وخلال المرحلة الأولى، أفرجت المقاومة في غزة عن 33 من الرهائن الصهاينة في قطاع غزة، بينهم 8 قتلوا خلال القصف الصهيوني على القطاع. في المقابل، أطلق الكيان الصهيوني سراح حوالى 1700 فلسطيني من سجونها. وبحسب الإتفاق، كان من المقرر أن يبدأ التفاوض بشأن المرحلة الثانية خلال المرحلة الأولى؛ لكن ذلك عرقلته خروقات حكومة الاحتلال للإتفاق المبرم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة. في حين شددت “حماس” على أن الاحتلال يتحمل مسؤولية عدم بدء مفاوضات المرحلة الثانية من “الإتفاق”، مشيرة إلى أن تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي يطرحها الاحتلال مرفوض بالنسبة لها.
*مراحل الإتفاق الثلاث
في التفاصيل، انتهت السبت المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة في قطاع غزة. وكانت الهدنة بدأت بعد 15 شهراً من حرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة، في 19 كانون الثاني/ يناير، وتمتد مرحلتها الأولى 42 يوماً، وهي واحدة من ثلاث مراحل يتضمنها الاتفاق.
وبحسب الاتفاق، كان من المقرر أن يبدأ التفاوض بشأن المرحلة الثانية خلال المرحلة الأولى؛ لكن الحكومة الصهيونية عرقلت الاتفاق المبرم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة.
ويُفترض إعادة الرهائن المتبقين خلال المرحلة الثانية التي تنص على انسحاب كامل لجيش الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة ووقف الحرب. وأكدت حركة المقاومة الاسلامية “حماس” استعدادها لإعادة كل الرهائن “دفعة واحدة” خلال هذه المرحلة. أما المرحلة الثالثة فتخصص لإعادة إعمار غزة، وهو مشروع ضخم تقدر الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 53 مليار دولار.
وكان الوفد الصهيوني المفاوض طرح على الوسطاء تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مقابل استعادة المزيد من الأسرى الصهاينة، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وأفادت وسائل إعلام صهيونية بأن رئيس حكومة الاحتلال عقد اجتماعاً أمنياً للبحث في هدنة غزة، بعدما أرسل وفداً إلى القاهرة.
*حماس تؤكد إلتزامها بالإتفاق
بدورها، أكدت حماس “التزامها الكامل بتنفيذ كافة بنود الاتفاق بجميع مراحله وتفاصيله”، مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة الصهيونية “للالتزام بشكل كامل” بالاتفاق و”الدخول الفوري في المرحلة الثانية دون أي تلكؤ أو مراوغة”.
في السياق، استبعد المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، ماكس رودينبك، أن تبدأ المرحلة الثانية بمجرد انتهاء الأولى. وأضاف: “أعتقد أن وقف إطلاق النار ربما لن ينهار أيضاً”. بالمقابل، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أهمية صمود وقف إطلاق النار في القطاع المدمر الذي عانى أزمة إنسانية كارثية بسبب الحرب، وقال: “يجب أن يصمد اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن (الأسرى)… لا يجب على الطرفين ادخار أي جهد لتجنب انهيار هذا الاتفاق”.
وكانت حماس أكدت عقب آخر عملية تبادل أن الحكومة الصهيونية “لم يعد أمامها” سوى مباشرة مفاوضات المرحلة الثانية التي عرقلتها اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق.
وفيما أتاحت الهدنة زيادة كميات المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، تتهم حماس الكيان الصهيوني بعرقلة دخولها في انتهاك للاتفاق. وقالت مصادر في الهلال الأحمر المصري، السبت، إن القوات الصهيونية لم تسمح بدخول أي مساعدات إلى القطاع الجمعة، وإن شاحنات تحمل مواد غذائية وكرافانات ومعدات ثقيلة عالقة عند الحدود.
وتزامن انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة مع بداية شهر رمضان في غزة والأراضي الفلسطينية. وأدى العشرات صلاة التراويح ليل الجمعة ـ السبت، أسفل خيمة من البلاستيك نصبت على أعمدة من الخشب في حرم المسجد العمري في مدينة غزة بشمال القطاع.
*نصوص المرحلة الأولى
ونصت المرحلة الأولى من الاتفاق، الذي أعلن دخوله حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني 2025، على وقف العمليات العسكرية المتبادلة من قبل الطرفين مؤقتاً، وانسحاب قوات الاحتلال شرقاً وبعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان إلى منطقة بمحاذاة الحدود في جميع مناطق قطاع غزة، بما في ذلك “وادي غزة”، والانسحاب إلى مسافة 700 متر قبل الحدود اعتماداً على خرائط ما قبل 7 أكتوبر 2023.
وشمل الاتفاق الإشارة إلى تعليق النشاط الجوي الصهيوني للأغراض العسكرية والاستطلاع مؤقتاً في قطاع غزة بمعدل 10 ساعات يومياً، و12 ساعة في أيام إطلاق سراح الأسرى الصهاينة؛ بالإضافة إلى خفض عدد القوات تدريجياً في منطقة محور صلاح الدين (فيلادلفيا) على الحدود بين غزة ومصر.
وبموجب بنود الاتفاق، يفرج الاحتلال عن نحو ألفي أسير، بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد، ونحو ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. كما شمل الاتفاق الإشارة إلى عودة النازحين بعد إطلاق سراح ما مجموعه 7 أسرى إسرائيليين.
*مماطلة العدو في تنفيذ ما اتُفق عليه
واقترب الاتفاق في عدة مرات من الانهيار نتيجة للسلوك الصهيوني والمماطلة والتسويف في تنفيذ ما اتُفق عليه، ولا سيما حينما أعلن الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة تأجيل تسليم إحدى الدفعات من الأسرى، احتجاجاً على السلوك الصهيوني. غير أن ما ميز هذه المرحلة هو الدعم الأمريكي المطلق للاحتلال ولحكومة بنيامين نتنياهو، بعد تهديدات عدة أطلقها الرئيس دونالد ترامب موجهة ضد حركة حماس والتلويح بعودة الحرب من جديد.
وبدا ملاحظاً حرص حركة حماس على استمرار حالة الهدوء أطول فترة ممكنة وتجنب انهيار الاتفاق، الذي سعى له نتنياهو مرات عدة تزامناً مع أزمة تشهدها حكومته بعد استقالة وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير وتلويح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الحكومة حال الانسحاب من محور صلاح الدين وعدم عودة الحرب.
*تهرُّب صهيوني
ووفقاً لبنود الاتفاق، يقضي النص ببدء الانسحاب في اليوم السابع من الاتفاق من شارع الرشيد شرقاً حتى شارع صلاح الدين، وتفكيك كل المواقع في هذه المنطقة. كذلك تبدأ عمليات عودة النازحين إلى مناطق سكنهم، وضمان حرية تنقل السكان في جميع القطاع، إضافة إلى دخول المساعدات الإنسانية عبر شارع الرشيد من أول يوم ودون معوقات، غير أن ذلك لم يتحقق إلا في اليوم التاسع والعاشر من الاتفاق.
ورغم حالة التهرب الصهيوني من تنفيذ الاتفاق، إلا أن الاحتلال نفذ في اليوم الـ22 للاتفاق البند المرتبط بالانسحاب من وسط القطاع من محور نتساريم ودوار الكويت إلى منطقة قريبة من الحدود مع تفكيك المنشآت العسكرية بالكامل، غير أن نقطة التفتيش المتعلقة بعودة النازحين عبر شارع صلاح الدين بقيت، رغم أن الاتفاق نص على إنهاء وجودها في هذا اليوم.
أما البند الذي شكل أزمة حقيقية، فكان المتعلق بمعبر رفح، حيث لم يلتزم الاحتلال الصهيوني بإدخال 600 شاحنة يومياً محملة بالمساعدات والإغاثة، منها 50 محملة بالوقود و300 تتجه نحو مناطق الشمال.
ونص الاتفاق على ارتباط عملية التبادل بمدى التزام بنود الاتفاق، التي تشمل وقف العمليات العسكرية من الجانبين، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، ودخول المساعدات الإنسانية، إلا أن هذا البند لم يتحقق بشكل كامل، حيث تهرب الاحتلال من تنفيذ عملية التبادل وعطل الإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين بذريعة المراسم التي جرت خلال عملية تسليم جثامين الأسرى والخلل الذي حدث خلال تسليم جثة شيري بيباس.
وتهرب نتنياهو من البند المرتبط ببدء المفاوضات غير المباشرة بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، في موعد أقصاه اليوم الـ16 من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، حيث لم تنطلق المفاوضات بعد بصورة حقيقية وفقاً لحركة حماس.
*اشتراطات صهيونية
وقبل أيام، أعلن وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس بوضوح عدم نية الاحتلال الانسحاب والبقاء فيه بصفته منطقة عازلة. كما أعلن وزير الطاقة الصهيوني إيلي كوهين عن 4 شروط لبدء ثاني مراحل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأوضح كوهين، الذي يشغل منصب عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، لهيئة البث الصهيونية، أن هذه الشروط هي: الإفراج عن جميع الأسرى الصهاينة، وإبعاد قادة حماس من قطاع غزة، ونزع سلاح المقاومة، وسيطرة الاحتلال على القطاع أمنياً.
وكان نتنياهو عقد ليلة الجمعة ـ السبت مشاورات هاتفية مع وزراء حكومته حول موضوع المفاوضات. وبحسب مصدر أمني تحدث لإذاعة جيش الاحتلال، فإن نتنياهو بحث في الاجتماع الخيارات العسكرية في حال انتهاء وقف إطلاق النار دون اتفاق، وهو القرار الذي يأتي بعد محادثات القاهرة، التي قال مسؤولون صهاينة إنها “لم تكن جيدة، ولم تحقق تقدماً”، وقد طلب الوسطاء مهلة في الأيام المقبلة لحل الأزمة.
* لا توجد أي مفاوضات بشأن المرحلة الثانية
من جهته، قال المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” “إنّه لا توجد الآن أي مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية من “اتفاق” وقف إطلاق النار”.
وفي تصريح له السبت 1-3-2025، شدد حازم قاسم على أن الاحتلال يتحمّل مسؤولية عدم بدء مفاوضات المرحلة الثانية من “الاتفاق”، مشيرًا إلى أنّ تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي يطرحها الاحتلال مرفوض بالنسبة لحركة حماس، حيث لم يلتزم الاحتلال بتنفيذ البروتوكولات الإنسانية التي نص عليها الاتفاق.
كما أكّد قاسم أنّ الاحتلال يتهرب من الالتزام بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل من غزة، لافتًا إلى أنّ الاحتلال يريد استعادة أسراه مع إمكانية استئناف العدوان على القطاع. كذلك، أشار إلى أنّ الاحتلال يحاول إعادة الأمور إلى نقطة الصفر من خلال خلط الأوراق.
هذا، وكان من المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من “صفقة” تبادل الأسرى بين حركة حماس والعدو الصهيوني السبت، لكن الاحتلال يسعى إلى تمديدها لاستعادة أكثر من 60 أسيرًا ما زالوا في قطاع غزة.
*عدوان الصهيوني متواصل على جنين وطولكرم
وفي الضفة المحتلة، يحلّ شهر رمضان المبارك هذا العام في ظلّ أوضاع معيشية وإنسانية بالغة الصعوبة، إذ يواجه الفلسطينيون تحديات قاسية، تبدأ بفقدان الأحبة، وتمرّ عبر الحواجز العسكرية الخانقة، ولا تنتهي عند ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ويستقبل الفلسطينيون الشهر الفضيل وسط استمرار العدوان الصهيونيي على مدينة جنين ومخيمها، ومدينة طولكرم ومخيميها، ونور شمس. ومع تصاعد الحملة العسكرية الصهيونية، التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية، يجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة محنة جديدة، إلا أنهم يبذلون جهدًا استثنائيًا لاستقبال رمضان بروح الصمود والتحدي.
في جنين، التي ترزح منذ قرابة خمسين يومًا تحت وطأة عدوان أسفر عن استشهاد 30 فلسطينيًا، وهدم مئات المنازل والمنشآت، وتهجير أكثر من 60% من سكانها، لا تزال المعاناة قائمة. تعيش كثير من العائلات دون مأوى وسط ظروف إنسانية خانقة، في حين تواصل قوات الاحتلال فرض حصار مشدّد يجعل التنقل بين أحياء المدينة شبه مستحيل.
*طولكرم.. معاناة متجددة
أما طولكرم، فلم تكن أفضل حالًا، إذ تواجه هي الأخرى اعتداءات صهيونية متواصلة. فقد تصاعدت عمليات الهدم والتجريف للبنية التحتية، مما عمّق معاناة سكان المدينة ومخيميها.
وتزداد الأوضاع سوءًا، إذ أقدمت قوات الاحتلال، على طرد المواطنين من منازلهم في مخيم نور شمس، شرق المدينة، وسط حصار مشدّد مفروض عليه منذ 21 يومًا متواصلة. كما أضرمت النيران في بعض المنازل داخل حارة المنشية، مخلفة دمارًا واسعًا في الطرق والممتلكات العامة والخاصة.