في ذكرى وصوله المبارك الى أرض الوطن

قراءة في أشعار الإمام الخميني (قدس)

شخصية الإمام الخميني (قدس)، شخصية كاريزمية اجتذبت جميع أحرار العالم.

2023-02-01

الوفاق/ يصادف اليوم الأربعاء 1 فبراير/كانون الثاني، اول ايام عشرة الفجر المباركة، والذي عاد الإمام الخميني (قدس) فيه الى ارض الوطن بعد أعوام المنفى، فبهذه المناسبة نقدّم لكم نبذة عن أشعار الإمام الخميني (قدس) وبعض الكتب التي تطرقت إلى هذا الموضوع في البلدان العربية، إضافة الى الكتب العديدة التي تم نشرها في داخل ايران.

لم يكرس الإمام  الخميني (قدس) نفسه للشعر والشعراء، ذلك العاشق الصادق، كلما حصلت له فرصة من واجبه ورسالته، كان يصف ألم الهجر في شكل كلمات وهي كلمات إيقاعية على قطعة من الورق. التفسيرات والمصطلحات التي تظهر في قصائد الإمام هي نفسها التي قدمها العرفاء الشعراء والشعراء الصوفيون في قصائدهم.

كتب الإمام الخميني (قدس) في شبابه العديد من الغزليات العرفانية وجمعها في دفتر، ولكن للأسف، خلال الرحلات المتتالية، فقد هذا الكتاب. بعد ذلك، كانت هناك بعض قصائده في متناول اليد، وقد تم تسجيل بعضها بخط يده.

وبعضها نسخته زوجته العزيزة في دفتر، وقد فقد هذا الدفتر أيضاً أثناء التغيير المتكرر لمكان إقامتهم، ولكن بعض المخطوطات متبقية أيضاً، وبعد غزو عملاء السافاك لمنزله ومكتبته الشخصية، ضاعت؛ ومع ذلك، فقد تم تدريجياً إرسال نسخ قليلة من قصائده القديمة، المحفوظة في أيدي أتباعه وأصدقائه كأمانة ثمينة، إلى “مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس)”.

بعد انتصار الثورة الإسلامية، كتب الإمام، بناءً على طلب وإصرار كبير من السيدة فاطمة طباطبائي، زوجة ابنه الحبيب – حجة الإسلام والمسلمين الحاج سيد أحمد الخميني – قصائد بأشكال مختلفة وبمضامين عرفانية، لحسن الحظ  يتم حفظ جميع مخطوطات هذه القصائد في هذه المؤسسة.

جمعت كل هذه القصائد في مجموعة ديوان الإمام الخميني (قدس)، وقدمت للمهتمين بالأدب والعرفان الإسلامي.

القصيدة العرفانية

تشكل القصيدة العرفانية مظهراً لوجد يفيض من القلب وتوق للمطلق يضرم النيران في الروح، في مظهر كهذا يذوّب العارف الحدود وفي مقدمتها الطقوس الجامدة والمراسيم البالية لمفردات العبادة اليومية الخلوة من التسامي والتوحد بالمطلق، ضالة العارف ومبتغاه. كما ترتكز التجربة العرفانية على عنصر الكشف والحدس القلبي لما لها من دور أساس في القبض على المعرفة المتأتية من خلال سفر العارف في الآفاق والأعماق.

أما على صعيد اللغة فتسعى القصيدة الى أبتكار دلالة جديدة للمفردة وخلق عوالم تتزاحم فيها المعاني وتتغلب على طابعها المألوف وبعدها الحسي . ان عملية الترميز التي تعتمدها القصيدة العرفانية يراد منها إظهار المعاني المضمورة في بواطن الكلام.فثمة خفايا وأسرار محجوبة عن الأغيار المقيدين بسلاسل الحواس.

 اضاءة لبعض المفردات والعبارات الواردة في هذه القصائد

ماء الوجه: الالهامات الغيبية التي تفد الى قلب السالك، والمرآة: قلب الانسان الكامل، حاجب العينين: الصفات الإلهية التي تحجب الذات الربانية، ويراد من الصنم حب الذات، والبحر هو الكون بمطلقه ويرمز ايضا الى وحدة الوجود وإلى الانسان الكامل فيما ترمز القَـُبلة للفيض والجذبة الباطنية، والقدح والكأس لقلب العارف الذي تتجلى فيه الأنوار، والجنون هو التمسك ومراعاة طقوس العشق، والساقي هو مصدر الفيض المطلق أو الفيّاض الأول، والخمّار – بائع الخمرة- هو الشيخ الكامل والمرشد الأول، والدرويش هو الزاهد عن الدنيا، والفقر اشارة لكل ما يخلو من الله والشراب هو الفيض الالهي الذي يعين السالك في طريقه واخيرا ألحانة وهي مكان المناجاة والحب

وهنا نذكر ما جاء في قصيدة “قافلة العمر” للإمام الخميني (قدس) كأنموذج:

انقضى العمر دون أن يطل الحبيب من الباب،

إنتهت قصتي ولم تنته بعد غصّتي.

كأس الموت في يدي لكن كأس الشراب حلمي ومرادي

لقد تمرّغ طائر الروح في القفص

وكاسر القفص لم يطل.

عشاق وجه الحبيب بلا إسم وعنوان

ولم تهب نفحة منه في رؤوس الصوفيين.

عشاق وجهه تراصفوا..

إذن، لمن سأسرّ بأن راعي الروح لم يطل؟

ينفث الروح في هياكل الموتى، منتزعاً إياها من العشاق.

الجهلة لم يؤمنوا، بعد، بقاتل عشاق مثله.

في شرح أشعار الإمام الخميني (قدس)

شخصية الإمام الخميني (قدس)، شخصية كاريزمية اجتذبت جميع أحرار العالم، كما له أبعاد شخصية متنوعة ومنها روحه اللطيفة وإنشاد أشعاره وقصائده، فقام المؤلفون بتأليف كتب وشرح أشعاره، منها كتاب “الفناء في الحب؛ أسرار الحكمة والعرفان في شعر الإمام الخميني (قدس)” لـ “طراد حمادة”، وتم نشره في دار المودة للترجمة والتحقيق والنشر، وهو أيقونة فنية في صناعتها ورسومها وحروفها وورقها وحبرها وإخراجها.

وجاء في مقدمة الكتاب: “شرح شعر الإمام، كان غير مسبوق في اللغة العربية، فإنه يبقى، على صعوبة وصف الحال بالمقال، تجربة تأخذ مكانتها من حضرة الشعر ومكانة الشاعر في سيرة الشعر العرفاني، عامة والشعر الفارسي خاصة، وإذا كان الإمام وارثاً في العرفان، عارفاً حكيماً فقيهاً أصولياً مفسراً محدثاً أستاذاً في الأخلاق والسير والسلوك، وولي الفقيه المجتهد في قيام الحكومة الإسلامية والمؤسس القائد وقائد للثورة الإسلامية، فإنه مدرسة مستقلة في الشعر الفارسي، وثيقة الصلة بتاريخ حافظ والمولوي وسعدي والعطار، وله ذوقه الخاص  في الرباعيات والترجعيات.

ويفصح عن تجربته بلغة بديعة الرموز والإشارات، وصور وقصص وأمثال، ومحاكاة العوالم في معراج الإنسان الكامل، حتى تقول إن الشعر إفصاح عن حركة الروح الإنساني في الوجود، وتأوّج الكلمة في إسفار الخلق الى الحق”.

 

 

المصدر: الوفاق