قصيدة بقلم الشاعر عبد النبي بزّي
يا صاحِبَ العَصْرِ تُغْضي دونَكَ العُصُرُ
وَالشَمسُ تُغْضي وَيُغْضي دونَكَ القمَرُ
أشرَقتَ يا ابنَ الهُدى نوراً لهيبتِهِ
الأبصارُ يا سَيّدي تُغْضي وَتَنحَسرُ
بَوَارِقُ البِشرِ في الأرجاءِ قد سَطَعَتْ
وَهدْهَدَ الكائناتِ الهُجَّعَ الخَبَرُ
وَسَبَّحَتْ رَبَّها الأفلاكُ شاكِرَةً
وَالكَوْنُ بالقائمِ المَهديّ مُبتَشِرُ
وَأزْهَرَ الشِعرُ وَاخضَلّتْ خَمائِلُهُ
وَراحَ يَعبقُ مِنهُ ذِكرُكَ العَطِرُ
وَرَقرَقَتْ بالهُدى آياتُهُ وَجَرَتْ
يَهفو لها القلبُ يَهفو السَمعُ وَالبَصَرُ
عَرَائسُ الشِعر ِ في ذِكراكَ زاهيةٌ
غَرَّاءُ مُترَفَة ٌ بالحُسن ِ تَدَّثِرُ
وَيَنسِجُ الوَحيُ والإلهامُ زينَتَها
وَفاتِناتُ الرُؤى آياتُها الغُرَرُ
وَزاهِراتُ المَعاني تُجتَلى زُمَراً
مِنْ سِحرِ أحداقِها وَالفنُ مُبتَكَرُ
آياتُها بالبَيانِ السَمحِ مُترَعَةً
وَبالبَلاغَةِ وَالإبداعِ تأتَزِرُ
وَالمُفرَداتُ أزاهِيرٌ مُنوّعَةٌ
وَالحَرْفُ مُنسَجِمٌ وَاللحنُ وَالوَتَرُ
وَالقلبُ يخفِقُ يا ابنَ المُصطفى طَرِباً
يَشدو بِذِكركَ مَزْهُواً وَيفتَخِرُ
أشرَقتَ يا سَيّدي نوراً ذَوَائبُهُ
باليُمنِ وَالخيرِ وَالإحسانِ تَنتَشِرُ
أشرَقتَ بَدرَ كمالٍ نورُهُ ألِقٌ
في نِصفِ شعبانِ شَهرُ الخَير مُنبَهِرُ
وَنورُكَ السَمحُ إذ شعَّت بوارقُهُ
شَعَّت لِطلعَتِهِ الآياتُ وَالسُوَرُ
وَسَبَّحَتْ رَبَّها الرَحمنَ خاشِعةً
وَهَللَّت لِلوَليدِ الأنجُمُ الزُهُرُ
وَسِدْرَةُ المُنتَهى شَعَّتْ مُرَحِبَةً
وَهلَّلَ المَلأ العُلوي يبتَشِرُ
وَهلَّلَتْ جَنَةُ الرَحمنِ زاهِيَةً
وَمَوْكِبُ الحورِ وَالوِلدانِ مُزْدَهِرُ
والمُصطفى الأمْجَدُ المُختارُ مُبتَهِجٌ
وَمِثلُهُ المُرتضى بالشُكر مُبتَدِرُ
والطُهرُ فاطِمَةٌ قَرَّت بِمَوْلِدِهِ
وَمَوْلِدُ القائمِ المَهديِ مُنتَظَرُ
وآلُ بيت الهدى الأطهارُ كُلُهُمُ
في فَرحَةٍ دونها الألفاظُ والصُوَرُ
يا صاحِبَ الأمْرِ يا عَينَ الحَياة وَيا
مُحيِ الشَريعَةِ أنتَ الوِردُ وَالصَدَرُ
أنتَ الإمامُ أمينُ الله بُغيَتُهُ
وأنتَ كَنزٌ لِدينِ اللهِ مُدَّخَرُ
وأنتَ نورٌ إلهيٌ يَفيضُ هُدىً
بالطُهر يَعْبِقُ وَالإجْلالِ يَعْتَمِرُ
وأنتَ رُكنٌ شَدِيدٌ يَستظِلُ بهِ
المُسْتَضعَفونَ بهِ يُسْتَدفَعُ الضَرَرُ
وأنتَ لِلعَدلِ صِنوٌ يا ابن فاطِمةٍ
وَأنتَ لِلحَقِ سَيفٌ حَدُهُ القدرُ
وأنتَ لِلدينِ مَذْخورٌ وَمُنتَجَبٌ
بكَ العقيدةُ يا مولايَ تَزدَهِرُ
وَأنتَ لِلعَقلِ نورٌ وَالنُهى مَثَلٌ
وَأنتَ لِلعِلمِ بَحرٌ طيُهُ الدُرَرُ
وأنتَ حَربٌ على الطاغوتِ دائرَةٌ
مِنَ الطواغيتِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ
إلى لِقائكَ يا مَوْلايَ أفئدةٌ
تَهفو إلى فَجْركَ الآتي وَتَصطَبِرُ
وَأنتَ مَهْوى قُلوبٍ تَصْطَلي ألماً
قَدْ سَامها الظُلمُ الإرهابُ وَالضَرَرُ
مِنْ قبلِ مَوْلِدِكَ المَيْمونِ يا قَمَرُ
قلوبُ شيعَتِكَ الأحرارِ تَنتَظِرُ
وَلمْ تَزلْ هَدَفاً لِلمَاكِرينَ بها
وَالمَاكِرونَ بها يا سَيدي كُثُرُ
وَلم تزل سُنَةُ الباغين قائمةً
وَالظُلمُ وَالفِسقُ وَالإرهابُ مُنتشِرُ
والمُسلِمونَ مَطايا الحاكِمينَ بِهِم
وَالحاكِمونَ مَطايا للأولى كَفَروا
وَشيعةُ الحَقِ يا ابنَ المُصطفى هَدَفٌ
دَمُ الشَهادَةِ مِنْ تاريخِها عَطِرُ
وَاليومَ يا سَيّدي تشتدُ مِحْنَتُها
وَقَدْ أحاطَ بها وَاستَفحَلَ الخَطرُ
دَمُ الشَهادَةِ في أرْجاءِ عامِلةٍ
يُنبيكَ عَنْ صَفوَةٍ دِينَ الهُدى نَصَروا
يُنْبِيكَ عَنْ شُهَدَاءٍ طابَ مَشرَبُهُمْ
طابَتْ عَقيدَتُهُمْ آياتُهُم كُثُرُ
مِنَ الوَصِي اسْتَقوا صِرفاً وَأترَعَهُمْ
كأسٌ مِن الصَبرِ وَالإيمانِ مُعتَصَرُ
وَمِن حُسَينِ الإبا شَعَّت إباءَتُهُم
وَبالحُسَين إلى جَناتِهِمْ عَبَروا
يا صاحِبَ العَصِرِ والأحداثُ صاخِبةٌ
قلبي يُناجيكَ وَهْوَ اليومَ مُنكسِرُ
مولايَ شِيعتُكَ الأحرارُ في خَطَرٍ
تهفو إلى يَومِكَ الآتي وَتَصْطَبِرُ
تَستَعجلُ الفرجَ المَوْعودَ تَرقُبُهُ
وَفجرُكَ القادمُ المَيمونُ مُنتظَرُ
يا صاحِبَ الأمرِ يا عَينَ الحَياة ِوَيا
نورَ الصِراطِ بكَ الاِيمانُ يَزدَهِرُ
وَمِنكَ يُشرقُ نورُ العدل مؤتلقاً
والحَقُ يُسفِرُ والإسلامُ ينتَصِرُ
مَولايَ عَفوَكَ لا قَوْلي وَلا كَلِمي
يَرْقى إليكَ وَلا نَظمٌ ومُنتَثَرُ
لكِنْ أتَيْتُ وَقَلبي خافِقٌ وَفَمي
يَشْدو بِذِكركَ جَلَّ اللحنُ وَالوَترُ
في يَومِ مَوْلِدكَ المَيمونِ يَحْمِلُني
شِعري إليكَ وَنارُ الشَوقِ تَسْتَعِرُ
وَالشِعرُ مِنْ خافِقي تَسْتافُ أحرُفُهُ
وَالشِعرُ مِنْ خافِقي بالوِدِ مُنصَهِرُ
يا صاحِبَ الأمرِ لي يا ابنَ الهُدى أملٌ
قلبي يُهَدْهِدُهُ يَجري بهِ العُمُرُ
أصْبو إلى صُبحِكَ المَيمونِ في شَغَفٍ
وَأجْتَلي الزَمَنَ الآتي وأنتظِرُ
أدْعو الكَريمَ إلهَ العَرشِ أسْألُهُ
أنا الفَقيرُ إليهِ وَهُوَ مُقتَدِرُ
بأن يُبَلغَني يَوماً أكونُ بهِ
لَدَيْكَ عَبداً بما تَرْضَاهُ أأتَمِرُ
أذودُ عَنكَ بنَفسي يَفتَدِيكَ دَمي
إلى الشَهادَةِ دونَ الحَقِ أبتَدِرُ
في 15 شعبان 1446
14 شباط ـ 2025