كاتب وإعلامي فلسطيني للوفاق:

تهجير الفلسطينيين حلم صهيوأمريكي ستفشله المقاومة

خاص الوفاق: في مشهد سياسي مألوف ولكنه مشحون بتهديدات جديدة، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ولايته الثانية، ليضع الشرق الأوسط في مركز خطة تبدو أكثر جذرية وخطورة من "صفقة القرن" التي طرحها في عام 2020. خطته الحالية، التي تهدف إلى تهجير أكثر من مليون ونصف فلسطيني من غزة إلى مصر والأردن، تعيد للأذهان مفاهيم الاستعمار القديم، حيث تُستخدم القوة السياسية والعسكرية لإعادة رسم الخرائط السكانية خدمة لمصالح القوى الكبرى. ولكن، في ظل هذه التحولات، تبرز أسئلة جوهرية: هل هذا الطرح جدي بالفعل وخطوة قابلة للتنفيذ؟ وهل سيفجر المنطقة من جديد؟ وهل هو ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يصاغ من قبل العدو الصهيوني وأمريكا؟ وما هو دور الشعوب والمقاومة في إجهاضه؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات حاورت صحيفة الوفاق الإعلامي والكاتب الفلسطيني عثمان أحمد بدر، وفيما يلي نص الحوار:

2025-02-01

عبير شمص

 

اليوم إيران وغداً فلسطين

 

مع بدء الاحتفالات بذكرى انتصار الثورة الإسلامية في ايران والتي هي ثورة كل المستضعفين والأحرار في العالم وتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي هي الحضن الرؤوم لكل المقاومين، يوجه الإعلامي بدر التحية إلى القائد المؤسس الإمام الراحل روح الله الخميني(قدس) الذي أبى مع رفاقه إلا أن تكون فلسطين قضيتهم المركزية، فعمدوا فور انتصار الثورة إلى تحويل سفارة كيان الإحتلال الصهيوني الغاشم إلى ممثلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويومها أطلقنا كفلسطينيين الشعار الشهير”اليوم إيران وغداً فلسطين”، وأضحت الجمهورية الإسلامية  الإيرانية الداعم الأول والسند الحقيقي للفصائل الفلسطينية التي تقاتل من أجل تحرير فلسطين التي ما غابت قضيتها لحظة عن ضمائر ووجدان وعقول قادة الجمهورية الإسلامية، وفي عهد آية الله العظمى السيد علي الخامنئي ومع بزوغ فجر حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين ولا سيّما حماس والجهاد الإسلامي احتضنتهما إيران وأضحت الداعم الأساسي لهما من حيث التمويل والسلاح والتدريب، وكانت وبطرقها الخاصة ترسل الأسلحة إلى غزة هاشم وكذلك أوصلت تكنولوجيا الصواريخ إلى القطاع الذي كان محاصراً لقرابة عشرين عاماً وبهذا فإن الفضل لها بعد الله في الصمود الأسطوري للمقاومة في غزة لمدة ١٥ شهراً، هذا بالإضافة إلى أنها كانت وما تزال قائدة جبهة الإسناد التي أسهمت بشكلٍ كبير وفعال في تخفيف العدوان على غزة ومنع تهجير سكانه، ناهيك عن تدخلها المباشر في مرات عدة في قصف أهداف استراتيجية صهيونية في عمق فلسطين المحتلة، واختصاراً فإن ما قدمته الجمهورية الإسلامية لفلسطين وقضيتها ومقاومتها يحتاج إلى موسوعات للحديث عنه، فالتحية كل التحية لإيران قائداً وحكومةً وجيشاً وشعباً وقواتاً مسلحة ويكفيها فخراً وشرفاً أنها الدولة الوحيدة في العالم التي أسست تشكيلاً عسكرياً حمل إسم”فيلق القدس”.

 

التهجير مسلسل مستمر منذ النكبة

 

يؤكد الإعلامي بدر بأن تهجير الفلسطينيين عن ديارهم، ليس مشروعًا جديدًا، فعمره من عمر النكبة الفلسطينية في العام 1948، ويومها لم تكن حركتا حماس والجهاد الإسلامي قد تأسستا بعد، ولم يكن هناك “طوفان أقصى”  وربما يكون أحد أهداف هذا الطوفان إحباط مؤامرة التهجير ومشروع ترحيل أهل غزة والذي يُعمل عليه منذ سنين، وفي كل مرة يتم طرحه يفشله الشعب الفلسطيني، وهذا يعني أن طوفان السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني في جزء منه رد على هذا المشروع وليس هو السبب في طرحه، ولا شك أن مؤامرة التهجير لها عدة أسباب سياسية واقتصادية، ففي الجانب السياسي هي مرتبطة بمشروع يهودية الكيان الغاصب، وطبعاً فإن غزة هي المرحلة الأولى فإذا نجحت فسيكون هناك”عملية ترانسفير” للفلسطينيين الذين بقوا في المناطق المحتلة سنة ١٩٤٨ وكذلك سيطال التهجير أبناء الضفة الغربية المحتلة، أما الجانب الإقتصادي فسببه وجود كميات كبيرة من النفط والغاز على شواطئ غزة وفي بحرها والصهاينة وأمريكا والغرب يعتبرون أنفسهم أحق به من الفلسطينيين، وكذلك الأمر مرتبط إرتباطاً وثيقاً بحفر ما يسمى بقناة “بن غوريون” التي يسعى الصهاينة والغرب لشقها لتكون بديلاً عن قناة السويس، وهو ليس مشروعاً حديث العهد بل طرح في عام ١٩٦٣ من القرن الماضي، واحتلال غزة وتهجير أهلها أمر لا بد منه لتحقيق هذا المشروع لأنه يختصر مسافة ١٠٠ كليومتر من الطول المخطط لهذه القناة.

 

صمود المقاومة الفلسطينية وفشل التهجير

 

يعتبر الإعلامي بدر بأن تمسك أهل فلسطين بوطنهم ومقدساتهم هو السبب الأول في إفشال هذا المشروع في كل مراحل طرحه، ونحن شاهدنا كيف أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية ميناء غزة العائم ليس من أجل تقديم المساعدات لأهالي غزة  كما يزعمون، بل لاستقبال الذين يريدون مغادرة قطاع غزة من أهله، ورغم حرب الإبادة والتدمير الممنهج والاستهداف المقصود للمدنيين العزل وللأطفال والنساء والشيوخ وللمستشفيات والمساجد وخيام النازحين ولكل مقومات الحياة فلم يستجب أي فلسطيني لدعوة مغادرة غزة إلى بلدان أكثر أمناً وأماناً”.

 

ويضيف الإعلامي بدر بأن لأمريكا مصلحة أكيدة في السيطرة على النفط والغاز وفي شق”قناة بن غوريون” وهي الوجه الآخر للكيان الغاصب والذي تشكل له الحماية الدولية بواسطة الفيتو في مجلس الأمن، وتدعمه بالمال وبكل صنوف الأسلحة، ونحن اعتدنا أن يكون الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” صريحاً في مطالبه إلى حد الوقاحة، فهو ليس دبلوماسياً بعكس بقية رؤساء الولايات المتحدة الذين يتبنون كل مطالب الصهاينة ولكن بنوع من المراوغة، والحقيقة أن تنفيذ هذا المشروع يتوقف بالدرجة الأولى على صمود الشعب الفلسطيني وقوة مقاومته وقدرتها على إفشاله وأعتقد أن ١٥ شهراً من حرب الإبادة أثبتت أن المقاومة مع جبهات الإسناد قادرون على إفشاله، وهذا ما حصل وسيحصل، فقد حال الصمود الفلسطيني، رغم الخسائر الهائلة، دون تحقيق هذا الهدف. واستمرار المقاومة في مواجهة العمليات العسكرية “الصهيونية”، وتكبيد “جيش الإحتلال” خسائر متزايدة، عرقل تنفيذ الخطط التهجيرية، وبالرغم من الضغوط الصهيونية والأميركية، لم يتمكن العدو من فرض واقع جديد بالقوة العسكرية.

 

الشرق الأوسط الجديد

 

يعتبر الإعلامي بدر بأن وقف إطلاق النار في لبنان وغزة هاشم هي هدنة مؤقتة، فكل الأطراف كانت بحاجة لها لتقييم الموقف وإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، وإن استمرت  العنجهية والغطرسة الصهيوأمريكية فلن تطول هذه الهدنة وسرعان ما ستتفجر المعارك مجدداً لا سيّما مع خرق العدو الصهيوني لإتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وغزة ، ونسمع دعوات صهيونية لتجديد القصف عليهما، من المؤكد أن كل ما يجري مرتبط بشكلٍ كبير وواضح بما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير القائم على إعادة رسم خريطة المنطقة العربية وتقسيم المقسم وتجزأة المجزأ وتأسيس دويلات طائفية ومذهبية وإثنية تتقاتل في ما بينها على التاريخ والجغرافيا والثروات، ومؤسف القول أنه إذا ما استثنينا بعضاً من الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والشعب العراقي والشعب اليمني فإن شعوب أمتنا في سباتٍ عميق ولا يمكن التعويل عليها وحرب الطوفان التي استمرت لقرابة ٤٦٧ يوماً خير شاهد ودليل”.

 

 

المصدر: الوفاق

الاخبار ذات الصلة