وخلال كلمة لسماحته، وجَّه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تحيّة للحشود المشاركة في تشييع الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، مخاطبًا إياهم بالقول: “أخاطبكم باسم أخي وحبيبي السيد حسن نصر الله، السلام عليكم يا أوفى وأكرم وأشرف الناس، ويا مَن رفعتم رؤوسنا عاليًا”.
في السياق، أقيمت في اليمن تشييعاً رمزياً للشهيدين، القائد التاريخي السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين في العاصمة صنعاء. في حين أغلقت 12 محافظة عراقية فعالياتها الرسمية والإدارية بمناسبة تشييع جثمان الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله.
*حضور حشود مليونية في يوم الوفاء
وسط أجواءٍ مشبعة بالحزن والعزة والافتخار، شهدت العاصمة بيروت مراسم تشييع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والأمين العام لحزب الله السيد هاشم صفي الدين في المدينة الرياضية، في مشهدٍ مهيبٍ يجسد أسمى معاني العزيمة والإصرار على السير في درب الشهداء.
وهتف المشاركون في التشييع بشعارات الوفاء والعهد، وودّعت سماحة السيد بهتاف “بأمان الله يا شهيد الله”مؤكدين تمسكهم بخطى الشهيدين العزيزين، ومعبّرين عن عظيم الفقد لفراق القادة. ورغم حجم الألم، جددوا العهد بأن شهادة السيدين لن تكون إلا وقودًا يعزز المقاومة، ويقوي عزيمتها، مؤكّدين أن المسيرة ستظل تتقدم نحو المزيد من الانتصارات على طريق القدس.
وتوافد مئات الآلاف من مختلف المناطق اللبنانية ومن دول العالم ليشاركوا في هذا الموكب المهيب، حيث سار جثمانا الشهيدين، محمولًا على أكتاف الوفاء، بينما كانت كلمات السيد حسن نصر الله الحية التي ألقاها في خطبه السابقة تتردد في الأرجاء، داعية إلى التمسك بالمقاومة والمضي قدمًا في درب الجهاد، حتى النصر أو الشهادة.
*هتافات المشاركون في المراسم
وفي الأجواء التي امتلأت بالهتافات المؤثرة مثل “لبيك يا نصر الله” و”أنا على العهد يا نصر الله”، توهجت السماء بنور العزة والكرامة. كما هتف المشاركون بالهتافات العاشورائية “هيهات منّا الذلة”، في تأكيدٍ أن المسيرة التي خطها السيد نصر الله والسيد صفي الدين، وقادة الشهداء بدمائهم الطاهرة، ستظل ماضية بكل ثبات نحو النصر والفتح المبين.
ومع دخول النعشين إلى ساحة التشييع، اشتعلت مشاعر المشاركين، الذين فاضت دموعهم على فقدان السيدين العزيزين، بينما أكدوا أنهم سيحفظون هذه الدماء الطاهرة، ويواصلون السير على نهج الشهداء الذين ارتقوا منذ معركة بدر حتى طوفان الأقصى، في سبيل رفع راية الحق والفداء.
ومنذ ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد، كانت شوارع بيروت قد بدأت تشهد زحفًا هائلًا من الوفود التي توافدت من جميع أنحاء لبنان، محملةً بأحاسيس الوفاء والعرفان، لتسجل يومًا آخر من أيام التضحية والإباء.
المدينة الرياضية ومحيطها امتلأت بمئات الآلاف من محبي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذين جاءوا للمشاركة في تشييع رمزين من رموز المقاومة، الشهيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، اللذين استشهدا بغارات صهيونية غادرة خلال العدوان على لبنان.
في قلب هذه اللحظات الحزينة، التي طغى عليها الألم والمشاعر الجياشة، حمل المشاركون رايات حزب الله والأعلام اللبنانية، مرفوعة بفخر، مع صور الشهيدين اللذين طبعوا تاريخ المقاومة.
* التشييع الأكبر والأضخم في تاريخ لبنان
وغصّت الطرق المؤدية إلى المدينة الرياضية بالحشود الشعبية التي تدفقت من كل زاوية في لبنان، شيوخًا وشبابًا، نساءً وأطفالًا، ملبين نداء الوفاء والعهد الذي قطعوه للشهداء وللقضية. ورغم التحديات التي واجهتهم، من تهديدات الأعداء إلى الظروف الجوية القاسية، كانت إرادتهم أقوى من كل عائق. فالطريق إلى المدينة الرياضية كان بمثابة اختبار حقيقي لمستوى الولاء والوفاء، وعبرت الحشود عن العزم الراسخ في الاستمرار في طريق المقاومة، مهما كانت التضحيات.
هذا التشييع، الذي يعد الأكبر والأضخم في تاريخ لبنان، سيظل محفورًا في ذاكرة الأجيال القادمة كعلامة فارقة في مسيرة العز والوفاء. كل خطوة على الطريق، وكل لحظة من المراسم، تجسد عهدًا جديدًا لا ينتهي بالاستشهاد، بل يبقى دائمًا حيًّا في القلوب والعقول.
كما شهدت المراسم حضورًا متميزًا من الوفود الأجنبية، إضافة إلى شخصيات سياسية وشعبية من لبنان والعالم العربي. وقد تعالت المواقف التي أكدت أن القضية التي ناضل من أجلها الشهيدان هي قضية كل الأحرار في العالم، وأن نضالهم من أجل العدالة والكرامة سيظل مستمرًا.
ووسط هذا الحدث، شهد محيط المدينة الرياضية استنفارًا أمنيًا واسعًا، حيث انتشرت وحدات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لضمان سلامة المشاركين، فيما اتخذ حزب الله إجراءات أمنية مشددة في المناطق المحيطة بموقع التشييع.
ونُشرت فرق صحية ومستشفيات نقّالة وفرق إنقاذ وإطفاء على الطرق المؤدية إلى التشييع، مع تخصيص مسارات خاصة للسيارات ومواقف للقادمين من خارج العاصمة، فيما طلب من الوافدين من الضاحية الجنوبية السير على الأقدام بسبب إغلاق بعض الطرق أمام المركبات.
وحضرت شخصيات ووفود رسمية من لبنان والخارج، إذ أكدت اللجنة العليا لمراسم التشييع مشاركة “نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، بين مشاركات شعبية ورسمية”. وأفاد المنظمون عن حضور شخصيات رفيعة المستوى من إيران والعراق ودول أخرى.
وتمّ تعليق الرحلات الجوية في مطار بيروت الدولي من الساعةالـ12 ظهر الأحد 23 شباط/فبراير 2025 حتى الساعة الـ4 من بعد ظهر اليوم نفسه.
*كلمة الأمين العام لحزب الله
في غضون ذلك، وجَّه الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم تحيّة للحشود المشاركة في تشييع الشهيدين سيّد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، قائلاً: “نودّع اليوم قائدًا تاريخيًا استثنائيًا وطنيًا وعربيًا إسلاميًا يمثل قبلة الأحرار في العالم”، لافتًا إلى أنَّ “السيد حبيب المقاومين وجهته فلسطين والقدس وهو الذي ساهم في إحياء هذه القضية”.
وتحدّث الشيخ قاسم عن سيرة السيد نصر الله، فأشار إلى أنّ “السيد العزيز قاد المقاومة الى الأمة وقاد الأمة إلى المقاومة”، مؤكدًا أنَّه ذاب في الإسلام والولاية، واستشهد في الموقع المتقدّم، مشددًا على أنَّ “السيد باقٍ في خط سيره وجهاده وأنت حيّ فينا، وسنحفظ الأمانة وسنسير على هذا الخطّ”. وأضاف سماحته، مخاطباً السيد نصر الله: “أنت القائل هذا الطريق سنُكمله جميعًا حتى لو قُتلنا جميعًا وإنّا على العهد يا نصر الله”.
كما أعرب سماحته عن افتقاده للشيخ صفي الدين، وتوجّه بالتعزية والتبريك لعوائل السيدين الجليلين ومن استشهد برفقتهما وشهداء المقاومة وللمنتمين والمُحبّين.
*لن نترك أسرانا عند العدو
كما وجّه سماحته التحية للأسرى، وقال لهم: “لن نترككم عند العدو وسنقود كلّ الضغوطات اللازمة للإفراج عنكم”. ولفت إلى أنّ الحشد اليوم هو تعبير عن الوفاء الذي قلّ نظيره في تاريخ لبنان.
وحول إسناد غزة، قال سماحته: “معركة إسناد غزة هي جزء من إيماننا بتحرير فلسطين، وواجهنا الكيان الصهيوني والطاغوت الأكبر أميركا التي حشدت كل إمكاناتها لمواجهة محور المقاومة الذي التفّ حول غزة وفلسطين”.
وأشار إلى أنّ حجم الإجرام غير مسبوق لإنهاء المقاومة في غزة ولبنان؛ ولكن في المقابل حجم الصمود والاستمرارية كان غير مسبوق، مؤكدًا أنّ العدو الصهيوني لم يستطع التقدّم بسبب المقاومة وصمودها وعطاءاتها.
واعتبر الشيخ قاسم أنّ الموافقة على وقف إطلاق النار في لحظة مناسبة كانت نقطة قوة، وتابع: “أصبحنا الآن في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وكيفية التعامل معها”، لافتًا إلى أنَّ “أبرز خطوة اتخذناها أن تتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولياتها”.
*العدو لا يستطيع استمرار احتلاله وعدوانه
وشدَّد الأمين العام لحزب الله على أنّ الكيان الصهيوني لا يستطيع أن يستمرّ في احتلاله وعدوانه، مؤكدًا أنّ المقاومة موجودة وقوية عددًا وعدّة. وأضاف: “المقاومة إيمان أرسخ من الجحافل وعشق يتغلغل في المحافل ونصر يخلد كل مقاتل والمقاومة باقية ومستمرة، المقاومة لم تنتهِ بل مستمرة في جهوزيتها وهي إيمان وحقّ ولا يمكن لأحد أن يسلبنا هذا الحقّ، المقاومة تُكتب بالدماء ولا تحتاج الى الحبر على الورق”.
وأردف سماحته: “سنُمارس عملنا في المقاومة نصبر أو نُطلق متى نرى مناسبًا، ولن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب، ولن نقبل باستمرار قتلنا”، مشيرًا إلى أنَّ المسؤولين في لبنان يعرفون توازن القوى.
وسأل الشيخ قاسم مدّعي السيادة: “كيف تكون السيادة مع هذا الاحتلال المستمرّ؟”، وقال للأميركيين: “اعرفوا أنه إذا كنتم تحاولون الضغط على لبنان فلم تتمكنوا من تحقيق أهدافكم وأنصحكم بأن تكفّوا عن هذه المؤامرات”.
وأكَّد أنَّ “حزب الله وحركة أمل كانا في متن تركيبة البلد، ولا يمكن لأحد أن يطلب منا أن ننكشف وأن نقدم ما لدينا من قوة”.
* لو اجتمع طواغيت العالم لقتلنا فسوف نواجههم
كذلك، قال سماحته: “نحن أبناء الإمام الخامنئي والإمام الخميني والإمام موسى الصدر والسيد عباس الموسوي والسيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، لو اجتمع طواغيت العالم لقتلنا فسوف نواجههم حتى النصر أو الشهادة”.
وتوجّه للسيد نصر الله بالقول: “يا سيّدنا! القيادات موجودة والمقاومين موجودون والشعب موجود”، مؤكدًا أنَّ “المقاومة أساس وهي خيارنا السياسي مادام الاحتلال موجودًا”. ولفت إلى أنّ حزب الله سيتابع تحرّك الدولة لطرد الاحتلال دبلوماسيًا، وأضاف: “المقاومة أساس وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما زال الاحتلال موجودًا ونمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة والظروف ونناقش لاحقًا استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية”.
وأشار إلى أنّ حزب الله سيواجه مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب التهجيري، وأوضح أنّ الحزب سيشارك في بناء الدولة القوية ونهضتها، مع حرصه على مشاركة الجميع في بناء الدولة والوحدة الوطنية والسلم الأهلي. وأعاد الشيخ قاسم التأكيد على تحالف حزب الله مع حركة أمل، وتابع: “لا تفكّروا أن تلعبوا بيننا ونحن واحد في الخيارات وسنبقى معًا إن شاء الله”. وشدَّد الأمين العام لحزب الله على أنّ الحزب متمسك بإخراج المحتل واستعادة الأسرى وإعادة الإعمار وإقرار خطة الانقاذ والنهضة السياسية والادارية والاجتماعية بأسرع وقت.
*تعطيل رسمي في 12 محافظة عراقية
من جانب آخر، أعلنت مصادر إخبارية بأن الفعاليات الرسمية والإدارية في 12 محافظة عراقية تعطلت بمناسبة تشييع جثمان الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله.
وأعلنت وسائل إعلام عراقية أن محافظي محافظات بغداد وذي قار والديوانية وميسان والمثنى وبابل وديالى وواسط وصلاح الدين وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف والبصرة كانوا قد أعلنوا الأحد عطلة رسمية في المحافظات.
وشكلت مراسم إحياء ذكرى قادة المقاومة برنامجاً آخر للأمة العراقية، الأحد، لإحياء ذكرى شهداء المقاومة.
*اليمن.. تشييع رمزي للشهيدين السيدين نصرالله وصفي الدين
في السياق، انطلقت فعّالية التأبين والتشييع الرمزي للشهيدين القائد التاريخي السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين في جامع الشعب في العاصمة اليمنية صنعاء، وسط حضور رسمي وعلمائي وسياسي.
وفي كلمةٍ خلال التأبين الرمزي، شدّد عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، عبدالعزيز بن حبتور، على أن خسارة الشهيدين فادحة، مُجدِّداً العزاء لكلّ الأمة الإسلامية لفقدهما. ولفت بن حبتور إلى أنّ “محور المقاومة هو الوحيد الذي سيقف في وجه محور الشر ومحور الصهاينة”.
بدوره، أعرب رئيس الحكومة في صنعاء، أحمد الرهوي، عن كلّ الإعزاز والإجلال للسيد الشهيد نصر الله، مؤكداً أنّه وقف إلى جانب الشعب اليمني خلال العدوان عليه، ومشيراً إلى أنّ “السيد نصر الله الرجل الصادق والأمين أمضى كل حياته في سبيل نصرة المستضعفين”.