصهاينة، وأعتقد أن هذا السلاح القانوني هو سلاح فعال لكنه طويل الأمد فلا تُرى آثاره ونتائجه بشكلٍ فوري وإنما يحتاج لسنوات”.
في ختام حديثه يؤكد الدكتور عطاالله أنه بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ لن يتأثر سير الدعاوى المرفوعة ضد العدو الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية كدولة أو أفراد أو القضايا المرفوعة أمام القضاء الوطني في العديد من الدول كجنود وقيادات في الجيش الصهيوني، إن إتفاق وقف اطلاق النار لن يؤثر ببساطة لأن هذه الجرائم جرائم حرب”.