أضاف يشاي: “العنصر الأبرز في خطته هو نيته الواضحة لإخلاء قطاع غزّة من سكانه وإعادة بنائه من جديد. هذا ليس مجرد اقتراح عابر سُمع في أذنه، بل يبدو أنه جزء من تصور أوسع. ومع ذلك، ما يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب يقصد أن سكان غزّة لن يعودوا أبدًا في المستقبل، ومن الذي سيقيم في المنطقة المعاد بناؤها. وعندما سُئل عن المستوطنات “الإسرائيلية”، قال إنه لا يرى أنها ستُقام في المنطقة”.
ورأى الكاتب أن: “ما يثير الاهتمام هو تصريح ترامب بوجود دول أخرى، غير مصر والأردن، مستعدة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن بعض هذه الدول تواصلت معه مباشرة. كما ألمح إلى أن دول الخليج (السعودية، قطر، والإمارات العربية المتحدة) ستتولى تمويل إعادة الإعمار، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تتحمل التكلفة العالية”.
وتابع: ” بخلاف ولايته الرئاسية السابقة، بدا ترامب هذه المرة أكثر إلمامًا بالتفاصيل، وأظهر اهتمامًا واضحًا، ما يشير إلى أنه لديه خطة مدروسة بعناية. من وجهة نظر “إسرائيل”، من المهم التأكيد على أن ترامب شدد على ضرورة إتمام الصفقة وعودة الأسرى. وسارع نتنياهو إلى التأكيد على الأهداف “الإسرائيلية” الأخرى للحرب، موجهًا رسالة غير مباشرة إلى واشنطن، حين شدد على ضرورة تفكيك القدرات العسكرية والسياسية لحماس لضمان عدم قدرتها على تهديد “إسرائيل” مرة أخرى”.
وأردف يشاي: “عندما سُئل ترامب عمّا إذا كانت السلطة الفلسطينية ستسيطر على غزّة، أجاب بأنه غير متأكد من قدرتها على ذلك. وعند سؤاله عن مطلب السعودية بإقامة دولة فلسطينية، أجاب بأن السعوديين لا يطالبون بذلك. كما أقر ضمنيًا بضرورة إخراج حماس من السلطة في غزّة، حيث أشار إلى أن أشخاصًا معقّدين هناك”. وقال: “باختصار، يتبنى ترامب خطة تتضمن صفقة لإعادة جميع الأسرى، يليها إخلاء غزّة وإعادة بنائها بالكامل.. لا يُخفي ترامب دوافعه الرئيسة: رغبته في التميّز عن بايدن وإثبات أن الرئيس السابق كان عديم الكفاءة، إلى جانب سعيه للظهور صانعًا للسلام، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا بين أوكرانيا وروسيا. في هذا السياق، أشار إلى أن إيران “كانت ضعيفة اقتصاديًا عندما غادرت منصبي”، لكنّها تعززت بسبب بايدن”.
أضاف بن يشاي: “شدد ترامب على أن إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا، لكنّه لم يتطرّق إلى الخيار العسكري، ولم يصرّح حتّى بأن “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة”، خلافًا لمطالب “إسرائيل”. لقد أراد نتنياهو أن يُظهر لائتلافه في الداخل أن إيران والسعودية هما القضية الأساسية، بينما غزّة مسألة ثانوية، لكن ترامب لم ينجرف معه في هذا الاتّجاه، بل ركّز على أسئلة الصحفيين التي تمحورت عن غزّة. أما مسألة التطبيع، فلم يمنحها اهتمامًا كبيرًا، ولم يقدّمها على أنها إنجاز وشيك، ما يشير إلى أن المسألة لمّا تنضج بعد بالكامل”.
ورأى بن يشاي أن: “ما يتضح من تصريحاته هو أن الولايات المتحدة قد تقدم دعمًا عسكريًا لـ”إسرائيل”، لكنّها لا ترغب في حرب مع إيران، بل تسعى إلى اتفاق. كذلك، لم يمنح ترامب أي ضوء أخضر أو موافقة ضمنية على ضربة “إسرائيلية”. إذ قبيل اجتماعه مع نتنياهو، وقّع على أمر لتشديد العقوبات على إيران، في محاولة لتأكيد موقفه المتشدد تجاه طهران، ولإقناع الإيرانيين بأنه من الأجدر أن يأتوا نحوه”.
ولاحظ بن يشاي أن نتنياهو، “بدا أقل راحة في الغرفة البيضاوية هذه المرة، على الأقل من خلال لغة جسده؛ فقد جلس متوترًا على حافة الكرسي، وابتسامته بدت متكلفة. لم يكن هذا هو نتنياهو الذي اعتدنا رؤيته يلقي محاضرات تاريخية أمام أوباما. لقد حاول التأكيد على أن أي حل يجب أن يكون ثمرة عمل مشترك، في مسعى للجمع بين الإشادة بترامب وانتقاد الإدارة السابقة ضمنيًا”.
وختم بن يشاي: “لكن إذا كان نتنياهو يأمل في استغلال ترامب لتحقيق مكاسب سياسية، فإن ترامب يبدو وكأنه يفكر في الاتّجاه المعاكس؛ وهو استخدام نتنياهو أداة لخدمة خطته الكبرى للسلام. ولهذا السبب، منح رئيس الوزراء “الإسرائيلي” هذا الترحيب الدافئ والتقدير الاستثنائي. والاجتماع التحضيري المطول، يوم أمس، بحضور المبعوث ويتكوف ومستشار الأمن القومي وولتز، لم يكن سوى جزء آخر من الخطة. وهي تبدو جدية”.