الشهيد نجم ساطع في سماء الحياة، وحياته نبراس لامع يهدي الآخرين، فما أجمل حياتهم وسلوكهم، عندما نقرأهما في إطار كتاب!، والكلمات التي تأتي برصانة وجمل جميلة مليئة بالشعور الجيّاش والحماس، ولكنها لا تستطيع توصیف الشهيد.
إحدى الكتب التي تحكي حياة الشهداء، كتاب “الفرصة الأخيرة” عن حياة الشهيد “علي كسائي”، والذي تم إزاحة الستار عن تقريظ قائد الثورة الإسلامية له في الملتقى الـ 19 لتكريم ادب الجهاد والمقاومة، وكذلك تكريم تضحيات أُسر جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أقيم المتلقى مساء الخميس في المرقد الطاهر للسيد احمد بن موسى الكاظم (ع) في مدينة شيراز جنوب ايران.
ترتبط طبيعة ومصير الشهيد “علي كسائي” بالغدير؛ حيث أنه ولد وتزوج ونال وسام الإستشهاد في هذا العيد المبارك؛ كتبت الكاتبة الشيرازية الشابة “سميرا أكبري” كتاباً ممتعاً عن حياة شهيد البلاد الغديري، وقد زُين هذا الكتاب بتقريظ قائد الثورة الإسلامية.
تقريظ قائد الثورة
جاء في تقريظ قائد الثورة لكتاب “الفرصة الأخيرة”: هذا الشهيد العزيز هو من أعظم الشهداء. كان له حياة تقية، وسلوك تضحوي، وخاتمة باعثة على الغبطة؛ الإستشهاد البطولي والواعي هنيئاً لهذا العبد المخلص، وسلام الله على الإمام الخميني(رض) الذي استطاعت ثورته إستخراج وتربية مثل هذه الجواهر الثمينة. أسلوب الكتابة الجيد والأقوال الصريحة والبسيطة للراوية ، هي من مميزات الكتاب.
حب وإتقان الشهيد “كسائي” لنهج البلاغة
كان الشهيد علي كسائي المعروف بالشهيد الغديري خريج الأدب العربي من جامعة الفردوسي والحوزة العلمية في مشهد، وقد مكنته هذه الدراسة من إتقان نهج البلاغة.
كان معلماً ومفسراً وحافظاً لموضوعات نهج البلاغة، وكانت حياته غارقة في التعاليم العلوية والقرآنية. ومن السمات الأخلاقية للشهيد كسائي اهتمامه الدائم بالتعليم والتأثير والإنسانية، حيث كرّس كل وقته وجهده وألمه من أجل إنسانية الناس من خلال التعاليم القرآنية.
من السمات السلوكية للشهيد علي كسائي هو اغتنام كل لحظة من لحظات الحياة والفرصة. لقد كان مجتهداً ومثابراً، ولم يهدر لحظة واحدة من حياته بأي شكل من الأشكال.
كان يحمل دائماً دفتراً صغيراً وقلماً في جيبه حتى لا يضيع أي دقيقة. كان يستخدم الدقائق التي يقضيها في الانتظار، ومن صفات سلوكه أيضاً صدقه بكل معنى الكلمة في جميع تصرفاته، وتواضعه في جميع المواقف.
ولد الشهيد “علي كسائي” في ذكرى يوم الغدير وكذلك يوم زفافه ويوم استشهاده. وكان قد طلب من مسؤوليه الذهاب إلى جبهة القتال واعتبر ذلك فرصته الأخيرة، التي إستوحت الكاتبة عنوان الكتاب منها، حيث إستشهد عن عمر يناهز 32 عاماً قبل عدة أشهر من وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب المفروضة من قبل النظام الصدامي البائد ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية (1980-1988).
كتاب “الفرصة الأخيرة”
يروي كتاب “الفرصة الأخيرة” عن حياة الشهيد “علي كسائي” مسؤول الدائرة العقائدية السياسية لمركز مشاة الجيش في شيراز، ويقع في 312 صفحة، برواية عقيلته “رفعت قافلان كوئي” وكتابة المؤلفة “سميرا أكبري”.
كتاب “الفرصة الأخيرة” هو نتاج محادثة استمرت 30 ساعة بين “سميرا أكبري” و “رفعت قافلان كوئي” زوجة الشهيد علي كسائي، وقد صدر عن دار نشر “بِه نشر”، وبحسب زوجة الشهيد فقد أعيد طبعه أكثر من 40 مرة في أقل من ثلاث سنوات.
يروي هذا الكتاب قصة الحياة الرومانسية والعائلية والثورية للشهيد علي كسائي، المدرّب العقائدي والسياسي لمركز جيش المشاة في شيراز. شهيد ولد في ذكرى يوم الغدير عام 1955، وصادف زواجه أيضاً يوم الغدير، وبعد سبع سنوات، في نفس العيد المبارك، استشهد في عملية في “سومار”.
تسمية الكتاب
قالت “سميرا أكبري” مؤلفة الكتاب عن سبب تسمية الكتاب: تحققت رغبة شهيد البلاد الغديري في غدير عام 1987، عن عمر ناهز 32 عاماً، في منطقة سومار، حتى يتم الاحتفال باستشهاده، مثل ولادته وحياته، أيضاً بمناسبة عيد الولاية.
وأضافت: بعد أشهر قليلة إنتهت الحرب المفروضة، بحيث أمكن فهم تصريح الشهيد كسائي لقائده عندما طلب الإذن بالمشاركة في العملية بأن “هذه فرصتي الأخيرة”.
وتابعت أكبري: هذا الكتاب يقدّم للقرّاء على شكل قصة، ولكن سرديات الكتاب ومحتواه مبنية على الواقع وبعيدة عن خيال المؤلف. ومع ذلك، فقد تم استخدام الإبداع الأدبي لنقل المفاهيم. إن تقريظ قائد الثورة لهذا الكتاب جلبت لي الشرف والكرامة، والمسؤولية.
تحقيق حلم مشترك
تمت كتابة ونشر حياة الشهيد علي كسائي في كتاب “الفرصة الأخيرة”. والآن أصبحت الرغبة المشتركة لـ “قافلان كوهي” زوجة الشهيد و “سميرا أكبري”، مؤلفة سيرة الشهيد، هي أن يوضع الكتاب بين يدي قائد الثورة، وأن يقرأه، وأن يصبح أكثر معرفة بالشهيد.
وكان كتاب “الفرصة الأخيرة” مع رسالة قصيرة هدية من زوجة الشهيد الغديري إلى قائد الثورة، وتقول “سميرا أكبري”: “كنا سعداء للغاية لإرسال هذه الهدية. لأنه منذ البداية، عندما تم تقديم هذا الشهيد العظيم لي من خلال مؤسسة نشر ثقافة الإستشهاد، كنت أعلم أننا نتعامل مع شهيد بارز وغير معروف ويجب تقديمه”.
وبعد أشهر قليلة وصلتهم رسالة، أن الرسالة وصلت إلى هدفها، وكتب قائد الثورة تقريظا على كتاب “الفرصة الأخيرة” بعد أن قرأه.
تقريظات قائد الثورة نبراس لمسؤولي نشر الثقافة الدفاعية للبلاد
من جهته أشار القائد العام لجيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية اللواء عبدالرحيم موسوي إلى تقريظات قائد الثورة الإسلامية لكتاب “الفرصة الأخيرة” التي هي سيرة حياة الشهيد علي كسائي، وقال: إن تقريظات سماحته للنتاجات الأدبية والروائية المنجزة في مجال الدفاع المقدس هي بمثابة منارة للرواة والكتاب والناشرين والمسؤولين عن نشر الثقافة الدفاعية في البلاد.
إن هذه الرواية تظهر بشكل جيد تضحيات وإخلاص الشهداء، ونمط الحياة الإيرانية الإسلامية، وحب الأسرة، وهو ما يحتاجه المجتمع الإيراني اليوم.
تحميل “جوهرة من كنوز الجيش” على موقع حفظ ونشر أعمال قائد الثورة
من جهته قال رئيس منظمة الأرشيف والمكتبات الوطنية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية “عليرضا مختار بور” خلال مراسم إزاحة الستار عن الكتاب: “تم إزاحة الستار عن تقريظ قائد الثورة الإسلامية لسيرة الشهيد علي كسائي، وإعداد مقال بعنوان “جوهرة من كنوز الجيش” الذي سيتم تحميله على موقع حفظ ونشر أعمال قائد الثورة الإسلامية.
وأضاف مختاربور: في بداية هذا المقال تم ذكر ظروف الثورة الإسلامية عام 1978م ودور الجيش المنضم في انتصار الثورة، وتم ذكر 12 مقولة مختارة للإمام الخميني(رض) وقائد الثورة حول الجيش.
وتابع: الجزء الآخر من هذا المقال يتحدث عن الشهيد كسائي، وبالتحديد عن ميزتين تمتع بهما هذا الشهيد: حياته الفاضلة وحياته المؤمنة الملتزمة بالمعايير الدينية والأخلاقية والإنسانية، سواء قبل الثورة أو بعدها، ووعيه بالموت والشهادة.
وأضاف مختاربور: إن “سميرا أكبري”، مؤلفة كتاب “الفرصة الأخيرة”، هي إحدى نتاجات الثورة الإسلامية؛ وُلِدت بعد أربع سنوات من استشهاد الشهيد علي كسائي، ولكن بعد 33 عاماً، فقد صورت حياة هذا الشهيد بشكل جميل.