تمر علينا أيام شهر رجب المبارك المليء بالخيرات والبركات وهو شهر أصب رحمة الله تعالى، ففي هذا الشهر المبارك ميلاد أمير المؤمنين الإمام علي (ع) الذي يصادف اليوم السبت 4 شباط/فبراير.
الإمام علي (ع) خير البشر، الذي فتحت الكعبة أذرعها لكي تحتضن مولود مبارك وهو ميزان العدالة، كما ألّف الأديب والمفكر اللبناني الدكتور “جرج جرداق” عنه كتاب في مجلّدات عديدة تحت عنوان “علي (ع) صوت العدالة الإنسانية”، فمن الذي يستطيع أن ينكر خير وعدل الامام علي (ع)، ويشهد على ذلك حتى اعداؤه.
الإمام علي (ع) شخصية عظيمة تربى على القيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية النبيلة، لا يمكن الكلام عنه بصورة كاملة حتى لو جميع الأبحار تصبح جوهرا في الأقلام، أو أوراق الأشجار تصبح أوراق للكتابة! فكيف لنا أن نتحدث عن خير البريّة؟، بل يكفينا أن نأخذه كقدوة في حياتنا، في جميع المجالات.
عيد الأب
بما أن الإمام علي (ع) له شخصية وميزات خاصة عالمية وكما يعلم الجميع كان كأب الأيتام، بل أب الأمة الإسلامية بأجمعها، وبما أن للوالد مكانة عظيمة في الأسرة والمجتمع الإيراني، لقد سُمي يوم ميلاد الإمام علي (ع) في إيران بعيد الأب، ويتم تكريم الآباء من قبل الأولاد والأسرة.
الإمام علي (ع) هو أنموذج صادق كزوج أو كأب، أو كقدوة في جميع مجالات الحياة، فعلينا أن نتخذه قدوة لحياتنا وأيقونة لتنوير طريقنا.
الإمام علي (ع) في مرآة الشعر
الإمام علي (ع) هو الذي كُتبت عنه مجلدات الكتب، رُسمت عنه عديد من اللوحات، وصُنع عنه مسلسلات وأفلام، كما أُنشد عنه أشعار مختلفة، فنرى كثير من الأشعار عند الشعراء الإيرانيين والعرب، ومن الأشعار التي هي مشهورة جداً في الفارسية، هو شعر “علي اي هماي رحمت” للشاعر الإيراني الكبير محمد حسين بهجت تبريزي المشهور بـ “شهريار”، وفيه أبيات رائعة منها: “اذهب أيها السائل المسكين وإطرق باب بيت علي/ سيأتيك خاتم الملك من كرمه) وهي إشارة إلى تصدق أمير المؤمنين علي (ع) بخاتمه للفقير وهو في الركوع، فنزلت بشأنه آية “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” (مائدة/ 55)، وجاء في تفسير الدر المنثور (3/ 404): أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال: “تصدَّق علي بخاتمه وهو راكع، فقال النبي (ص) للسائل: من أعطاك هذا الخاتم؟ قال: ذلك الراكع، فأنزل الله هذه الآية”. وأخيراً نختتم كلامنا بأبيات من قصيدة الشاعر “ملا مهرعلي فدوي خویي”:
ها علیٌّ بشرٌ کیفَ بَشَر
رَبُّه فیه تَجَلّى وظَهَر
هو و المَبدأُ شمسٌ وضِیاء
هُوَ والواجبُ نورٌ وقَمَر
عِلّةُ الکَونِ ولولاهُ لما
کانَ للعالَمِ عَینٌ وأثر
وله اُبدِعَ ما تَعقِلُهُ
مِن عُقولٍ ونُفُوسٍ وصُوَر
لِذَراریکَ صَلوةٌ وسَلام
شارقُ العالَمِ ما لاحَ وَ ذَر
لِحُماکَ نَفَحاتُ البرکات
کلّما جاءَ نَسِیمٌ بِسَحَر