تحليل صهيوني: تصريحات ترامب بشأن غزة تهديد وليس خطة

قال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" عاموس هرئيل إن المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء يوم الثلاثاء، كان استثنائيًا حتى بمعايير المضيف"، وأضاف: "سلسلة من القنابل التي ألقاها الرئيس، وأبرزها اقتراحه بالهجرة الجماعية الدائمة من غزة وتولي مسؤولية أمريكية عن القطاع، أثارت الكثير من الحماسة الإعلامية واستقبلت بحماس طفولي في الحكومة وفي أحزاب اليمين في "إسرائيل". حتى نتنياهو نفسه بدا متفاجئًا من بعض تصريحات ترامب. لكن في الواقع، كان ذلك تهديدًا أكثر من كونه خطة. ترامب، عند عودته إلى البيت الأبيض، يفعل ما فعله دائمًا، ولكن على نطاق أكبر: يلقي قنبلة داخل غرفة ضيّقة وينتظر ليشاهد ماذا سيحدث. اضطرّت متحدثته للاعتراف لاحقًا أن الخطة "كتبت بينما كان يتحدث". من يدري، ربما كان أحدهم في مكتبه يلعب مع شات جي بي تي".

2025-02-07

 

وتابع هرئيل: “من اللحظة التي قدم فيها فكرة متطرفة وصعبة التنفيذ، ومن المحتمل أن تكون غير قابلة للهضم من وجهة نظر العالم العربي، يأمل ترامب أن يُجبر الفلسطينيين ودول العرب على الخروج عن صمتهم لاقتراح شيء يمكنه قبوله. في الواقع، يبدو من المحتمل أن يعود النقاش في النهاية إلى الأفكار الأصلية التي طرحت في عهد بايدن: إعادة إعمار القطاع مع بقاء معظم السكان فيه، ووجود تمويل عميق من دول الخليج، وإيجاد حلّ سياسي فلسطيني يسمح لترامب ونتنياهو بالادعاء أن حماس قد أبعدت عن القيادة في القطاع”، وأكمل “من بين ردود الفعل المتعددة في “إسرائيل”، والتي كانت غالبيّتها متحمسة، نادرًا ما أشير إلى الطرد الفعلي لمليوني شخص، آباؤهم عاشوا هنا، وليس في دولة وصاية في شرق إفريقيا. اليمين متحمّس لفكرة “اختفاء” الفلسطينيين فجأة من الأفق في قطاع غزة. الوسط “الإسرائيلي”، إلى حد ما، ليس بعيدًا عنهم. من الصعب التمييز بين رد فعل نتنياهو ورد فعل رئيس “المعسكر الوطني” بني غانتس على اقتراح ترامب. هذا جزء من الصدمة التي خلّفها 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولكن الردود تعكس أيضًا ازديادًا في “القسوة” أزاء الخطوات الجارفة التي تطلب تغيير حياة ملايين الأشخاص بالقوة”.

 

وأردف: “الشريك المفترض لخطوات ترامب، وهي السعودية، كانت سريعة في إصدار بيان تحذيري من أفكار الهجرة والتمسك بالحاجة إلى إقامة دولة فلسطينية. والأردن ومصر، واللتان ذكرا في البداية على أنهما وجهات محتملة لاستقبال المهاجرين من غزة، هما في حالٍ من الذعر، فالحكومة في عمان مهددة والسلطات في مصر تكافح يوميًا لإطعام أكثر من 100 مليون شخص جائع”.

 

بحسب هرئيل، أمر وزير الحرب “إسرائيل كاتس”، يوم أمس، جيش الاحتلال بإعداد خطة لإخراج سكان غزة. ومع ذلك، فإن فرص تنفيذ الفكرة الجديدة لترامب تبدو حاليًا ضئيلة للغاية. والمعنى الفوري الرئيسي لهذه الخطوة قد يكون محسوسًا على أرض الواقع المحلي. إذ ليس من قبيل الصدفة أن يُرسل ستيف ويتكوف للحديث مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لساعات. الأمريكيون يسعون إلى تثبيت ائتلاف نتنياهو استعدادًا للتحركات القادمة. الأهم والأكثر إلحاحًا بينها هو ما يعارضه اليمين المتطرف؛ في إتمام المرحلة الأولى من صفقة الأسرى – سيعود 12 أسيرًا أحياء وثمانية جثث- والانتقال إلى المرحلة الثانية التي من المفترض أن يعود فيها 59 أسيرًا آخر، ونصفهم على الأقل أحياء.

 

هرئيل رأى أن خيال الطرد هو حلوى مغرية للغاية بالنسبة إلى سموتريتش لن يتركها الآن؛ وهذه حقيقة أن إيتمار بن غفير أيضًا يطلب العودة إلى الحكومة. وأضاف: “صحيح أن ترامب تحدث أيضًا عن إمكان ضم الضفة الغربية عندما وعد بمناقشة الضم في غضون شهر، لكن يبدو أن التوقيت ليس عرضيًا؛ بل يتماشى مع الانتقال إلى المرحلة الثانية من صفقة الأسرى”.

 

ووفقًا لهرئيل، حماس قد تكون العقبة الأكبر الآن. إذا أعلن ترامب أن حماس لن تسيطر على القطاع، واقترح هجرة جماعية منه، فهل سيظل لدى المنظمة حافز للتقدم في الصفقة، حتى في تنفيذ المرحلة الأولى؟ حاليًا، ما تزال حماس ملتزمة بالصفقة، وحتى تفكر في التنازل بعض الشيء من أجل إتمام بعض الدفعات الأكبر، والتي ستشمل الإفراج عن عدد أكبر من الأسرى. ولكن من المشكوك فيه أن تصريحات ترامب تشجعها على التقدم أكثر من ذلك.

 

بتقدير هرئيل، الجدول الزمني المحدد لصفقة الأسرى يصعّب الأمور أكثر على الحكومة، بصرف النظر عن أحلام ترامب. لقد بقي أقل من 3 أسابيع حتى انتهاء المرحلة الأولى. بعدها، حتى في غياب اتفاق، من المفترض أن تواصل الأطراف المناقشات لحل القضية، مع وقف إطلاق النار. محيط نتنياهو بالفعل بدأ يسرّب أنه سيطلب تمديد المرحلة الأولى، من خلال دفعات إضافية للإفراج، على الأرجح لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تتطلب الإفراج الجماعي عن آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل باقي الأسرى وإخلاء ممر “فيلادلفيا”، وعمليًا انسحاب كامل من القطاع.

 

هرئيل أشار إلى أن: “الأسرى الذين من المقرر الإفراج عنهم في المرحلة الثانية من الصفقة هم عقبة كبيرة بالنسبة إلى الائتلاف، والذي سيتعين عليه أيضًا التعامل مع المشكلة المفتوحة في لبنان. لقد مدّد وقف إطلاق النار هناك حتى 18 فبراير/شباط، لكن قريبًا ستحتاج “إسرائيل” إلى الانسحاب الكامل، من دون أن تكون متأكدة من أن الوضع على طول الحدود قد استقر بما فيه الكفاية، وأن “السكان” بالقرب من الحدود يمكنهم العودة إلى منازلهم”.

 

وختم هرئيل أن نتنياهو يُجيب كبار ضباط الجيش، والذين يلحّون عليه للتقدم إلى المرحلة الثانية، بالقول بحلول نهاية المرحلة الأولى، سيكون قد تمكّن من إعادة “نحو 80%” من الأسرى، وهو إنجاز غير ضئيل في نظره. رئيس الوزراء أيضًا يعد الأسرى الذين أفرج عنهم، في الصفقة السابقة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، لكن من المؤكد هو يقدر أنه منذ بدأ الأسرى بالعودة، يتجه المزاج العام في “اسرائيل” بشكل كامل نحو إتمام الصفقة”.

 

المصدر: العهد

الاخبار ذات الصلة