الاحتلال يواصل الاعتداء على مخيمات الضفة: آلاف النازحين ينتظرون لحظة العودة

منذ إطلاق الاحتلال الإسرائيلي عمليته ضد مخيمات الضفة، ارتقى نحو 60 فلسطينياً، واعتُقل أكثر من 220، إضافة إلى عمليات التهجير، التي طالت عشرات آلاف الفلسطينيين.

في وقت بقي سليمان الزهيري (أبو سمير) وزوجته في منزلهما الكائن في مخيم نور شمس للاجئين، والواقع في محافظة طولكرم شمالي الضفة الغربية، اضطرت أخته أم عمّار وعائلة ابنها عمر إلى الرحيل تحت تهديد الاحتلال، فارضاً عليهم مغادرة منزلهم عبر الجبال والصخور، حاملين معهم أطفالاً وبعض العتاد.

 

ينشغل أبو سمير، الذي يقطن في الحي الغربي لمخيم نور شمس في جبل النصر، بإجراء اتصالات يومية للمحافظة على وجود المياه في المخيم، لأن انقطاعها يعني مزيداً من التهجير. يتناوب هو وزوجته على ساعات النوم، فحين يستيقظ طوال الليل تنام زوجته، وهكذا دواليك، تحسباً لأي هجوم أو خطر. وقال للميادين نت: “نعيش صورة مكررة من اجتياحات سابقة مع فارقين: هذه المرة الوقت الزمني أطول، والثاني التهجير قسري. كان اقتحام المخيم بعد أسبوع واحد من اقتحام مخيم طولكرم، لذا حاولنا اتخاذ احتياطباتنا وتوفير بعض المؤونة. حالياً، أسمع أصوات عدد من الانفجارات، ولا أرى سوى دخان وإطلاق نار كثيفاً وعشوائياً لإجبار من تبقى من أهالي المخيم على الهجرة”.

 

وأضاف: “نعيش في قلق دائم. اتصالات متكررة من الأهل والأبناء. هناك من خرج من المخيم إما إلى مراكز الإيواء، وإما إلى عند أقاربهم في القرى المحيطة. وهاجسنا الدائم أن يقتحم الجيش البيت عبر تفجير الأبواب، وهو ما حدث مع جيراننا. حين اقتربت الجارة من الباب انفجر بها واستُشهدت، وهذا مرعب”.

 

ووصف الحي الذي يقطن فيه بأنه “بلا حياة، بحيث تم تجريف الشوارع، ويفرض جيش الاحتلال منع التجوال الدائم، ولا يوجد سيارات أو مشاة، وأي خروج يكون ضمن مسارات يحددها الاحتلال في توقيت محدد”.

 

أما أم عمار، وهي شقيقة أبي سمير، فنزحت إلى قرية كتابا القريبة. كان بيتها يقع في الشارع الرئيس لمخيم نور شمس. ووصفت في حديثها إلى الميادين نت الوضع بأنه “كارثي ولا يمكن تخيله، وفرض علينا جيش الاحتلال الرحيل عبر الجبل حيث الطين والحجارة. هدموا أجزاء من الشارع والصيدلية ومتجر ابني، وأخذوا الناس من الحارة دروعاً بشرية، كباراً وأطفالاً، من أجل تفحص دار ابني. حالياً نعيش في ظروف صعبة لدى أقربائنا مع انقطاع الكهرباء، وفي ظل هذا البرد الشديد”.

 

بدوره، وصف فيصل سلامة، مسؤول “لجنة كرامة وإغاثة النازحين:، في مخيمات طولكرم، الوضع الميداني قائلاً: “العدوان ما زال مستمراً على مخيّمي طولكرم ونور شمس، بحيث اتخذ جيش الاحتلال من البيوت المحيطة بالمخيمات ثُكَناً عسكرية ومنصات للقناصة. النزوح مستمر، بحيث نزح عن مخيم طولكرم عشرة آلاف نسمة، وعن مخيم نور شمس خمسة آلاف نسمة. والمخيمات تعيش من دون مياه ولا كهرباء، وفي ظل نقص في عدد من المواد الأساسية، ومنهم من رحل إلى أحياء المدينة وقرى محافظة طولكرم بحكم صلة القرابة”.

 

وأضاف سلامة، أن “هناك 11 مركز إيواء، هي عبارة عن مدارس أو قاعات أو مراكز أهلية ونوادٍ، وتم تشكيل لجنة كرامة من المحافظة والمؤسسات الشريكة والقطاع الخاص، وجهّزنا مراكز الإيواء، بالإضافة إلى تقديم طرود غذائية وبعض الخدمات الطبية والعلاج قدر الإمكان وفرشات وأغطية للنوم، لكن حجم النزوح يفوق توقعاتنا وإمكاناتنا، والنقص كبير جداً”.

 

ولفت إلى أن ما حدث شمالي قطاع غزة يحدث في مخيمات الضفة، فـ”الاحتلال ينفذ مخططاً ممنهجاً يشمل تفجير البيوت، وتدمير البنبة التحتية، بحيث يصبح غير قابل للحياة، فلا مؤسسات ولا شبكة صرف صحي، وهذا يهدد قضية اللاجئي،ن ويُعَدّ محاولة لإنهاء المخيمات؛ الشاهد الوحيد على قضية اللاجئين وحق العودة”.

 

وفي جنين، حيث مخيم جنين، المقام على مساحة كيلومتر ومئتي متر مربع، يعيش أكثر من 15 ألف لاجئ نزحوا جميعهم بسبب الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة. ووصف محمود حواشين، رئيس اللجنة الشعبية في محافظة جنين، وأمين السر لحركة فتح، الأوضاع الميدانية في المخيم قائلاً: “نزح جميع أهالي المخيم بعد أن طردهم الاحتلال قسراً، وتم تهجير الأحياء المحاذية له. لدينا أكثر من 22 ألف نازح، وتم تدمير كامل البنية التحتية للمخيم من شوارع وكهرباء وصرف صحي وهدم للبيوت. وأغلبية البيوت، التي لم تُهدم، لم تعد صالحة للسكن، حتى بات المخيم اليوم غير قابل للحياة”.

 

وبشأن عمل اللجان الشعبية في ظل هذه الأوضاع، أوضح أنه تم إنشاء أربع نقاط تؤوي النازحين، لكنها ليست دائمة، وأضاف: “نحن في طور استئجار مزيد من الشقق للنازحين، ونعمل على تأسيس مركزَي إيواء رئيسَين في مدرستين في المدينة، وتوفير متطلبات الحياة فيها”.

 

وبشأن اعتداءات الاحتلال في العملية العسكرية الأخيرة، قال: “هاجم الاحتلال الحارة الشرقية، وهي ليست جزءاً من المخيم، لكن جميع سكانها لاجئون. ومن المعروف أن النسبة الأكبر من سكان مدينة جنين هم لاجئون، كما هدم الاحتلال بيوتاً، وفتح شوارع جديدة، وعلّق يافطات لا نعرف ما هي حتى الآن، ونسف حارات كاملة. وهذا استهداف لقضية اللاجئين، وليس فقط للمخيمات”.

 

المصدر: الميادين