تشييع الشمس والقمر… حين ينتصر الدم على السيف

خاص الوفاق: ها نحن نقترب من اليومٍ الذي ستخشع فيه الأرض، وتكفكف السماء دموعها، وتشهد الأمة لحظةً تهتز لها القلوب قبل الأقدام، لحظةً تختلط فيها العزة بالفجيعة، لحظةٌ تعيد إلينا ذكرى كربلاء، حيث سار الإمام الحسين(ع) إلى الموت شامخًا، وحيث وقف العباس(ع) بجانبه حتى النفس الأخير

 

د.أكرم شمص

 

ها نحن في اليوم الذي سيهتز فيه التاريخ، اليوم الذي ستسجله الأمة بحروف من دمٍ وعزة، اليوم الذي سيفهم فيه العالم أن المقاومة ليست فردًا، وليست مجموعة، بل هي شعبٌ بأكمله، أمةٌ بأسرها، قضيةٌ ممتدة من كربلاء الحسين (ع) إلى كل أرضٍ ظُلم فيها المستضعفون، وسفكت فيها دماء الأحرار.

 

ها نحن نقترب من اليومٍ الذي ستخشع فيه الأرض، وتكفكف السماء دموعها، وتشهد الأمة لحظةً تهتز لها القلوب قبل الأقدام، لحظةً تختلط فيها العزة بالفجيعة، لحظةٌ تعيد إلينا ذكرى كربلاء، حيث سار الإمام الحسين(ع) إلى الموت شامخًا، وحيث وقف العباس(ع) بجانبه حتى النفس الأخير.

 

يا أمةً فقدت شمسها وقمرها

 

كيف تمضي الأيام، وحبل الولاء مشدودٌ إلى أعناقنا؟ كيف يُشيَّع من علّمنا كيف نعيش أحرارًا، وكيف نموت وقوفًا؟ كيف نحمل على الأكتاف من حمل الأمة على كتفيه، ومن سقاها من نهر العزة حتى ارتوت؟

 

يا أمة الشهداء… يا من عاهدتم الله أن تبقوا على نهج الإمام الحسين(ع)، ها قد جاء اليوم الذي سنشهد فيه استفتاءً حقيقيًا على قوة المقاومة، وعلى عمقها في وجدان شعبها، وعلى تكاملها مع أمتها وناسها، وعلى صدقها الذي ترجمته بدمائها، وعلى وهجها الذي لا تطفئه أيادي الغدر.

 

اليوم تتجسد كربلاء من جديد


ألم الفقد واحد، ولكن المشهد يتكرر بأبهى صور البطولة. بالأمس كان الإمام الحسين (ع) وأخوه أبو الفضل العباس في ساحة الشرف، واليوم يُزفُّ شهيدنا الأسمى سيدنا وقائدنا السيد حسن نصر الله والسيد الهاشمي هاشم صفي الدين إلى العلا، جنبًا إلى جنب، كما كانا في الحياة، وكما التقيا في الجهاد، ها هما يلتقيان في الشهادة.

 

أيها السائرون إلى التشييع…اعلموا أنكم لستم تحملون أجسادًا، بل تحملون إرثًا خالدًا، تحملون قَسَمًا قطعوه على أنفسهم يوم وقفوا في وجه الطغاة، يوم رفعوا الراية ولم يُسقطوها، يوم صانوا دماء الشهداء الذين سبقوهم.

 

يوم التشييع… يومُ الحسم في معركة الوعي

 

ظن العدو أن باغتيال القادة سينكسر ظهر المقاومة، وأنها ستتراجع، لكنه لم يفهم أننا في كل مرة تسفك دماء قادتنا، نولد من جديد، أشد عزيمة، وأعمق إيمانًا. وهذا يوم سيشهد فيه العالم كيف يتحوّل الحزن إلى قوة، والدمعة إلى قرار، والوداع إلى ولادة.

 

اقتلوُنا… فإن شعبنا يعي أكثر وأكثر

 

هذه الكلمات التي صدح بها الإمام الخميني (قدس)، والتي لم يفهمها الأعداء يومًا، ستتجلى بأوضح صورها اليوم في التشييع. وسيكتشف العدو، متأخرًا كعادته، أن كل محاولاته لإضعاف المقاومة ستتحطم أمام الزحف المليوني، وأمام مشهدٍ عالميٍّ منظمٍ بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سياسياً، إعلامياً، ميدانياً. لن يكون مجرد تشييع، بل سيكون إعلانًا جديدًا لانتصار الدم على السيف، ولانتصار الإرادة على الطغيان، ولانتصار المقاومة التي ولدت من وجع الأمة، والتي صارت ملاذها وسيفها وترسها.

 

يوم التشييع… حيث يندم العدو، ويعيقهم الرعب

 

يا من اغتلتم قادتنا، أنتم اليوم في مأزق وجودي، لأنكم ستدركون أنكم لم تقتلوا فردًا، بل أيقظتم أمّة. وستدركون أنكم أخطأتم التقدير حين ظننتم أن غياب القادة يعني غياب المقاومة، وستفهمون متأخرين أن هذا الوداع ليس نهايةً، بل بدايةً لمسيرةٍ لم تعرف الانهزام يومًا.

 

كما انتصر دم الحسين(ع) على سيف يزيد، سينتصر دم شهدائنا على آلة الحرب الصهيونية، ألم تدرُسوا التاريخ؟ ألم تفهموا بعد أن هناك أممًا كلما اشتد البلاء عليها، ازدادت يقينًا وثباتًا؟ ألا تتذكرون كربلاء، حين سقط الإمام الحسين(ع) مضرجًا بدمائه، فاعتقد يزيد أن الأمر انتهى، ثم جاءت جبل الصبر زينب(س) وقالت: “ما رأيتُ إلا جميلًا”؟

 

واليوم… نقولها كما قالتها زينب(س)، بل كما قالتها كل دمعة أمٍّ فخورة، وكل زفرة مقاتلٍ أقسم أن يثأر، وكل كلمة لأميننا العام الشيخ نعيم قاسم الذي سيبقى على العهد ليعلّم العالم كيف يولد النصر من الفاجعة: “ما رأينا إلا نصرًا، وما كان إلا جميلًا.”

 

يا أحرار العالم، يا من تعرفون معنى العدل، يوم التشييع هو يومكم، هو يومٌ تكتبون فيه شهادة العالم على الظلم، يومٌ تعلنون فيه أن الدم المسفوك لن يذهب سدىً، بل سيعود برقًا يرعد في سماء الأحرار، ونارًا تحرق جبين الطغاة.

 

ويا عدونا… إحفظ هذا التاريخ جيدًا، لأنك ستندم، وستكتشف أنك لم تقتل رجالًا، بل صنعت أسطورة، وأنك لم تغلق صفحة، بل فتحت كتابًا جديدًا يخطه الأحرار بدمائهم، وسيكون عنوانه: “هنا انتصر الدم على السيف… من جديد.”

 

أما أنتم يا شمسنا وقمرنا..ونجومنا


نمتم كما ينام الشرفاء، تركتم الدنيا ولكنكم أحياء في وجداننا، رحلتم بأجسادكم ولكن بقيتم بقلوبنا، وسيظل التاريخ يروي عنكم أنكم رجال كانوا كالشمس لا تغيب، وكالقمر ينير الدروب في أشد الليالي حلكة، ونجوم ترشدنا إلى مسار المقاومة.

 

سلامٌ على الشمس والقمر...


سلامٌ عليكم يوم عشتم قادة، يوم استشهدتم أبطالًا، ويوم تبعثون نورًا لا ينطفئ، في دربٍ لا يحيد، وفي رايةٍ لا تُنكّس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة