ويعد «تراسیکا» ممراً متعدد الوسائط يضم خطوط سكك الحديد والطرق البرية والملاحة البحرية ويشمل الأعضاء الآخرون لهذا الممر دول بلغاريا وأوكرانيا ورومانيا ومولدافيا وتركيا على شاطئ البحر الأسود، وكذلك جورجيا وأرمينيا وجمهورية أذربيجان في منطقة القوقاز، وتركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان في منطقة آسيا الوسطى.
أهمية هذا الممر الدولية كبيرة جدًا بالنسبة لإيران والمنطقة والدول الآسيوية والأوروبية الأعضاء فيه، حيث أصبحت قارة آسيا في العقدين الأخيرين مركزًا رئيسيًا للتجارة والإنتاج العالمي، مما أدى إلى زيادة الطلب على الترانزيت في هذه المنطقة.
وكان افتتاح خط سكك حديد إيران – تركمانستان – كازاخستان في عام 2014 خطوة ضمن تحقيق أهداف «تراسیکا»، مما وفر فرصة ملائمة لترانزيت السلع، خصوصًا الحبوب من كازاخستان إلى إيران.
يمتد خط سكك الحديد في إيران على مسافة 926 كيلومترًا، حيث يشمل 80 كيلومترًا داخل إيران، و700 كيلومتر في تركمانستان، و146 كيلومترًا في كازاخستان.
تحسين دور إيران في «تراسیکا»
من أجل تحسين دور إيران في ممر «تراسیکا»، هناك حاجة إلى مشاريع تطوير سكك حديد أخرى، من بينها مشروع كهربة سكة حديد كرمسار – إينتشه برون. تم طرح هذا المشروع بشكل جاد قبل حوالي عقد من الزمن، وفي عام 2017 تم توقيع عقد لتنفيذه؛ لكن لم يتم تنفيذه بعد، ومازال هناك نقاش مستمر على أعلى المستويات الإدارية حول ما إذا كان من الضروري تنفيذه أم لا؟
وفي دراسة أجراها مركز الدراسات التابع لمجلس الشورى الاسلامي (البرلمان) خلال عام 2024 حول مشروع كهربة خط سكك حديد كرمسار – إينتشه برون، تم الإشارة إلى أن العقد الخاص بكهربة هذا الخط بطول 495 كيلومترًا، والذي يهدف إلى زيادة قدرة النقل في هذا المسار وزيادة طاقة النقل من 8/2 مليون طن إلى 10 ملايين طن سنويًا، تم توقيعه بين إيران وروسيا بمبلغ 176/1 مليار يورو، مع تمويل روسي بنسبة 85% والبقية من مصادر إيرانية في عام 2017.
وأكدت الدراسة أن هذا العقد لم يدخل حيز التنفيذ لأسباب مختلفة، بما في ذلك طلب روسيا بتعديل بعض بنود العقد، وقبول إيران لهذه التعديلات؛ بالإضافة إلى عدم رغبة إيران بسبب بعض المخاطر الفنية والاقتصادية المتعلقة بالمشروع، ليظل هذا الموضوع من أبرز القضايا التي تم التفاوض بشأنها بين إيران وروسيا في السنوات الأخيرة.
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن اتخاذ القرارات بشأن هذا الموضوع تم دون النظر الشامل لكافة المؤشرات الأساسية، في حين أن هناك حاجة إلى رؤية استراتيجية فيما يتعلق بشرق بحر قزوين، والفرص الفريدة التي يوفرها هذا الممر مقارنة بالممرات الأخرى، بما في ذلك أهمية الحدود في إينتشه برون كواحدة من المناطق المهيأة في إيران لتصبح ميناء جافاً مهماً، وأهمية هذه الحدود في ربط إيران بتركمانستان، ومن ثم آسيا الوسطى وروسيا، وكذلك دورها في ممر الشمال-الجنوب من خلال إنشاء طريق بحري-سككي بين إيران وروسيا (دون تدخل طرف ثالث)؛ بالإضافة إلى إمكانية التعاون الرباعي بين إيران وروسيا وكازاخستان وتركمانستان.
الدبلوماسية النشطة للترانزيت
الدبلوماسية النشطة لدور إيران في الترانزيت الإقليمي كانت أيضًا موضوعًا تحدث عنه رئيس مركز الشؤون الدولية في وزارة الطرق وبناء المدن.
وأشار أمين ترفع إلى أن استضافة إيران لاجتماع «تراسیکا» ورئاستها الدورية لهذا الملتقى الدولي لمدة عام كانت من الخطوات الدبلوماسية التي تعكس المبادرة التي قامت بها وزارة الطرق في مجال تعزيز الترانزيت.
وأكد أنه في السنة القادمة، بفضل المشاركة متعددة الأطراف من دول المنطقة وإيجاد أرضية رابحة لجميع الأطراف، ستحدث تحولات جديدة في مجال الترانزيت.
كما أشار ترفع إلى أن إيران، لكي تلعب دورًا جادًا في صراع الممرات، يجب عليها تطوير بنيتها التحتية. وفي نفس الوقت، يجب على المستوى الحكومي العمل على إزالة العقبات غير المادية، مثل رقمنة عمليات النقل، التي ستسهم في تسهيل حركة الترانزيت الرخيصة والسلسة للبضائع من المصدر إلى الوجهة، وأن جميع الأطراف المعنية في «تراسیکا» ستشارك في تحقيق ذلك.