خاص الوفاق/ أمل محمد شبيب
غوانتنامو البحرين، المكان واللامكان، والزمان واللازمان، والعنون واللاعنوان… هو ذاك السجن الذي يديره الديكتاتوريون العنصريون، رسموا فيه الحياة جحيماً، وكتبوا على اسم كل معتقل مصيراً بعيداً عن الإنسانية والعقلانية، هو البرزخ في رحلة عذاب المعتقلين نحو الموت، الداخل إليه محكوم بـ”المؤبد” أو “الإعدام”، والخارج منه يفقتر الى القدرة على مواصلة الحياة بشكلها الطبيعي، وفي سجّلات حكومة البحرين يكون تنفيذ حكم الإعدام في اي لحظة دون مراعاة أدنى القوانين الدولية.
بين جدران “سجن جو سيّئ السمعة” يواجه الآلاف من أبناء البحرين الشرفاء وأهم الرموز البحرينية مصيرهم، التي خرجت لتطالب بحقها في الحياة والسياسة والعيش بكرامة، ثم دخلت الزنازين فكان مصيرها ” المؤبد في سجن جو”.
السجون في البحرين مزارٌ لجميع الفئات العمرية من المعتقلين
لا عمر معين لمن يدخل السجن في البحرين، فالسجون البحرينية أصبحت مزاراً ومكاناً لأغلب الفئات العمرية من المعتقلين، البعض منهم صغار السن، والبعض الآخر فوق الـ 21 من العمر، وليس من الضروري أن يكون الداخل إليها مرتكباً لجريمة، بل يكفي أن يقف حراً شريفاً كريماً مطالباً بحقه، فيُزجّ به في السجن بقضايا كبيرة مركبة ويجد نفسه امام أحكام قاسية، لكن التجربة، رغم كل العذابات، أثبتت ان المعتقلين البحرينيين لن يهابوا حكم آل خليفة ولا إعدامهم مهما بلغت ومهما كثر السجانون.
نظام آل خليفة يعدم أكثر من 34 إمراة منذ العام 2012
داخل سجون البحرين، لا سيما سجن جو، تمارس الحكومة أعمق أساليب التعسف والإقصاء والإلغاء والإعدام والتنكيل والتعذيب ضد المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وتشير الوثائق الى أن عدد الأطفال الشهداء تجاوز الـ49، بينهم 32 جنينًا، كما قتل النظام أكثر من 34 إمراًة منذ العام 2011، واعدمت كل من الشهداء علي السنكيس وسامي مشيمع عباس السميع وأحمد الملالي وعلي العرب، ولا زال العشرات ينتظر حكم الإعدام الوشيك، والبعض استشهد نتيجة سياسة الموت البطيء وتحت التعذيب.
سجن جو المركزي رحلة للعذاب النفسي والجسدي
يقع سجن جو في المحافظة الجنوبية جنوب مدينتي عسكر وجو، تأسس في الـ 20 أو 25 سنة الأخيرة، هو السجن المركزي للنزلاء المحكومين كما تعبّر عنه سلطات البحرين، بل يعبرون عنه مركز الإصلاح والتأهيل، لكن من يدخل الى هذا المكان يعيش رحلات من العذاب النفسي والجسدي، فقلّة قليلة ممن دخلوا هذا السجن خرجوا منه معافين، والبعض خرجوا منه شهداء. معظم المعتقلين هم سياسيون على الرغم أن السلطة لا تعترف بهم كسجناء سياسيين، بل تعتبرهم سجناء جنائيين رغم أنهم لم يرتكبوا ما يخالف القانون في البحرين، فقط هم عبّروا عن آرائهم، يقول المعتقل السابق علي مهنا.
يتألف السجن من عدة مباني، وفي كل مبنى عدة عنابر، بعض المباني تحتوي على عنبرين فقط، والبعض الآخر 3 عنابر، أما أكبر مبنى يوجد فيه 7 عنابر، وكل عنبر يحمل اسماً معيناً. في الفترة الأخيرة تم تغيير أرقام المعابر، وقد يرتبط تغيير الأرقام للمباني والعنابر بالوضع الحقوقي في البحرين، هكذا يقول علي مهنّا، الأستاذ البحريني الذي دخل سجن جو مرات مرات.
زنازين السجون شاهدة على ظلم وإستبداد السجّانين
تكثر الزنازين داخل السجن، تلك الزنازين الشاهدة على عذابات وأوجاع وقهر المعتقلين، كل زنزانة تحكي قصصها ورواياتها عن ظلم واستبداد وعنجهية واستفزازية السجّانين، فالضرب المبرّح والإبتزاز والتهديد والإعتداء مع ما يرافقه من تعذيب نفسي قاهر من الأمور اليومية الأساسية لكل من يدخل هذا السجن، لا سيما في الفترات الأولى من التحقيق، فالداخل الى سجن جو يتعرّض الى كل أنواع التعذيب، من التعذيب العقلي الى التعذيب النفسي الى قلة النوم وقلة الحركة، بل حتى أنه يُحرم من أي اتصال إنساني، وهو اسلوب التعذيب المدروس الذي يستخدمه السجانون للحدّ من القدرة على مقاومة الاستجواب والتحقيق، بل وإجبار المعتقل على أن يكون خاضعاً بشكل كامل للمحققين. هذه الظروف إلى جانب آلام التعذيب أو حتى التهديد باستخدام التعذيب، مع الخوف من القتل أو مجرد التفكير في أنك شخصٌ منسي، تجعل من المعتقلين مثالاً حياً للفزع المؤذي نفسياً.
الوضع العام للزنازين يفقتر الى أدنى حقوق المعتقل
يضيف المعتقل السابق علي مهنا، الذي لا يزال ابنه معتقل في سجن جو، معظم الزنازين، إنفرادية أو غير إنفرادية عبارة عن زنازين سيئة الخدمات، تعاني من سوؤ النظافة رغم محاولة المعتقلين تنظيفها، فالمجاري فيها لا تُحتمل، والحشرات والبعوض منتشرة الى جانب الفئران، لذا، فكثيراً ما يصاب السجناء بالجرب، ولا توجد سوى نافذة صغيرة في الأعلى تمر منها الشمس، وتدخل الى الجزء الاعلى من الزنزانة ولا يصل الضوء ضوء الشمس الى السجناء إلاّ قليلاً وبعضها لا يصل أصلاً.
إنتهاك القوانين الدولية والإنسانية
ينتهك هذا السجن القوانين الدولية والإنسانية بشكل فظيع، حيث استخدمت ولا تزال حكومة البحرين أسوأ انواع الخدمات فيه، فرغم أن بعض المباني تم تجديدها وزيادتها داخل السجن لكثرة عدد المعتقلين، إلاّ أنها تفتقر الى أدنى حد من إمكانية الإقامة فيها، فلكثرة إهمال إدارة السجن تعاني المباني من إرتفاع الحرارة في بعض المباني والبرودة الزائدة في بعضها الآخر، إذ لا حلّ وسط للحرارة يمكن للمعتقل أن يتكيف معها، رغم مطالب المعتقلين بظبط التكييف، فيأتي تبرير المسؤولين عن العنبر بـ “عدم معرفته” ، فتبقى الحالة لفترة طويلة على هذا السوء.
داخل سجن جو الممنوع أكثر من المسموح
الحياة اليومية للمعتقلين لا يشبه حياة إي إنسان، فعلى مساحة صغيرة جداً تتوزع 8 أسرّة، ولكثرة عدد السجناء فإن الكثير منهم ينامون على الأرض. يعيش المعتقل داخل سجن جو 23 ساعة داخل زنزانته، والممنوع عليه أكثر بكثير من المسموح، فالمسموح له 45 خروج الى الساحة العامة، هذا وفي كثير من الأوقات يتم حرمانهم من الخروج والتعرض للشمس مما يؤدي تفشي الكثير من الأمراض.
مقاومة من داخل سجن جو
شهد السجن استشهاد بعض العديد من الشباب تحت التعذيب، والعديد ايضاً خرجوا مرضى واستشهدوا بسبب سوء الرعاية الصحية من قبل إدارة السجن، وبعض الشهداء الذين استشهدوا داخل السجن وخرجوا من السجن وعليهم آثار التعذيب مثل الشهيد عبد الكريم فخراوي والعشيري وغيرهم الكثير من الشهداء الذين استشهدوا داخل سجن جو المركزي.
داخل السجن لا تزال معظم الرموز البحرينية تعاني مرارة السجن، لكنها عصية على الإنكسار والإستسلام، تقاوم كما لو أنها في ساحة جهاد، ومن الرموز الشيخ علي سلمان، والأستاذ عبد الوهاب حسين والأستاذ حسن مشيمع والدكتور عبد الهادي الخواجة والدكتور عبد الجليل السنكيس، وغيرهم الكثير الكثير، كما يوجد العديد ممكن اعتقلوا في سن صغير وتم وضعهم في العنابر الخاصة بصغار السن، إذ يوجد عنبران لصغار السن يتبعان للحوض الجاف لسجن جو، وعندما يصل السجين الى عمر 21 سنة يتم نقلهم الى سجن جو، كما يوجد أحداث سياسيون من صغار السنّ في سجن النساء، والكثير منهم اكمل سن الأحداث ووصل الى عمر الكبار، تم نقله من سجن الحوض الجاف ثم الى سجن جو.
استشهاد العديد من المعتقلين بعد خروجهم من سجن جو
أما خارج السجن ايضاً يضيف مهنا، يوجد مجموعة من المعتقلين الذين دخلوا السجن وخرجوا منه مرضى ومنهم لا يزال يعاني من الأمراض حتى اليوم، وبعضهم استشهد بعد خروجهم من السجن مثل السيد كاظم السهلاوي وخاتم وعلي قمبر، وهنا أودّ أن أشير إلى ان إخراجهم في حالة سيئة بعد أن دخلوا السجن أصحاء لا يبرّء ذمة السلطة، فما داموا عندها فهي مسؤولة عن سلامتهم ويجب ان توفر لهم العلاج أو أن يخرجوا من السجن ويعالجهم أهلهم وهم في حالة معقولة، وليس في آخر ايام حياتهم ولا ينفع معهم العلاج.
كلها هذا نتيجة الوضع السيّء داخل سجن جو، سواء من حيث المعاملة مع المعتقليين السياسيين أو من حيث أساليب التعذيب، حتى حتى أن كثيراً من السجناء الجنائيين يشفقون على حالة المعتقل السياسي بسبب التعمّد والتعنّت في المعاملة معاملة سيئة.
ضريبة الإضراب داخل السجن عقوبات كثيرة
وحول الإضرابات داخل سجن جو البحريني يقول مهنا بأن الإضرابات داخل السجن من أجل الحصول على مطالب أساسية لهم، مثل العلاج وممارسة الشعائر والمطالبة بالمعاملة الحسنة أو تحسين المعاملة، لا تحصل عند الشباب خصوصاً السياسيين إلاّ عند الضرورة بسبب الوضع الصعب، لذلك عندما يضطر السجين الى الإضراب فأن أوضاعه وظروفه الحياتية اليومية تصبح أصعب مما هي عليه، فتتحول من سيئة الى أسوأ بل وأكثر سوءاً، فمن العقوبات التي تطاله فقدانه لوجبته اليومية التي يحتاجها المعتقل، وسيساوم عليها، ويعاقب على الإضراب في كثير من الأحيان بالتعبيرات اللفظية وفي حين آخر بالتهديد وأحياناً أخرى يتعرض للعقاب البدني حتى يتراجع عن الإضراب، هذا إضافة الى الوعود الكثيرة التي تُعطى لهم من إدارة السجن والسجانين بتحقيق المطالب إذا فكّوا الإضراب، وكثير من الأحيان يُعطى السجين والسجناء وعود إنه في حال فكوا الإضراب لكن مطالبهم لا تُنفّذ مطالبهم وهي سياسة تعتمدها إدارة السجن مع المعتقلين.
جرائم إدارة السجن بحق المعتقلين واهلهم
لا تنتهي تفاصيل سجن جو سيء السمعة في البحرين عند هذا الحدّ، ففيما يخص تواصل المعتقلين مع أهاليهم هناك حكاية أخرى، فعلى الرغم من السماح بإجراء اتصال عدة مرات في الإسبوع لا يتجاوز مدة الإتصال عدة دقائق، إلاّ أن الحرمان من الإتصال مع الأهل هي العقوبة الأولى التي يُعاقب بها المعتقل عند اي حدث في السجن، وهي نوع من التضييق على المعتقلين يمارسها بحقهم السجّانين، وطبعاً هذه جريمة بحق السجين وحق اهله لأنها وسيلة التواصل الوحيدة بين المعتقل وأهله، ورغم مراجعة اهالي المعتقلين جهات مختلفة لإلغاء هذا العقاب، إلاّ أنه الصمت هو الجواب الدائم مبررين ذلك “هذه متطلبات القضية”.
حكومة البحرين مدعومة من أميركا وبريطانيا
قضية المعتقلين البحرينيين قضية كبيرة، تخطت حدود البحرين الى المحافل الدولية والمؤسسات الحقوقية العالمية، وعلى الرغم من المحاولات العديدة والحثيثة للوقوف وقفة حق مع قضية معتقلي البحرين العالمية، إلاّ أن الهيئات الأممية والمنظمات والدولية تقدّم في أحسن الأحوال إدانات للسلطة ومطالبات لم تصل الى حدّ الإلزام للسلطة بالتخلي عن سياساتها القمعة والتعسفية بحق هذا الشعب الأبي، ورغم مرور 12 عاماً على أحداث فبراير 2011، لا يوجد حتى اليوم ضغط حقيقي على السلطة لكي تنفّذ التزاماتها وتراعي حقوق السجناء، فكل ما نحصل عليه، يقول مهنا، من بعد الإدانات هو تعديل بسيط في المعاملة لفترة وجيزة، ثم تعود المعاملة السيئة بعد فترة، وأعطي هنا مثالاً ، موضوع ولدي والأربعة عشر سجيناً، إذ قًطع الإتصال في بداية عزلهم 20 يوماً، ثم عادت الأتصالات ثم انقطعت، ثم عادت ثم انقطعت، وأقول هنا لأن السلطة لا تشعر بحالة أهالي السجناء ولا يوجد من يعاقبها على هذه الأفعال فهي تتمادى وتكرر هذه التصرفات وتعاقب السجناء وتتفنن بمعاقبهم وذلك لشعورها بوجود أمان من المحاسبة، فهي تعتمد كما هو واضح على الحماية الأميركية والبريطانية والمحافل الدولية، لذلك أنا وكل الشعب البحريني نعلم تمام العلم بأنه لا يمكن فرض اي شيء على الحكومة في البحرين بسبب هذه الحماية الأميركية والبريطانية والمحافل الدولية ضد 3500 معتقل رأي داخل سجون البحرين.
ما يتعرض له السجناء الساسيايون جريمة ويشكل تهديد لحياتهم
إذاً إنها البحرين ومعتقليها وقصصهم داخل السجون التي لا تعدّ ولا تحصى، وحكايا معاناة تبقى في كثير من الأحيان محفورة بين جدارن الزنازين تحتفظ بلهيبها ولا تُنقل الى اهاليهم، فالإهمال أصبح منهجاً لإدارة السجون وسجانيها، وفي هذا التحقيق سنتعرف أكثر على الجزء البسيط البسيط من الكثير الكثير الذي يعانيه المعتقلون داخل سجن جو في البحرين.
العشرات العشرات من صرخات ونداءات المعتقلين المظلومين في البحرين خرجت من سجن جو تسرد واقعهم الحالي يطالبون بتوفير ظروف إنسانية والنظام وداعميه يتجاهلون.
المعتقل السياسي عبد العزيز عبد الرضا إبراهيم
في صرخته يستنهض المعتقل السياسي المحكوم بالمؤبّد عبد العزيز عبد الرضا إبراهيم الضمائر الحيةّ للتحرّك بوجه التعذيب الجسدي واللفظي داخل السجن، ويسرد تعرّضه للتعذيب الجسدي والنفسي والحقوق المنتهكة حتى فتاتها التي تُعطى لهم ينتهكونه إنتهاكاً، لا رعاية صحية ولا عيشة كالبشر، صارخاً: اين اصحاب الضمائر الحية فهل من مجيب!!
معتقل الرأي محمد رضا حسين
صوت معتقل الرأي المحكوم بالمؤبد محمد رضا حسين ليس أقل ضجيجاً من صوت زملاءه في سجن جو، ففي صرخته يكشف عن الحالة الخطيرة التي تسبب به الإهمال الطبي في السجن. عشر سنوات حتى اليوم قضاها في السجن ومعظم أيام السنوات العشر هذه عاشها على المسكنات والمضادات الحيوية، الحالة الصحية متدهورة دون الأخذ بعين الإعتبار ما يتعرض له السجناء داخل سجن جو، فهو يعاني من آلام شديدة في الظهر من العام 2014، إضافة الى إلتهاب في الركبة ولم يتم إحالته الى العلاج، فلا زال يعيش الأمرّين على المهدئات والمسكنات.
معتقل الرأي السيد أحمد السيد علي
بدوره يسرد معتقل الرأي السيد أحمد السيد علي من البحرين سلسلة من الإنتهاكات الحقوقية التي يقاسيها ويعانيها السجناء السياسيون في البحرين، وهو المعتقل المسجون منذ العام 2015 في سجن جو، ومحكوم مؤبد رغم الوضع الصعب والسيء للسجن، كما أن سجن جو من أسوأ السجون في العالم، يقول في صرخته: ” بداية دخولي الى سجن جو كان هناك لوحة موجودة على الجدار مكتوب فيها حقوق السجناء، لكن بعد ايام من دخولي السجن اتضح أنه لا حقوق في السجن وما هذه الحقوق سوى حبر على ورق، الوضع داخل السجن صعب جداً، وأكثر الشباب المعتقلون داخل السجن يعانون من ظروف صحية بسبب الإهمال، ولا أظن ان أحداً من داخل السجن يخرج معافى ، اما العيادة في السجن فهي عيادة شكلية ومجردة من خدمات، اما حياتنا اليومية داخل المبنى فهي عبارة عن أكثر من 23 ساعة داخل الغرفة المقفلة، والأهم أن فترة التشمّس ليست مسموحة لنا كل يوم، وفيما يخص وضع الزيارات فهي نصف ساعة في الشهر، هذه الزيارة التي لا تقدّم ولا تأخر لا للمعتقلين ولا لأهلهم، يتم تعذيبهم تحت الشمس، وتتم اهانتهم وتفتيشهم، وبعدها ينتقلون من مكان الى مكان آخر حتى يصلوا خلف حاجز زجاجي لمقابلتهم ومحادثتهم خلف الهاتف، دون أن نسمع صوتهم أو نشم رائحتهم… لا إنسانية في السجن، والوضع صعب جداً، هذا بعض من المعاناة والمرارة التي نعانيها داخل السجن.”
معتقل الرأي أحمد خليل إبراهيم
بعد سبع سنوات من سوء المعاملة تحت المسميات الأمنية أصبح إنتهاك الحقوق الشخصية للسجناء أمر طبيعي في سجن جو المركزي في البحرين، ومن يعترض على ذلك يُلقى به في العزل الامني لعدة شهور، بهذه الكلمات يبدأ معتقل الرأي أحمد خليل إبراهيم صرخته، ويضيف:”نحن نتعرض الى سوء المعاملة منذ سنوات من إدارة السجن، وأهمها عدم الحصول على الرعاية الصحية والتضييق في السكن وكذلك يُفتح لنا باب الغرفة أو باب الزنزانة للتشمّس ولنشر الملابس والرياضة فقط 45 دقيقة في اليوم، ونبقى محبوسين 23 ساعة في اليوم داخل الغرف الضيقة ولا يسمح لنا اللقاء مع أهالينا إلا من وراء حاجز زجاجي كل 45 يوماً، يتعاملون معنا كأسرى حرب وليس معتقلين سياسيين، وأنا محكوم بالمؤبد”.
معتقل الرأي محمد أمين العرادي
معتقل الرأي محمد أمين العرادي المحكوم 19 سنة، قضى من محكوميته 9 سنوات وسبعة اشهر، بغصة يقول: “طوال هذه السنوات لم ألمس أهلي، حرمونا من التواصل مع الأهل والأقرباء، منعوا التواصل والزيارة للأعمام والأخوال دون معرفة السبب ولكن كل هذا يأتي في مسألة الإنتقام من السجين واهله والتضييق عليهم، إضافة الى عزل السجين عن أهله وعن المجتمع”، ويضيف قائلا: ” في هذا السجن عاصرت 5 مدراء، غير ان أسوأ فترة مرّت على السجين وأهل السجين في فترة هشام الزياني سواء من ناحية العلاج في العيادة أو من ناحية الزيارات أو الإتصالات او العنبر”.
المعتقل السياسي شاكر هاني
حال المعتقل السياسي شاكر هاني ليست أفضل حال من بقية المعتقلين، إذ يؤكد بأن الوضع الصعب الذي يعيشه المعتقلين لا يمكن لأحد ان يتحمله، هاني البالغ من العمر 27 عاماً محكوم 23 سنة، قضى منها سبع سنوات ولا يزال ينتظر الـ 13 عشر سنة القادمة، يقول: “واقعنا في السجن مؤلم للغاية، إذ نعيش فترات من الحرمان من وقت التشمّس والذي لا يتعدى 45 دقيقة، ناهيك عن وقت الإتصال الذي لا يتخطى 35 دقيقة خلال الإسبوع”، ثم يكمل صرخته واصفاً الحياة داخل السجن بأنها صعبة للغاية، والعلاج، والذي هو من أدنى الحقوق للمعتقل يُحرم منه المعتقلون، إذ لا يستطيع المعتقل أن يحصل على موعد للعلاج، كما يوجد نقص كبير في الأدوية، إضافة الى إلغاء مواعيد المعاينة دون مبررات، كما أن من أصعب الصعوبات هي التفاهم مع إدارة السجن، وودائماً يختبئون تحت عذر الأمن والأمنيات، أي أمنيات يتحدثون عنها ونحن نعيش تحت المراقبة لكل حركة مننا، ولا يوجد تقبل لوجهة نظرنا ولا يمكن تحصيل اي من حقوقنا داخل السجن.
معتقل الرأي محمد حسن سلمان
عن تفاقم الأمراض داخل السجن بسبب الإهمال الطبي والحرمان من الأدوية والتشخيص المناسب يتحدث معتقل الرأي محمد حسن سلمان البالغ من العمر 29 سنة، والمحكوم عليه 30 سنة، قضى منها حتى الأن 5 سنوات، ويقول في صرخته بأن المواعيد المقررة في العيادات الخارجية والمستشفيات المتخصصة دائماً ما يتم إلغائها دون سبب رغم الحاجة الماسة للعلاج، كما أن العيادة تفتقر الى الأدوية المهمة والمسكنات والمضادات الحيوية، ونادراً ما يتم الكشف على المعتقل من قبل الطبيب إلاّ بعد تفاقم الأوضاع وتتطور الحالات الصحية، ومن الأمور التي يعاني منها المعتقلون السياسيون ومعتقلو الرأي وضعهم في زنازين مع سجناء أجانب، وفي عزل لا يُطاق ولا يُحتمل، معزولون عن العالم الخارجي، دون أن يراهم أحد، ويتم التضييق عليهم من دون سبب، وكل ذلك تحت مسمى دواعي أمنية.
معتقل الرأي السيد هشام السيد أحمد
معتقل الرأي السيد هشام السيد أحمد البالغ من العمر 26 سنة والمحكوم بالمؤبد و11 سنة، يؤكد بأن إدارة سجن جو تمارس بحقهم سياسة الموت البطيء لحرمانهم من حقوقهم المشروعة، في صرخته يقول بأنه يتم حرمان الأسرى السياسيين من حقوقهم المشروعة من قبل إدارة سجن جو المركزي بدواع امنية مخترعة، وذلك عبر حرماننا من تلقي العلاج الصحي المناسب وعدم توفير الأدوية ايضاً.
معتقل الرأي جاسم محمد عبدالله
وفي رسالة وجهها معتقل الرأي جاسم محمد عبدالله الى شعب البحرين والعلماء بشكل خاص، يتحدث فيها عن معاناة معتقلي الرأي متهماً إدارة سجن جو بمحاولة عزلهم عن العالم الخارجي، ويسأل: “أنا محكوم بالمؤبد وسبع سنوات، قضيت منها سبع سنوات وشهرين، ومنذ ستة سنوات ونصف نخرج الى الساحة الخارجية للتشمس أقل من ساعة ونبقى داخل الزنازين 23 ساعة وهذا الشيء سبب لنا الكثير من الأمراض، مثل آلام المفاصل وضعف النظر وأمراض القولون والمعدة وغيرها من الأمراض التي اصابت جميع المعتقلين، وأكثر من 50 في المئة من المعتقلين يعانون من جميع هذه الأمراض، ولا يوجد علاج حقيقي لها، وكل ما تعطيه لنا إدارة السجن هو مسكنات للآلام، وحتى لو حاولنا الذهاب الى العيادة لا نستطيع أن نحصّل على علاج مناسب من الأدوية، حتى إن إدارة السجن لا تسمح لنا العلاج على حسابنا الخاص.
معتقل الرأي أحمد سعيد مهدي
معتقل الرأي أحمد سعيد مهدي البالغ من العمر 31 عاماً والمحكوم مؤبّد يحمّل المعنيين مسؤولية التضييق على المعتقدات الدينية والإنتهاكات الأخرى ومطالباً الجميع تحمّل المسؤولية الدينية والأخلاقية، وفي رسالته يقول أنهم كمعتقلين محرومين من ممارسة الشعائر الدينية المتمثلة في صلاة الجماعة في المكان المخصص لها إضافة الى عزلهم عن العالم الخارجي من خلال تغييب الإتصال والزيارة للأقارب من الدرجة الاولى فقط.
معتقل الرأي السيد علي السيد علوي
معتقل الرأي السيد علي السيد علوي، المحكوم مؤبد، يقول بأن هناك عدد كبير من المعتقلين في سجون البحرين يعانون أمراض مستعصية، وما تقوم به إدارة سجن جو بإشراف مدير السجن هشام الزياني هو منع المعتقلين المرضى من تلقي العلاج، الأمر الذي يؤدي الى تفاقم المرض وتتحول الحالة المرضية الى حالة مستعصية للمعتقل يصعب علاجها، وجزء كبير من المعتقلين ممن كانوا معنا في السجن تفاقمت حالتهم وبلغت الى حد لا يمكن وصفه، ولعدم تحمّل المسؤولية قام النظام الفاسد بالإفراج عنهم بعد وصول حالاتهم المرضية الى وضع خطير، من خلال استخدامهم سياسة القتل البطيء ضدنا نحن المعتقلون في سجون البحرين.
معتقل الرأي علي محمد العرادي
وعن حرمان إدارة سجن جو المعتقلين من حقهم في تلقي التعليم والعراقيل التي يواجهونها يتحدث معتقل الرأي علي محمد العرادي المحكوم 58 سنة، وفي صرخته يقول: “من الناحية الأدارية يقع السجن ضمن دائرة الإصلاح والتأهيل، لكن عملياً لا يوجد اي برنامج للإصلاح والتأهيل، في هذا السجن يتم منع الدروس المتعلقة بالأخلاق والعقيدة والتعليم والمسائل الدينية، وبعيداً عن الأمور الدينية، فإننا محرومون من الأمور التعليمية الأكاديمية، إذ لا يمكننا أن نحصل على الكتب الدراسية إلاّ قبل الإمتحانات بإسبوع، وبعد الإمتحانات يسحبون الكتب دون رحمة، كما اننا لا نتمكن من الإستعداد للدراسة للعام الثاني ، نحن لا نحصل على اي دعم أو مساعدة لتحسين مستوانا التعليم، فضلاً عن ذلك فإننا نتعرض للمضايقات تمنعنا من التواصل مع زملاءنا في ذات العنبر أو المبنى.
المعتقل السياسي منصور خلف
في رسالته الصوتية يكشف المعتقل السياسي منصور خلف كيف توظف إدارة سجن جو المرافق للتصوير الإعلامي كما تتعمد إزعاجهم والتضييق عليهم، في صرخته يقول: “اعتقلت في العام 2013 ومحكوم 59 سنة، منذ عدة أشهر جاء إلينا مدير السجن هشام الزياني، ويدّعي أنه يهتم بنا وبصحتنا وعافيتنا أكثر مما نهتم نحن بأرواحنا، أقول لك يا سعادة المدير خفّ علينا، إذ نرى كثرة إهتمامك من خلال التسهيلات التي قدمتها لنا، وهي أننا نبقى داخل الزنازين أكثر من 23 ساعة في اليوم، ولا يوجد مسجد أو مصلى للصلاة، ولا نستطيع أن نصلي صلاتنا جماعة أو حتى فردية، مكان الصلاة في السجن ليس أكثر من ديكور للتصوير والزهرجة الإعلامية، وفي السجن يوجد قاعة كبيرة مكتوب عليها مكتبة، لكن لا يوجد فيها حتى كتاب واحد، بإختصار، المحكوم مؤبد يحصل على كتاب كل 25 سنة شرط أن يكون الكتاب من إختيار إدارة السجن، وليس كل معتقل يحصل على كتاب، فمجهود الحصول على كتاب في سجن جو كمجهود الحصول على علاج مرض السرطان. كما أن أحدى إهتمامات مدير السجن بنا، والسهر على راحتنا هي ايقاظنا عندما نكون في سبات عميق عندما يفتحون الأبواب الحديدة القوية للوصول الى زنازين المعتقلين.
“في البحرين شعب لن يلينا… يقاوم حاكماً نكث اليمينا… له الأرواح ترخص في بلادي… فصرخته بسجن الظلم فينا… هو المظلوم صرخته علت من يدافع لو بحرف كي نكونا… يداً منهاجها الإسلام دوماً تصد المفتري والمعتدينا.”
إذاً هي صرخات قهر وألم ووجع، يعيشها ويتعايش معها المعتقلون داخل سجن جو في البحرين، وهذه هي البحرين ومعاناة معتقليها وسنواتهم العجاف داخل السجون… وهذا غيض من فيض مما يعاننيه كل معتقل شريف داخل سجون نظام آل خليفة المستبد، الذي سجن من سجن وقتل من قتل وأعدم من اعدم…