السادة لا يُقتلون… بل يُخلَّدون!..

خاص الوفاق : لقد مرّ الزمن، لكنه لم ينسَ. تتغير الوجوه، وتتعاقب الأقدار، لكن صوت الدم يظل نداءً لا يُكتم، وعدالة لا تُطفأ. رئيسٌ حمل أبناء الشهداء في قلبه، وعاهد الأرض أن لا تُسفك دماؤها هباءً، كان قد وعد، والوعد كان ديناً في عنقه. واليوم، في عهد محمد شياع السوداني، يُلقى القبض على من ارتكب الجريمة، وكأن الأرض التي شربت دم الصدر وأخته تعيد توازنها، وكأن صرخة بنت الهدى في الليلة الأخيرة وجدت من يسمعها بعد طول صمت.

2025-02-02

في ليل العراق الطويل، حيث تتهجد الأرواح على صدى الأسماء الخالدة، وحيث لا تموت الكلمات، عاد الحق ليكتب سطراً جديداً في كتاب الشهداء. آیة الله  السید محمد باقر الصدر، ذاك النور الذي اغتاله ظلام الطغاة، وأخته بنت الهدى، التي كانت للثورة صوتًا ولم تكن للصمت سبيلاً، يعودان اليوم لا كضحايا، بل كشعلة لا تنطفئ، كشهادة لا تُكتم، كحق عاد ليأخذ مجراه.

 

لقد مرّ الزمن، لكنه لم ينسَ. تتغير الوجوه، وتتعاقب الأقدار، لكن صوت الدم يظل نداءً لا يُكتم، وعدالة لا تُطفأ. رئيسٌ حمل أبناء الشهداء في قلبه، وعاهد الأرض أن لا تُسفك دماؤها هباءً، كان قد وعد، والوعد كان ديناً في عنقه. واليوم، في عهد محمد شياع السوداني، يُلقى القبض على من ارتكب الجريمة، وكأن الأرض التي شربت دم الصدر وأخته تعيد توازنها، وكأن صرخة بنت الهدى في الليلة الأخيرة وجدت من يسمعها بعد طول صمت.

 

في تلك الليلة، حين كان الموت يقترب، لم يكن الخوف ضيفًا في الزنزانة. كان الصدر جالسًا قبالة أخته، عيناهما تتحدثان بلغة لا تحتاج إلى كلمات، كأنهما يختصران العمر كله في لحظة. لم تكن بنت الهدى تبكي، بل نظرت إليه كأنها توصي العراق به، كأنها تودعه وتبث فيه القوة لرحلة الخلود. أمسك بيدها، بصوت ثابت لكنه مبلل بالوداع، قال: “ملتقانا في الجنة.”

 

ثم مضى، ومرت اللحظة كما يمر القدر، لكن صوته ظل معلقًا في الهواء، ظل نقشًا في ذاكرة العراق، ظل وعدًا بأن المجرمين لن يختبئوا إلى الأبد، وأن الدم لا يُنسى حتى بعد عقود. ليس ثأرًا، فالأرواح العظيمة لا تُثأر، بل يُعاد إليها حقها. ليس انتقامًا، بل ميزانٌ للعدل كان لا بد أن يستقيم. واليوم، في عهد من حمل العراق في قلبه، لا تمر الجريمة دون حساب، ولا يغيب القاتل في الظل. بل يقف أمام مرآة التاريخ، ليُرى كما هو: قاتلٌ لم يطفئ نور الصدر، بل زاده امتدادًا، ولم يسكت صوت بنت الهدى، بل جعله نشيدًا خالدًا في ذاكرة الأحرار.

 

د. بتول عرندس

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة