الزيارات العائليّة حنين إلى الماضي

الزيارات العائلية، لها من إيجابية كبيرة على المستوى الفردي والجماعي، فهي تعوّدنا على المرونة ولغة الحوار والتواصل

محمد عبدالله فضل الله

من منّا ونحن صغار لم يكن يتسابق حتى يصل إلى بيت الجدّ والجدّة، أو بيت الخالة أو العمة أو بيت الخال في مناسبة وغير مناسبة؟ وكم كنا نشعر بالفرح والغبطة عندما نجلس قرب الجدّة أو الجدّ، نستمع إلى كلماتهم وننشدّ إليهم؟!.

لقد كانت هذه الزيارات فرصة مهمّة لاجتماع أفراد العائلة كباراً وصغاراً، حيث المتعة والشعور بالحنان والمودّة والطمأنينة، إذ إنّ الزيارات العائلية الحميمة لا تضع قيوداً على الكلام والأحاديث، بل هي مساحة رحبة للتواصل والتفاعل بشكل مباشر وبسيط.

واليوم، يرى متابعون للشأن الأجتماعي أنّ هذه الزيارات إن حصلت، فهي من باب رفع العتب، وأنّ جيل اليوم لديه شبه انقطاع مع هذه الزيارات، فحياة اليوم الافتراضية (مواقع التواصل الاجتماعي) أبعدت هذا الجيل عن الواقع وما فيه من أصالة.

ويضيف المتابعون أنّ دخول المرأة في معترك العمل وصخب الحياة، قد قلب الموازين، حيث انغمست المرأة كثيراً في تعقيدات العصر ومتطلّباته، إلى درجة لم تعد تكترث كثيراً بهذه الزيارات، أو لم يعد معها وقت لهذه الزيارات، مع أنّ لها دوراً كبيراً من المفترض أن تقوم به من أجل إبقاء الحرارة في هذه الزيارات، من خلال اصطحابها لأفراد أسرتها إلى بيت الأقارب. وليست المرأة وحدها من يتحمّل المسؤوليّة، بل الرّجل أيضاً، الّذي بات ينشغل بالكثير من الاهتمامات عن هذه الزيارات.

ويحذّر هؤلاء المتابعون من أنّ عادة زيارة العائلة تكاد تختفي من المشهد الاجتماعيّ، على الرغم من الحنين المتزايد إلى عبق الماضي والذكريات الجميلة، فالقطيعة بين الأقارب جعلتنا نخسر كثيراً من لحظاتنا الإنسانية الدافئة، ولم تعد مجالس العائلة عامرةً كالماضي، فربما يرى الأقارب بعضهم بعضاً صدفةً، أو كلّ سنة أو سنتين أو أكثر، فلقد خفّت المودّة وغابت البساطة وطغت لغة المصالح والماديات.

ويوصي المتابعون والباحثون بضرورة الإبقاء على هذه الزيارات العائلية، لما لها من إيجابية كبيرة على المستوى الفردي والجماعي، فهي تعوّدنا على المرونة ولغة الحوار والتواصل، وتقوية الشخصية والثقة بالنفس، فهي من أهمّ النوافذ للتواصل الاجتماعي وبناء شخصية الفرد الاجتماعية. لذا، فالمطلوب من الأهل الحرص على زيارة العائلة واصطحاب أطفالهم، وتعويدهم على هذه العادة وغرسها في نفوسهم.

إنّ من المهم لنا، وبوجه خاصّ في هذه الأوقات الصعبة التي نمرّ بها، أن نعود إلى كلّ ما من شأنه تعزيز مناعتنا وتقوية علاقاتنا وأوضاعنا الاجتماعية، حتى نحفظ واقعنا من مزيد من الانحدار.

الاخبار ذات الصلة