وصل العشرات من أهالي بلدتي ميس الجبل وحولا، جنوبي لبنان، سيرًا على الأقدام إلى الأحياء الغربية للبلدتين، متجاوزين حواجز الجيش اللبناني والجرافات الصهيونية التي قطعت الطرقات.
وأفادت قناة المنار بأن قوات الاحتلال أطلقت رشقات رشاشة وعددًا من القذائف على محيط تحرك المدنيين، الذين تمكنوا رغم ذلك من العبور سيرًا على الأقدام إلى بلدتي حولا وميس الجبل.ورغم إطلاق الرصاص والقنابل التي ألقتها الطائرات الصهيونية، استمر المواطنون اللبنانيون في التوافد إلى بلداتهم الحدودية، مثل ميس الجبل وحولا ومركبا، وصولًا إلى الأحياء الغربية، وفقًا لمصادر محلية.
وأشارت المصادر إلى أن أهالي بلدة مارون الراس دخلوا إلى قريتهم رغم وجود قوات الاحتلال ودباباتها. وفي بلدة يارون، انتشر المواطنون في محيط البلدة، متحدّين تمركز الآليات الصهيونية.أثناء دخولهم إلى بلداتهم، ردد الأهالي شعارات مؤيدة للمقاومة، متحدّين تحذيرات جيش الاحتلال.
من جهة أخرى، قام الجيش اللبناني بفتح طريق عام الطيري – بنت جبيل أمام أهالي بلدة عيتا الشعب بعد مفاوضات استمرت حوالي نصف ساعة، استجابة لإصرار الأهالي على العودة.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية استشهاد 15 مواطنين لبنانين وإصابة 83 آخرين في حصيلة محدثة جديدة لاعتداءات العدو على مواطنين في جنوب لبنان.
وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان، أعلن أن اعتداءات العدو الصهيوني خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة أدت إلى ارتفاع في عدد الشهداء والجرحى وفق الحصيلة غير النهائية التالية:
– شهيدان وشهيدة في عيترون واثنا عشر جريحًا- شهيد في بليدا وجريحان- ثلاثة شهداء في حولا وأربعة عشر جريحًا- شهيدان وشهيدة في مركبا واثنا عشر جريحًا- شهيد في كفركلا وخمسة عشر جريحًا- عسكري شهيد في الضهيرة – شهيد وشهيدة وسبعة جرحى في ميس الجبل- شهيد وستة جرحى في العديسة- جريحان في بني حيان- جريح في مارون الراس- جريح في شقرا- جريح في دير ميماس- جريح في رب تلاتين- جريحان في الطيبة- سبعة جرحى في يارون.
وعلى الرغم من هذه الاعتداءات، دخل أهالي مدينة الخيام بمسيرات سيارة إلى بلدتهم. كما دخل أهالي بلدة حانين بقضاء بنت جبيل إلى بلدتهم، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية. وبالتزامن، دخلت دوريات مؤللة للجيش اللبناني إلى عيتا الشعب في الجنوب.
كما أعلن الجيش أنّ دخول وحدات مارون الراس في الجنوب، حيث تقف إلى جانب المواطنين في مواجهة الاحتلال.
الشعب يفتح الطريق أمام الجيش اللبناني
وأفادت المنار بوجود تعاون كبير بين الأهالي والجيش اللبناني، ومع ذلك، فإن الزحام الذي سببه العائدون إلى البلدة فرض واقعًا جديدًا على المكان، سواء على الجيش اللبناني أو على جميع الموجودين، لتسهيل عملية الدخول.
مواقف رسمية تحيي صمود الجنوبيين
وتوجه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بتحية إجلال وتقدير لأبناء القرى الحدودية اللبنانية الجنوبية، وقال: “نحن لا زلنا نزف الشهيد تلو الشهيد على مساحة الجنوب والبقاع والضاحية وكل الوطن، ونقتفي آثار العشرات فلا نجد إلا أثرًا طيبًا لهم وأطيافًا وأحلامًا، بل هم أحياء عند ربهم ولكن لا تشعرون”.
وأضاف: “طوبى لهؤلاء… طوبى للأمهات، طوبى لكم أيها الجنوبيون يا حراس حدود أرضنا وسيادتنا واستقلالنا وعناوين عزتنا وكرامتنا وقوتنا، مجددين تأكيدكم أنكم كما أنتم عظماء في مقاومتكم، كذلك أنتم اليوم تثبتون للقاصي والداني أنكم عظماء في انتمائكم الوطني، وأن الأرض هي كما العرض، ترخص في سبيل الذود عنها أغلى التضحيات، وأن السيادة هي فعل يُعاش وليست شعارات تلوكها الألسن”.
*عون: أشارك اهلنا في الجنوب فرحة انتصار الحق
وفي السياق، أكد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون أن هذا يوم انتصار للبنان واللبنانيين، انتصار للحق والسيادة والوحدة الوطنية.
وقال في بيان “اني اذ أشارككم هذه الفرحة الكبيرة ، أدعوكم إلى ضبط النفس والثقة بالقوات المسلحة اللبنانية، الحريصة على حماية سيادتنا وأمننا وتأمين عودتكم الآمنة إلى منازلكم وبلداتكم”.
وأكد الرئيس عون “سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة، وأنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم”، وقال “الجيش اللبناني معكم دائماً، حيثما تكونون يكون، وسيظل ملتزماً بحمايتكم وصون أمنكم”. وختم بيانه بالقول “معاً سنبقى أقوى، متحدين تحت راية لبنان”.وبدوره، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي الدول التي رعت تفاهم وقف النار الى تحمّل مسؤولياتها في ردع العدوان واجبار العدو الصهيوني على الانسحاب من الاراضي التي تحتلها.وقال في بيان إن “هذا ما ابلغناه الى المعنيين مباشرة محذرين من أن أي تراجع عن الالتزام بمندرجات وقف النار وتطبيق القرار 1701 ستكون له عواقب وخيمة”.
وقال “في هذا اليوم الذي عبّر فيه أبناء الجنوب الجريح عن تعلقهم بارضهم وهويتهم رغم تهديدات العدو الصهيوني ، نتوجه بتحية إكبار الى أهلنا الصامدين في أرضهم الجنوب أو الذين اضطرهم العدوان الى النزوح قسراً عن ارضهم، وبشكل خاص الذين قرروا العودة اليوم، وواجهوا نيران العدوان ببسالة”، وأضاف “إن وطنيتكم باتت مثالا يحتذى وشهادة بالدم بأن لا حق يضيع ووراءه مطالب”.
*سلام اتصل بالرئيس عون
هذا، واتصل رئيس الحكومة المكلف نواف سلام برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لمواكبة تطورات الوضع في الجنوب، مؤكدا انه يشاركه الثقة الكاملة بدور القوات المسلحة اللبنانية، وفي مقدمها الجيش، في حماية سيادة لبنان وتأمين العودة الآمنة لأهلنا في الجنوب الى قراهم ومنازلهم.
وقال سلام: “اغتنم هذه المناسبة لأعيد التأكيد على ما قلته في تصريحي الأول بعد التكليف حول أولوية تأمين شروط إعادة بناء القرى والمنازل المهدمة في الجنوب والبقاع وبيروت”، مكررا ان “إعادة الاعمار ليست مجرد وعد بل التزام منه”.
*الحريري: أنحني أمام الشهداء والجرحى
وكتب الرئيس سعد الحريري عبر حسابه على منصة “X”: “أنحني أمام الشهداء والجرحى من أهلنا المدنيين العزل في الجنوب وأمام إرادتهم الصافية في وجه احتلال يخرق اتفاق وقف إطلاق النار”.وأضاف “التحية لجيشنا الوطني الذي آمل أن يلتزم أهلنا بتوجيهاته لحمايتهم”، ودعا “المجتمع الدولي مدعو فورا لتحمل مسؤوليته تجاه احتلال خارج على قانونه وعلى اتفاق ضمنته ورعته دول عظمى والتزم به لبنان التزاما كاملا.
*حزب الله: نشهد أياماً تاريخية
بدوره أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن العدو الصهيوني لا يولي أهمية لأي اتفاقات أو تعهدات، ولا يعترف بالإرادة الدولية التي تغطي هذا الاحتلال، خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وأضاف النائب فضل الله في تصريح لقناة المنار أن معادلة الجيش والشعب والمقاومة ليست تلك التي تُكتب على الأوراق وفي البيانات الوزارية، بل هي تُصنع على الأرض.وأوضح قائلاً: “نريد أن نسجل للشعب الذي قدم أبنائه شهداء، وكان عوائل الشهداء في المقدمة، والمقاومة صمدت، قاتلت، واجهت، وقدمت التضحيات، والشعب كان معها”، وأضاف: “يجب أن نسجل هذا الانتصار الكبير للشعب.وقال: “إذا سألتم عن الانتصار، فتعالوا وانظروا هنا، ولا تنظروا فقط إلى الثمن الذي دفعناه”.
وفي السياق، أشار النائب فضل الله إلى أن الجيش اللبناني، وبعد دخول المواطنين إلى بلدة عيتا الشعب، رأينا قافلة الجيش أيضًا تدخل البلدة من دون أي تنسيق مع اليونيفيل أو مع العدو. وقال: “هنا يجب أن نسجل أيضًا هذه الإرادة لجنودنا وضباطنا وعناصر الجيش الوطني الذين بدأوا بالانتشار مع الناس، وحيثما وصل الناس، يصل الجيش وراءهم. هذه هي معادلتنا الحقيقية”.
ودعا النائب فضل الله إلى عدم العيش في الأوهام بأن لبنان لا يمكن أن يكون بلا مقاومة، ولا يمكن أن يكون بلا شعب، ولا بلا جيش، وشدد على أن المعادلة قد رسخت اليوم على أرض الواقع.
وبدوره، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أن هذا اليوم تاريخي، مشيراً في مقابلة مع المنار إلى أن هذه المبادرات الشعبية لم تكن منظمة، رغم كل أجواء التهويل والعوائق والتعقيدات التي وُضعت على مدى الأيام الماضية.
وشدد على “أننا سنشهد أيامًا تاريخية، لأن العدو الصهيوني سينكسر أمام هذا الزحف البشري”. وأكد أن الشعب الجنوبي يصنع تاريخًا جديدًا من الثبات والصمود وإرادة التحدي والمواجهة.