موناسادات خواسته
المسرح هو الفن الذي يخاطب الجمهور مباشرة بلغة الجسد والكلام، ويدخل ضمير المشاهد ويؤثر عليه، وفي هذا الإطار بدأ مهرجان فجر الدولي للمسرح بنسخته الـ 43 في إيران منذ الأربعاء الماضي الموافق 22 يناير/كانون الثاني، ويواصل نشاطاته حتى السبت القادم الموافق 1 فبراير في طهران، وبرعاية أمين عام المهرجان خيرالله تقياني بور.
مهرجان فجر المسرحي الدولي في دورته الـ43، والذي يعد من أهم الفعاليات الفنية في البلاد، استضاف هذا العام أعمالاً تحمل التوجه الديني والهوية الوطنية والمقاومة. ويتكون من 10 أقسام إجمالية، خمسة منها مخصصة للعروض المسرحية، والخمسة الأخرى تتعلق بأمور غير مسرحية.
من إجمالي 74 عرضاً مسرحياً في المهرجان، تم تقديم 6 مسرحيات بعناوين: “عيسى اسم جميع المصلوبين” من طهران، “داماهي” من يزد، “الآن يا أيها الإنسان” من طهران، “إبق معي” من أرومية، و”بيت الأم” من خرم آباد، و”الصدأ والمرايا” من مشهد المقدسة، فضلاً عن 8 أعمال مسرح الشارع بعنوان “الشال الأحمر” من طهران، و”شقرا الجذر” من خارك، و”رفح” من بيرجند، و”الشال الأحمر” من طهران، و”شقرا الجذر” من خارك، و”الشال الأحمر” من طهران، و”طوفان الأقصى” من شوش دانيال، و”شمس” من تبريز، و”العين الزرقاء” من طهران، و”تار وبود” من قشم، و”ديجوفا” من العراق، تجذب أنظار الجمهور بتوجه ديني.
ومن بين المسرحيات المعروضة خلال هذه الفترة من المهرجان، يتم تقديم 26 مسرحية على خشبة المسرح و17 مسرحية شوارع مع مقاربة الهوية الوطنية والمقاومة، حيث أنه من بين 12 عملاً تم اختيارها وترشيحها للجوائز في قسم مسابقة الكتابة المسرحية، هناك 7 أعمال تدور حول موضوع الأبطال الوطنيين، نذكر بعضها باختصار، وبعد ذلك نقدّم الحوار مع أمين عام المهرجان السيد “خيرالله تقياني بور”.
“إبق معي”
قصة مسرحية “إبق معي”، تدور حول المسافة، ولديها نظرة شعرية لموضوع المقاومة، في الشهر الماضي، حصلت المسرحية على أعلى الجوائز في مهرجان المقاومة المسرحي الدولي التاسع عشر في ثلاث فئات رئيسية من مهرجان هذا العام.
تتناول مسرحية “إبق معي” التي كتبها وأخرجها “بدرام رحماني”، حياة عائلة فلسطينية مناضلة تمر بالأحداث، إنها قصة كل المسافات والبُعد؛ قصة أب من الأراضي المحتلة يبحث عن ابنته. وفي إشارة إلى قضية المقاومة والشعب الفلسطيني، تتبنى المسرحية نهجاً بسيطاً ومفهوماً رمزياً.
القصة تحكي عن مذبحة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها الصهاينة، حيث أُلقيت إمرأة فلسطينية من أعلى التل، وتم نقل طفلها إلى الكيان الصهيوني لتربيه عائلة صهيونية.
“إبق معي” هي قصة كل المسافات البعيدة. نود أن يجتمع كل الناس البعيدين عن بعضهم البعض مرة أخرى، حتى في الأماكن الأكثر بعداً. فلتكن قلوبهم معاً، وليظلوا معاً، ولا يفترقوا، حتى وإن افترقوا، حتى لو كانوا ميتين.
قد تكون الابنة بعيدة كل البعد عن والدها، ولكن تلك الابنة ستظل دائما على قيد الحياة وبصحة جيدة بفضل والدها، حتى لو مات.
يقول مخرج المسرحية: فلسطين هي كذلك بالنسبة لنا، ونحن نود أن تبقى، ليس كدولة على الخريطة، بل كمجموعة من الناس يعيشون في جزء معين من العالم، وإذا لم نستطع أن نجعلها كذلك، فإننا سنستمر في العمل على تحسينها. إنهم يريدون أن يخلقوا حرباً مع دولة مستقلة. وينبغي أن تكون هذه الدولة تابعة لهم، وليس كما يقول أحد الحوارات في المسرحية: “لقد تحدث معي عن مواطنيه طيلة الساعات الثلاث”. “مواطنون يُقتلون من أجل الحصول على ما هو ملك لهم”.
نحن لا نريد أن يموت أحد بسبب الحرب. أن فلسطين باقية حقا. من السيء جداً مسح بلد من الخريطة. نود أن تصبح دولة وتبقى مستقلة وذاتية. “ابق معي” يشير إلى قضية المقاومة والشعب الفلسطيني. لقد كان مفهوماً رمزياً بمظهر بسيط للغاية.
“ديجافو”
“مسرحية ديجافو” من تأليف وإخراج “عبد الحميد عبد الحسين” من العراق، وهي قصة إحدى أعظم المآسي الإنسانية التي ارتكبها تنظيم داعش، وهي قصة معاناة تصور المظلومين وليس الظالمين.
تحكي مسرحية “ديجافو” لفرقة المسرح العراقي قصة إحدى أكبر العمليات الإرهابية في العالم والمعروفة باسم “مجزرة سبايكر”.
“ديجافو” عمل قصصي وحكائي يشبه الأداء الفني أكثر من كونه مسرحية، ومشاهدته دون الإشارة إلى القصة الأصلية سيكون غامضاً.
على خشبة هذا العرض، يعد التنسيق بين الممثلين أحد الأجزاء المهمة في هذا العرض الذي يظهر نفسه، فوجود امرأة واحدة فقط بين الممثلين في هذا العرض يذكرنا بعملية إنقاذ الجنود الذين نجوا من المذبحة بقلم السيدة “أم قصي”، والمخرج هو أيضاً ممثل في المسرحية، ويتحمل العبء الرئيسي في العرض.
في هذه المسرحية بدلاً من تصميم المسرح، يستخدم هذا العرض الإضاءة كعنصر درامي رئيسي ويستخدمها بشكل جيد.كما يتم عرض العناصر الطبيعية التي تربط الإنسان بمفاهيم الوطن والجنسية على الجمهور، ويعتبر عنصر التراب من أهم أجزاء هذا العرض، والذي يرتبط بالوطنية من جهة والمقابر الجماعية وحتى الأحياء. بعضها على بعض، ودفن بعض ضحايا هذه العملية .
“الصدأ والمرايا”
مسرحية “الصدأ والمرايا” تحمل دلالات دينية ورضوية، وتتخذ شكل حلقات. إن الحلقات المختلفة من هذه المسرحية هي عبارة عن شريحة من حياة أشخاص مختلفين في القصة لديهم ظروف مستقلة، لكن قصصهم متشابكة في نقطة ما، في الحقيقة، وجود الإمام الرضا(ع) يغير ظروف حياتهم.
“بيت الأم”
مسرحية “بيت الأم” تدور حول قضايا إجتماعية وسياسية، وخاصة الوضع في الشرق الأوسط والقمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. يتألف العرض من خمس حلقات، ولكل حلقة منها قصة خاصة تحكيها الأم لإبنتها.
“الآن يا أيها الإنسان”
تتحدث مسرحية “الآن يا أيها الإنسان” أيضاً عن الساعات الأخيرة من حياة النبي عيسى(ع) ومحاكمته في قصر بيلاطس.
تقياني بور: قسم المقاومة أضيف إلى المهرجان
في أجواء إقامة هذا الحدث الفني الكبير إغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع أمين عام المهرجان السيد “خيرالله تقياني بور” وسألناه عن الميزة الخاصة لمهرجان هذا العام بالنسبة للسنوات الماضية، فأجاب قائلاً: تم إضافة عدة أقسام أبرزها قسم المقاومة وغزة والذي يضم 6 أعمال في مجال المسرحيات و6 أعمال في مجال عروض الشارع في هذا المهرجان. وقد بدأت العروض وستستمر، ويخطط عدد من المؤسسات، ومن بينها “مدرسة الحاج قاسم”، لدعم عدد من هذه المسرحيات المختارة لعرضها بصورة عامة بعد المهرجان للعموم.
المسرح يتجاوز الحدود
فيما يتعلق بالعروض المسرحية المشتركة يقول أمين عام المهرجان: أعتقد أنه وفقاً لتوجيهات قائد الثورة الإسلامية الذي قال إن القطاعات الثقافية والإعلامية والفنية الأدائية، مثل المقاومة، يجب أن تتجاوز الحدود وتكون خارجها، ويجب أن يكون لدينا عروض مشتركة في هذا المجال لأن لدينا ثقافة مشتركة في مجال المقاومة ولهذا بدأنا من المهرجان في البداية وإن شاء الله هذا سوف يحدث في السنوات القادمة في دول المنطقة، وهذه العروض يمكن أن تقام بشكل مشترك، أو يمكن أن تتشكل تدريجياً وتُنفّذ في نفس البلدان، وتترسخ ثقافة المقاومة من خلال الفنون المسرحية، وفي قسم الدولي لدينا عرض “ديجافو” من العراق، يقدمه فنانون عراقيون.
الإقبال الكبير على المهرجان
أما حول الإقبال على المهرجان يقول تقياني بور: قد حظي حتى الآن المهرجان بإقبال كبير، وكان إستقبال الجمهور وبيع تذاكر المهرجان، يظهر أنه حظي باستجابة جيدة.
نقيم مهرجان الفجر المسرحي الـ43 هذا العام، وهو من أقدم المهرجانات المسرحية في المنطقة، وهو معروف على مستوى العالم، وقد شارك في هذه الدورات الـ43 جميع كبار فناني العالم، وهناك أقسام وفعاليات مختلفة، وهو مهرجان مسرحي يتقدم على المهرجانات الإقليمية.
تأثير المسرح على الجمهور
فيما يتعلق بتأثير المسرح على الجمهور يعتقد تقياني بور أنه بالتأكيد له تأثير كبير لأن المسرح فن حي، وهذه الحياة والديناميكية تتفاعل مع الجمهور، وكأن الجمهور يعتبر نفسه جزءاً من الجو الذي يحدث. وفي الختام يقول تقياني بور: إن رسالة المهرجان للعالم هي “الأمل”.