خلال السنوات الماضية، شهدت العلاقات بين تركيا وبريطانيا تطوراً ونمواً في مجالات التعاون التجاري والتقني والسياسي. فقد أقامت الحكومة البريطانية علاقات سياسية واقتصادية واسعة مع تركيا حتى قبل استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وشهد التبادل التجاري بين الطرفين نمواً ملحوظاً.
وتشير الإحصاءات الرسمية لوزارة التجارة التركية إلى أن بريطانيا تُعد حالياً أحد أهم الشركاء الاقتصاديين للبلاد، وقد ازداد التعاون الاقتصادي بين البلدين سنة تلو الأخرى، خاصة في فترة ما بعد البريكست.
عمل فريق أردوغان لمدة عامين كاملين للحصول على موافقة الحكومة البريطانية لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة. وقد تحقق هذا الهدف في عام 2021، حيث عُرِّفت تركيا في الاستراتيجية السياسية والاقتصادية للندن كدولة ستلعب الدور الأهم في الحفاظ على التدفقات التجارية وسلاسل التوريد في فترة ما بعد البريكست.
وتمت مراجعة الاتفاقية الأولية في عام 2022 بهدف تطوير وتعميق العلاقات التجارية، كما تحسنت ظروف التعاون المالي في قطاعي الزراعة والاستثمار.
وصل حجم التجارة الخارجية بين البلدين في عام 2023 إلى 19 مليار دولار، مع ميزان تجاري يميل بفارق كبير لصالح تركيا، حيث تمكنت من تصدير ما قيمته 12.5 مليار دولار إلى بريطانيا واستوردت فقط ما قيمته 6.5 مليار دولار من البضائع.
ومن المتوقع أن يؤدي تعديل اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وبريطانيا إلى زيادة حجم التجارة الثنائية إلى 30 مليار دولار. وكان من الأهداف الأولية النمو المتبادل في قطاعات مثل الخدمات المالية والهندسة والنقل والتكنولوجيا والخدمات المهنية، تلاها تعزيز التجارة الرقمية وتدفق البيانات، ثم الاتفاق على الحماية المتبادلة لحقوق الملكية الفكرية.
على الرغم من أن البريطانيين تمكنوا في السنوات القليلة الماضية من تلبية جزء كبير من احتياجاتهم من المواد الخام وبعض السلع التركية الأخرى بسهولة، إلا أنهم تعاملوا مع التعاون في القطاعات الحساسة بطريقة لم تسمح لأنقرة بالوصول الكامل إلى الخدمات العلمية والهندسية للطرف الآخر.
ولكن في سبتمبر 2024، جرت مفاوضات تكميلية أخرى ووافقت بريطانيا على إرسال عدد من علمائها للتعاون العلمي مع تركيا. وكان الهدف من الاتفاق الجديد إجراء أبحاث مشتركة في العديد من المجالات العلمية، من إنتاج الأدوية وعلاج الأمراض إلى الذكاء الاصطناعي وتقنية النانو.
السفير البريطاني في أنقرة، جيل موريس، صرّح في مقابلة مع صحيفة “آکشام”، إحدى الصحف المقربة من الحزب الحاكم في تركيا، قائلًا:
“لدينا علاقات قوية في مجالي العلوم والابتكار، ويتعاون العلماء من كلا البلدين في إجراء أبحاث بمجالات متعددة. وبموجب الاتفاق الجديد، نجمع بين أبرز العلماء والمبتكرين من بريطانيا وتركيا لإظهار كيف يمكن لأفضل المواهب من مؤسساتنا الأكاديمية والبحثية تقديم حلول لمشكلات العالم. وبفضل البرامج الثنائية مثل صندوق “نيوتن-كاتشلبی” وصندوق “الشراكة العلمية الدولية”، أقمنا روابط وثيقة في مجالي العلوم والابتكار.”
كما أشار السفير البريطاني في تركيا إلى أن “توبيتاك” (TÜBİTAK)، وهو أهم معهد علمي وبحثي حكومي في تركيا، والذي ينشط في مجالات العلوم والدفاع والأمن والاتصالات والفضاء، قد استفاد من دعم المستشارين العلميين البريطانيين.
كما أشار السفير البريطاني لدى تركيا إلى أن ثلاثة علماء بريطانيين تواجدوا في تركيا خلال العامين الماضيين، شكلوا ثلاثة فرق مشتركة مع باحثين أتراك في عدة مجالات علمية وتكنولوجية، ومعلومات وإنجازات هذه الفرق متاحة فقط للجنة العلمية المشتركة. تعمل هذه الفرق في مجالات مثل علم الأحياء الهندسي والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والاتصالات المستقبلية وتقنيات الكم.