قال المدير العام لوكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) “حسين جابري أنصاري” بأن استراتيجية المقاومة التآكلية مازالت هي الحل الأفضل، معتبرا أن عملية طوفان الأقصى كانت بمثابة زلزال سياسي وعسكري وأمني للكيان الاسرائيلي وكشفت الضعف الهيكلي لهذا الكيان.
وفي مقابلة مفصلة مع مجلة “عصر أنديشة” الايرانية ،قدم المدير العام لوكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) “حسين جابري أنصاري” ، تحليلا وشرحا حول دوافع عملية طوفان الأقصى ونتائجها، وكذلك التأثيرات العميقة لهذه العملية على المشهد السياسي للكيان الصهيوني والعالم العربي.
و اعتبر مدير عام وكالة “إرنا”، أن المهمة الأساسية لتحرير فلسطين هي مسؤولية الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، فبعد عملية طوفان الأقصى وقف الشعب الفلسطيني ودافع عن أرضه رغم استشهاد اكثر من 44 ألف شهيد وتدمير جزء كبير من قطاع غزة.
واشار جابري انصاري الى انه في السنوات الأخيرة، تسارعت التطورات الدولية وتعمقت بشكل كبير. وإذا كانت سرعة هذه التطورات حتى عقد مضى أكثر هدوءا وأكثر قابلية للتنبؤ بها، الا انها الان و في فترة قصيرة مثل عام ونصف بعد 7 تشرين الاول/أكتوبر 2023 وحتى اليوم، تشهد سلسلة من الأحداث المتسارعة على مدى ووتيرة غير مسبوقين.
ولفت الى ان بعض التحليلات عن طوفان الاقصى ذهبت الى التنبؤ بنهاية فلسطين وبعضها الاخر بنهاية الكيان الاسرائيلي، مضيفا انه تاكد منذ الأيام الأولى أن هذه الحادثة ليست نهاية الكيان الصهيوني ولا علامة نهاية فلسطين، موضحا بأن التحليلات التي تصور أمريكا والكيان الإسرائيلي ككائنات شبيهة بالله هي المصدر الرئيسي للانحراف في فهم الحقائق وان فكرة أن أمريكا أو الكيان الصهيوني لديهما القدرة على تصميم وتنفيذ وإدارة ما بين 0 إلى 100 تطور عالمي بعيدة كل البعد عن الواقع.
اخفاقات الكيان الصهيوني امام ضربات المقاومة المتتالية
وبالاشارة الى ان الكيان الصهيوني في الحقيقة هو ظاهرة عالمية ،لأنه تم إنشاء هذا الكيان الاسرائيلي الوهمي، وتم بذل الكثير من الجهود وتقديم معادلات مختلفة لإنجاحه، عبر الاستفادة من الدعم والتعاون الدوليين، وتقاسم المصالح والتعاون مع القوى الغربية المهيمنة ولولا هذا الدعم لا يمكن استمرارية هذا الكيان ، لكن هذا لا يعني أنهم تمكنوا من خلق وجود قوي لا جدال فيه من لا شيء، والتاريخ يشهد بأن الكيان الاسرائيلي قد واجه، مثل أي مشروع إنساني آخر، إخفاقات وقيود.
ومضى يقول في هذا السياق ، وعلى سبيل المثال ،وفي اليومين الأولين من حرب 1973، تعرض جيش الاحتلال الإسرائيلي لهزيمة ثقيلة على يد الجيشين السوري والمصري.
كما انه في العام 1982، أجبر حزب الله، الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب من العاصمة بيروت والتراجع وحقق انتصارات مهمة بمقاومة وصمود متواصل، وعلاوة على ذلك استطاعت المقاومة الإسلامية في لبنان منذ ذلك الوقت مرورا بالتحرير عام 2000 وانتصار عام 2006 وحتى الان، وبتضحيات كبيرة وسفك الدماء والإرادات التي مارستها، قطع طريقا طويلا وتآكليا على كيان الاحتلال الاسرائيلي.
واضاف جابري انصاري: كما شهدت إخفاقات أخرى لهذا الكيان أمام المقاومة، فعملية طوفان الاقص في 7 تشرين الأول/اكتوبر 2023 مثال واضح على هذه الإخفاقات.
طوفان الأقصى زلزال سياسي وعسكري للكيان الصهيوني
واعتبر أن عملية طوفان الأقصى كانت بمثابة زلزال سياسي وعسكري وأمني للكيان الصهيوني وكشفت الضعف الهيكلي لهذا الكيان، موضحا انه لا ينبغي أن ننظر إلى هذه العملية باعتبارها نهاية الكيان الإسرائيلي، وفي نفس الوقت لا ينبغي أن ننغمس في مفاهيم إلهية عن قوة هذا الكيان.
وتابع بأن التحليل الصحيح لهذه العملية يتطلب دراسة الاتجاهات و التاريخ وتجنب المبالغة، و من الواضح أن عملية طوفان الاقصى كانت بمثابة فشل كبير للكيان الاسرائيلي على كافة المستويات، من العسكري والأمني إلى الاستراتيجي والسياسي، متسائلا ما اذا كانت تعني هذه الهزيمة نهاية هذا الكيان، ومعتبرا بأن هذا الصعود والهبوط أمر طبيعي في الحرب والمقاومة ، لذا لا ينبغي أن يؤخذ على أنه مفاجأة.
إستراتيجية المقاومة التآكلية
كما لفت مدير وكالة ارنا الى ان الثورة الإسلامية في إيران اقترحت استراتيجية جديدة في المقاومة، لا تقوم على الحرب الكلاسيكية ولا على الاستسلام والتسوية؛ وهي استراتيجية المقاومة التآكلية التي تعتمد خطا طويل الأمد. ووفقا لهذه الاستراتيجية، إذا كانت معادلات القوة الدولية تشير إلى أن المواجهة العسكرية المباشرة مع الكيان الاسرائيلي غير ممكنة، فهذا لا يعني الاستسلام للواقع القائم.
وتابع موضحا ان هذه الاستراتيجية ،ترتكز على وجوب إضعاف المشروع الصهيوني شيئا فشيئا بدلا من الاستسلام، وبالتالي فهذه العملية لا تتم بين عشية وضحاها وبشكل مفاجئ، ولا يوجد مفتاح سحري لإنهائها على الفور بل يجب أن تستمر المقاومة حتى يبلى الكيان الصهيوني بمرور الوقت، وعندما تتوفر الظروف الإقليمية والدولية المناسبة، سنشهد انهياره من الداخل. وأخيرا، سينشأ تكوين جديد في فلسطين، والذي سيكون نتيجة سنوات من المقاومة التدريجية.
واضاف جابري انصاري ، ان الثورة الإسلامية في إيران نفسها هي مثال على هذه العملية؛ وهي ظاهرة أتت بثمارها على مر السنين ومع تآكل هيكل السلطة القائم انذاك.وبنفس الطريقة فإن استراتيجية المقاومة التآكلية ضد الكيان الإسرائيلي هي أيضا وسيلة لتغيير المعادلات الإقليمية والدولية ويمكن أن تؤدي إلى انهيار هذا المشروع وتحرير فلسطين.