بعد انسحاب العدوّ الصهيوني منها

أهالي الجنوب يدخلون إلى قراهم.. والجيش اللبناني ينتشر فيها

خاص الوفاق: إنسحب جيش الاحتلال الصهيوني من كلّ القرى الحدودية في جنوب لبنان، باستثناء خمس نقاط كان أعلن أنه سيبقى فيها، وذلك بالتزامن مع انتهاء مهلة تطبيق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني.

ومنذ الصباح الباكر من يوم الثلاثاء، بدأ أهالي القرى الجنوبية بالدخول إلى بلداتهم وهم يرفعون رايات النصر وصور الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، بعد اندحار جيش الاحتلال الصهيوني منها وانتشار الجيش اللبناني فيها. بالتزامن، عقد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون اجتماعًا استثنائيًا، في القصر الجمهوري في بعبدا، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، حيث تناول البحث المستجدات المتعلقة بالوضع على الحدود الجنوبية والتطورات الناجمة عن استمرار الانتهاكات والخروقات الصهيونية.

 

*انتشار للجيش اللبناني في الجنوب

 

في التفاصيل، أعلن الجيش اللبناني أن وحداته العسكرية انتشرت، في 17 و18 شباط 2025 في بلدات العباسية، المجيدية، كفركلا ومرجعيون في القطاع الشرقي، كذلك في العديسة، مركبا، حولا، ميس الجبل، بليدا، محيبيب – مرجعيون في القطاع الأوسط، وأيضاً في مارون الراس والجزء المتبقي من يارون – بنت جبيل في القطاع الأوسط.

 

كما انتشرت في مواقع حدودية أخرى في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على إتفاق وقف إطلاق النار (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، وذلك بعد انسحاب العدو الصهيوني.

 

هذا؛ وقد باشرت الوحدات المختصة، بحسب بيان الجيش اللبناني، إجراء المسح الهندسي وفتح الطرقات ومعالجة الذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة في هذه المناطق.

 

وأكدت قيادة الجيش ضرورة التزام المواطنين بتوجيهات الوحدات العسكرية المنتشرة في المناطق الجنوبية، إفساحًا في المجال لإنهاء الأعمال المذكورة في أسرع وقت ممكن، وحفاظًا على أرواحهم وسلامتهم.

 

*بدء دخول أهالي الجنوب إلى بلداتهم سيراً على الأقدام

 

في غضون ذلك ومنذ ساعات الفجر الأولى من يوم الثلاثاء، اجتمع أهالي بلدات يارون، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، حولا، مركبا، العديسة، كفركلا، والوزاني باشروا في دخولهم إلى قراهم وبلداتهم بعد اندحار العدو الصهيوني منها.

 

وعند الساعة العاشرة من مساء الإثنين، اكتمل الانسحاب الصهيوني من بلدتي يارون ومارون الراس. وبعد ذلك بحوالي ساعة، بدأ دخول الجيش اللبناني إلى بلدة مارون الراس، حيث كانت أول قافلة، أو أول دورية للجيش اللبناني، تدخل البلدة قرابة الساعة الثانية عشرة والنصف ليلاً.

 

وقد استقدم الجيش اللبناني جرافة عسكرية وبدأت في فتح الطرقات وإزالة السواتر عند مداخل البلدات، وعمل على إزالة الساتر الأول باتجاه الطريق المؤدي إلى موقع خربة يارون، وهو موقع تابع للجيش اللبناني، ويعد نقطة حدودية وأحد آخر المواقع العسكرية اللبنانية في البلدة.

 

*الأهالي لم ينتظروا إزالة الساتر الترابي

 

إلى ذلك، توجهت دورية تابعة للجيش اللبناني إلى هناك لتثبيت نقطة لها في المنطقة، على أن تعود الجرافات العسكرية لفتح الطريق الرئيسي عند الساتر الرئيسي والمدخل الشمالي للبلدة، وذلك تمهيدًا لدخول الأهالي إلى عمق بلدة يارون؛ ولكن الأهالي لم ينتظروا إزالة الساتر الترابي بالكامل، بل بدأ بعضهم في الدخول إلى البلدة عبر المدخل الشمالي، وصولًا إلى ساحة البلدة والمناطق التي من المتوقع أن يدخلها الجيش اللبناني.

 

وأكد رئيس بلدية يارون أنه رغم تدمير العدو لمبنى ومقومات البلدية، إلا أنهم سيعملون بما هو متاح لتسهيل عملية دخول الاهالي الى البلدة. كما بدأ الأهالي بالتوافد إلى بلدات ميس الجبل وبليدا ومحيبيب، وتحديدًا إلى الحي الغربي من البلدة، وهم يرفعون رايات النصر. كما رفع الأهالي صور السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين.

 

وعادت رايات المقاومة ترفرف في أرجاء المنطقة، تأكيدًا على النهج الذي صنع هذا النصر، وفي مشهد نصر جديد يُرسم اليوم ببركة دماء الشهداء، إلى جانب تضحيات المجاهدين وصمود هذه البيئة المقاومة.

 

*الجيش اللبناني يطلب التريث من الأهالي

 

أما أهالي بلدة العديسة، فقد كانوا ينتظرون عند مدخل بلدتهم حتى يتمكنوا من العبور إلى ساحتها، بعد أن طلب منهم الجيش اللبناني التريث بالدخول ريثما تنتهي فرق الهندسة التابعة له من إنجاز عمليات المسح، عقب قيام العدو بتنفيذ عدد من التفجيرات ليلاً.

 

وكان أهالي بلدة كفركلا احتشدوا عند مدخل البلدة، استعدادًا للدخول إليها، وذلك بعد دخول الجيش اللبناني إليها خلال ساعات الليل. وكان قد سبق ذلك تفجيرات نفذها العدو الصهيوني، ربما كعملية وداعية، في محاولة منه للإمعان في إجرامه بحق هذه البلدات الحدودية؛ بالإضافة إلى أهالي بلدة كفركلا، حضر العديد من أبناء الجنوب إلى منطقة دير ميماس، عند المدخل الرئيسي للبلدة، للعبور خلف الجيش اللبناني باتجاهها.

 

وقال رئيس بلدية كفركلا حسين شيت: إن الجيش اللبناني بدأ بالانتشار الثلاثاء في البلدة، وبمجرد أن يرتفع مستوى الأمان ويصبح الدخول آمنًا، سنتمكن من دخول البلدة بمرافقة الجيش اللبناني، الذي سيبلغنا بلحظة الصفر للعبور. وقال: إن الأولوية بالنسبة لنا هي سلامة المدنيين وعدم تعرضهم لأي خطر.

 

ولا تزال البلدة تحتضن على ترابها أكثر من 30 شهيدًا من المقاومة الإسلامية، الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم دفاعًا عن هذه الأرض التي عمدوها بدمائهم الزكية.

 

*جيش الاحتلال يبقى في خمس نقاط

 

وكان جيش الاحتلال الصهيوني انسحب من كلّ القرى الحدودية في جنوب لبنان، باستثناء نقاط خمس كان أعلن أنه سيبقى فيها، وذلك بالتزامن مع انتهاء مهلة تطبيق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني.

 

وقال مصدر أمني فضّل عدم الكشف عن هويته: “انسحب جيش الاحتلال الصهيوني من كلّ القرى الحدودية، باستثناء النقاط الخمس، والجيش اللبناني ينتشر بشكل تدريجي، بسبب وجود متفجّرات في بعض الأماكن، وأضرار بالطرقات”.

 

إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام في جنوبيّ لبنان، صباح الثلاثاء، بأنّ دبابات الاحتلال الصهيوني وآلياته توغّلت مجدّداً في اتجاه بلدة كفرشوبا. وقالت: إنّ قوات الاحتلال نقلت بالشاحنات موادّ متفجّرة في اتجاه بلدة كفرشوبا تمهيداً لتنفيذ تفجير في المنطقة.

 

وكان “جيش” الاحتلال الصهيوني أعلن أنّه “سيترك أعداداً صغيرة من القوات في 5 مواقع استراتيجية بعد حلول موعد الانسحاب في 18 شباط/ فبراير”، وهي: تلّة العويضة، جبل بلاط، تلّة اللبونة، تلّة العزية وتلّة الحمامص.

 

وجاء الإعلان الصهيوني على الرغم من تأكيد لبنان رفضه المطلق لبقاء قوات الاحتلال الصهيوني، ودعوته رعاة الاتفاق إلى التدخّل للضغط على الكيان الصهيوني.

 

*اجتماع رئاسي في بعبدا

 

بموازاة ذلك، عقد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون اجتماعًا استثنائيًا، في القصر الجمهوري في بعبدا، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام.

 

وصدر عن المجتمعين بيان أكدوا فيه الموقف الوطني الموحد للدولة اللبنانية، مشددين على ضرورة الانسحاب الصهيوني الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، التزامًا بالمواثيق والشرع الدولية وبقرارات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها القرار 1701. كما جددوا تأكيد التزام لبنان الكامل بهذا القرار بكامل مندرجاته، وبلا أي استثناء.

 

كما أكد المجتمعون دور الجيش اللبناني واستعداده التام وجهوزيته الكاملة لاستلام مهامه كافة على الحدود الدولية المعترف بها. بما يحفظ السيادة الوطنية ويحمي أبناء الجنوب اللبنانيين، ويضمن أمنهم واستقرارهم. بناءً عليه، وإزاء تمادي الكيان الصهيوني في تنصله من التزاماته وتعنّته في نكثه بالتعهدات الدولية، أعلن المجتمعون ما يلي:

 

  1. التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، والذي أقر القرار 1701، لمطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الخروقات الصهيونية وإلزام الكيان الصهيوني بالانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية، وفقاً لما يقتضيه القرار الأممي، كما “الإعلان” ذات الصلة.
  2. يعد استمرار الوجود الصهيوني، في أي شبر من الأراضي اللبنانية، احتلالًا مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية وفقًا للشرعية الدولية.
  3. استكمال العمل والمطالبة، عبر “اللجنة التقنية العسكرية للبنان” و”الآلية الثلاثية”، واللتين نص عليهما “إعلان 27 تشرين الثاني 2024″، من أجل تطبيق الإعلان كاملًا.
  4. متابعة التفاوض مع لجنة المراقبة الدولية والصليب الأحمر الدولي من أجل تحرير الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى الكيان الصهيوني.

ختامًا؛ يؤكد المجتمعون تمسك الدولة اللبنانية بحقوقها الوطنية كاملة وسيادتها على كامل أراضيها، والتاكيد على حق لبنان باعتماد كل الوسائل لانسحاب العدو الصهيوني.

 

المصدر: الوفاق/ خاص