حاول وزير خارجية الكيان الإسرائيلي إيلي كوهين، ان يقول للشعوب العربية ان عداءها لكيانه أصبح من الماضي، وذلك عندما صرح انه سيعود “من الخرطوم بنعم 3 مرات”، بعد لقائه رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، وذلك في إشارة واضحة الى “اللاءات الثلاثة”، التي خرجت بها القمة العربية التي عقدت في الخرطوم عام 1967 وهي: “لا للسلام مع “إسرائيل”، لا للمفاوضات مع “اسرائيل”، لا للاعتراف بـ “اسرائيل”.
ان القول بان عداء العرب للكيان الاسرائيلي اصبح من الماضي، هو محاولة خائبة بالمرة، فـ”النعم” الذي حصل عليها كوهين هي “نعم الحكام”، ولا تأثير لها في معادلة الصراع بين الشعوب العربية وبين الكيان الاسرائيلي، واما “اللاءات الثلاثة”، فهي “لاءات الشعوب العربية”، وهي اس واساس الصراع بين هذه الشعوب وبين الكيان الاسرائيلي، فـ”نعم الحكام” سطحية ومؤقتة وعابرة، و”لاءات الشعوب” هي متجذرة وباقية ولن تتغير.
الرفض الشعبي العارم في مصر والاردن، للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، رغم مرور عقود طويلة على تطبيع الحكام في هذين البلدين مع الكيان ، مازل الشعب المصري والشعب الاردني، يعتبران “اسرائيل” عدوهما الاول، بل يضعان قوائم عار بأسماء كل مواطن مصري او اردني يحاول التطبيع مع الكيان الغاصب للقدس ثقافيا او فنيا و ادبيا او رياضيا او اقتصاديا، فلا شرعية لهذا الكيان لدى الشعبين المصري والاردني.
اما الرفض الشعبي للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي في الامارت والبحرين والمغرب، فليس اقل من الرفض الشعبي في مصر والاردن، وقد تجلى ذلك وبشكل واضح، في بطلولة العالم بكرة القدم التي جرت في قطر، حيث شاهد العالم جمع، كيف صفعت هذه الشعوب “اسرائيل” على وجهها، عندما رفعت العلم الفلسطيني في ملاعب قطر، ورددت الشعارات الداعمة للحق الفلسطيني، ورفضت اجراء مقابلات مع وسائيل اعلام ااسرائيلية، بل اعلنت صراحة ان لا شيء اسمه “اسرائيل”، وكل ما هو موجود هو فلسطين فقط.
اما السودان، الذي تبختر فيها كوهين، وهو يصافح البرهان، فالرفض الشعبي للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي فيها اذا لم يكن اقوى من رفض باقي الشعوب العربية، فانه ليس باقل منها، هذا اولا، ثانيا، ان العسكر الذين ركبوا موجة ثورة الشعب السوداني، لا يمثلون الا انفسهم، فالعسكر وعلى راسهم البرهان، يعلمون جيدا، ان لاشرعية لحكمهم، فهم فرضوا انفسهم على الشعب بالقوة، لذلك يحاولون من خلال التطبيع مع الكيان الاسرائيلي ، مغازلة امريكا، للحصول على دعمها، في مقابل الرفض الشعبي لهم.
بات واضحا ان سبب تعجيل العسكر للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وكذلك سبب الاندافعة الاسرائيلية، المدعومة من امريكا، نحو السودان، هو لمعرفتهم، انه في حال اجراء انتخابات نزيهة، فانها ستؤدي حتما الى حكم مدني، وفي هذه الحالة ستكف الانتخابات يد العسكر عن الحكم، وسيعود البرهان ورفاقه الى ثكناتهم، ومن المؤكد ان الحكم المدني الذي سيأتي باصوت الشعب، سيكون رافضا بالتاكيد للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وعندها سيكون العسكر و”اسرائيل” وامريكا، من اكبر الخاسرين.
الشعب السودني يدرك جيدا ما يتم التخطيط له وراء الكواليس، لذلك اصدر العديد من الاحزاب والتجمعات والحركات السياسية في السودان، بيانات اكدوا من خلالها على ان الحكومة الانتقالية الراهنة بمختلف مؤسساتها، لايحق لها إتخاذ أي موقف في القضايا الأساسية والمصيرية، ولا تملك أي تفويض لاتخاذ مواقف باسم السودان وشعبه، فهو نظام انتقال مهمته فقط تيسير نقل السلطة لحكومة شرعية ينتخبها الشعب السوداني وفق إرادته الحرة المستقلة.
وجاء في هذه البيانات ايضا، ان الغرض من مثل هذه المحاولة اليائسة والمحمومة، أن يظل السودان تحت حكم العسكر بدعم من العدو الصهيوني وأعوانه، وذلك ما يناقض الدعوات والترتيبات الرسمية لتحقيق الانتقال الديمقراطي وإقامة حكم الشعب وفق الانتخابات.
من المؤكد ان هذه المحاولات لن يكتب لها النجاح، ما دامت قوى المجتمع السوداني، بمختلف القوى والمكونات السياسية، تصطف ضد أي محاولات لتزوير إرادة الشعب السوداني وتجاوز خياراته.