عضو المجلس المركزي في حزب الله للوفاق:

التحرير الثالث .. شعب المقاومة يكسر الاحتلال والمعادلات الدولية

الوفاق خاص: لا زال خيار المقاومة حاضراً إن لم ينسحب الإسرائيلي وستبقى الحاضنة الشعبية مستمرة بمقاومتها حتى اندحار العدو

 عبير شمص

 

خلال ستين يوماً، كان لبنان مسرحًا لموجة من الاعتداءات الجوية والبرية تمثلت بغارات على مناطق بعيدة عن الحدود في اتجاه شمال الليطاني، خارج نطاق المنطقة التي يفترض أن تشملها عمليات الجيش اللبناني و”اليونيفيل”، وصولًا إلى البقاع والحدود اللبنانية- السورية. وقام العدو بتوغلات عدة في مناطق لم يتمكّن من بلوغها، خلال أيام الحرب الـ 66، كما ارتكب عمليات تفجير وجرف واسعة النطاق فمسح قرى بكاملها عن الخريطة ودمر أحياءً كثيرة، في مسعى واضح لقتل فرص عودة الأهالي إليها، إذ سعى جاهدًا لتحويلها إلى منطقة ميتة عازلة، وذلك في محاولة تسويف واضحة لتنفيذ التزاماته بذريعة وجود دواعٍ أمنية وحاجته إلى “تفكيك البنى التحتية” للمقاومة في المنطقة الحدودية، وبعد اِنتهاء مهلة الشهرين التي انتظرها الأهالي بفارغ الصبر للعودة إلى ديارهم، إتفق العدو مع الجانب الأميركي لتمديد المهلة وقتًا إضافيًا مع عدم وجود تعهد قطعي باستعادة المناطق المحتلة كلها. أمام هذا الواقع اندفع أهالي القرى الجنوبية المحتلة في اتجاه تحرير بلداتهم من دون انتظار المساعي الدبلوماسية في مشهديّة تحرير جديدة مماثلة لتحرير الجنوب في أيار/ مايو 2000 وفي هذا السياق حاورت صحيفة الوفاق عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

الشعب مع المقاومة في خطى التحرير

 

اعتبر الشيخ البغدادي أن مشهد يوم الأحد في السادس والعشرين من شهر يناير / كانون الثاني لعام 2024م والأيام التي تلتها وما تزال تتوالى في جنوب لبنان كشف للمشككين تلازم الجيش والشعب والمقاومة، فشعب المقاومة وأهل المقاومين وبعضهم لازالت أجساد أبنائهم الطاهرة تحت الأنقاض على تخوم الحدود مع فلسطين الذين منعوا الجيش الصهيوني بكل إمكانياته ومعه أمريكا أن يُثبّت في القرى الحدودية خلال ٦٤ يوماً، هذا الشعب يستكمل التحرير اليوم، ولولا إعتقاد العدو الصهيوني أنّ خلف هذا الشعب مقاومة لازالت قوية وحاضرة تراقب رد العدوان وطريقة تعاطيه مع أبناء هذه القرى لارتكب أبشع المجازر ولم يرف له جفن، ولكانت أمريكا ومعها الغرب سيدافعون عن هذا الكيان المتهور.

 

مشهدية التحرير تتكرر

 

اعتبر الشيخ البغدادي أن رمزية التحرير منذ يوم الأحد، كانت جواباً واضحاً أنّ المقاومة التي قاتلت العدو الصهيوني منذ عملية “طوفان الأقصى” ومنعته من تحقيق أي من أهدافه في هذه الحرب، وأراد من خلال فرصة الـ ٦٠ يوماً للإنسحاب من أجل تحقيق أمرين الأول إلحاق أكبر ضرر مادي ببيئة المقاومة، والثاني ظهوره بصورة المنتصر، وكان هذا يُمكن أن يُعطي فرصةً للحاقدين في لبنان على المقاومة، ولكنّ الغباء الصهيوني جعلهم يُمددون مدة الإنسحاب وهذا ما سيفرض عليهم إنسحاباً ذليلاً مضافاً لخسائرهم الكبيرة مع المقاومة.

 

المعادلة الذهبية .. شعب، جيش، مقاومة

 

أكد الشيخ البغدادي بأنه لا شك ان عمل الأعداء على تحطيم صورة هذا المثلث الذهبي” شعب، جيش، مقاومة” ومحاولة تصوير خسائر المقاومة بأنّه نصر للعدو، وروج لذلك الكثير من حاقدي الداخل، ولكن ماحدث بالأمس من مقاومة شعبية مصحوبة بالجيش اللبناني كسرت هذه الصورة المزيفة الذي حاول الكيان وعملائه نشرها إذ كان الناس في بعض القرى يفتحون الطريق للجيش، مضافاً أن كثيراً من أفراد الجيش الوطني هم من أبناء هذا الشعب المجاهد، فمن الطبيعي أن يبقى هذا التلاحم ولا خيار أمامه لحفظ سيادة لبنان إلاّ التمسك بثالوثية الجيش والشعب والمقاومة، أعتقد أنّ عودة الناس بهذه الطريقة إلى قراهم سوف يُعّقد مشهد عودة القطيع إلى مستعمراتهم لأنّ هذا الإقتحام الشعبي إماّ أن يرضخ قادة العدو للإنسحاب إلى الحدود مع فلسطين، وإمّا أن يرتكب العدو حماقة جديدة وهذا سوف يُحتّم تدّخل المقاومة مباشرة لحماية شعبها وحينئذ لا أحد يعرف ماذا سيحدث وعلى كلا الأمرين سيترك هلعاً كبيراً في صفوف النازحين الصهاينة.

 

خيار الشعوب مقاومة

 

لا يعتقد الشيخ البغدادي أن هناك خيارا أمام العدو الصهيوني إلاّ الإنسحاب، لأنّ عدم الإنسحاب سيضع المنطقة على فوهة بركان لا أحد يعرف حجمه، وسيضع سياسة ترامب على المحك، وسوف تنقلب الأمور ولن يكون ذلك لصالح المشروع الذي خططت له الإدارة الجديدة في واشطن، لهذا الحل أمام الجميع هو إنزال نتنياهو عن الشجرة.

 

وأشار إلى أن الجميع بات يُدرك وحدة خيار الشعوب بالمقاومة وكان حزب الله في كلّ المراحل يترك بصمات طيبة على شعوب المنطقة وله مساهمات واضحة وجبهة الإسناد والحرب الكبرى على لبنان ساهمت بشكل كبير في تحقيق انتصار المقاومة في غزة وثبات الناس، وهذا الذي يحدث في جنوب لبنان وفي قطاع غزة هو من نسيج المشروع المقاوم على صعيد المنطقة من لبنان وفلسطين والعراق واليمن ولاحقاً سينهض الشعب السوري لمقاومة الإحتلال. فالمشروع الصهيوني غير محصور في داخل الكيان المؤقت إنّما هو على امتداد العالم، فكّل من يعمل مع المشروع الصهيوني ويدافع عنه ويقف في وجه مقاومة شعوب المنطقة يكون مشمولاً بهذا العنوان وإلى أي طائفة أو مذهب انتمى، وهناك جهلة لا يُدركون حقائق الأمور وعلى العموم فنحن في لبنان كما عملنا على تحرير لبنان والمحافظة على سيادته، كذلك نحن عملنا على صيانة الوحدة الوطنية عبر إنتخاب رئيس الجمهورية، وسوف نستمر بسياسة المحافظة على الكيان اللبناني بكلّ مكوناته، ولن نميز بين طائفة وأخرى وهذا ماعملنا عليه طوال كلّ المراحل السابقة؛ ولن يجعلنا نتخلى عن هذا النهج بعض الحاقدين والحاسدين والجاهلين.

 

المقاومة وبيئتها جسد واحد

 

رأى الشيخ البغدادي بأنّ ماحدث في هذه الأيام كشف عن قوة بيئة المقاومة وعن تلاحمها مع أبنائها وأنّ خيار المقاومة لا زال حاضراً وإن لم ينسحب الكيان سوف تذهب الأمور إلى مقاومة هذا الإحتلال بكلّ الأشكال المتناسبة ولا يجوز القبول بأي تمديد إضافي يسمح للعدو بمزيد من التدمير والوحشية، وستبقى الحاضنة الشعبية مستمرة بمقاومتها حتى اندحار العدو عن كل القرى الجنوبية، ولايمكن الوثوق بالأمريكيين ولا بالغرب الجبان الضعيف ولا بالدول الخانعة، فقط الإتكال على الله (سبحانه وتعالى) والإعتماد على شعبنا، والأمر نفسه يسري على قطاع غزة.

 

وفي الختام دعا الشيخ البغدادي جميع اللبنانيين إلى عدم اعتبار أنّ مايحدث هي مسؤولية أبناء القرى الحدودية فقط، والتعاطف فقط من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة كما حدث في البقاع والضاحية، فهذه القرى هي لبنانية وأهلها لبنانيون دفعوا أثماناً باهظة دفاعاً عن كلّ لبنان على مختلف تشكلاتهم الطائفية والحزبية، من هنا نحن ندعو كلّ لبنان بكل مكوناته السياسية والحزبية والبلدية والفكرية أن تعبّر عن شجبها لهذا العدوان وتدعم بكلّ طاقاتها حركة الجماهير الزاحفة لتحرير قراها من الإحتلال الصهيوني و الإحتلال الصهيوني، وعدم التفرج عليهم وانتظار ماذا سيحدث.

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص