عبیر شمص
لا يمكننا أن نعتبر تبادل الأسرى بين حركات المقاومة والكيان المؤقت في مراته المتتالية مجرد صفقة عابرة، بل هو حدث مشحون بالدلالات السياسية محكم الإخراج بصرياً ولغويّاً، مصمّماً ليحمل رسائل متعددة المستويات إلى كل من يراقب، سواء كان فلسطينياً، إسرائيلياً، أو حتى طرفاً دوليّاً يتابع تفاصيل المشهد. ولم تكن المنصة مجرد مسرح لتسليم الأسرى، بل كانت منصة رسائل مكتوبة ومرئية، كل تفصيل فيها محسوب بدقة. وعلى العكس مما تسعى ”إسرائيل” لتسويقه عن كونها تفرض شروطها بالقوة، كانت كل عملية تبادل تؤكد أن الإحتلال رغم كل ما يملك من ترسانة عسكرية، وجد نفسه مضطراً للعودة إلى المقاومة والقبول بشروطها لاستعادة أسراه، وحول المشهدية الإعلامية والسياسية لتبادل الأسرى وتأثيرها على العدو الصهيوني الذي لم يعد يقوى على صورة تسليم أسرى في غزة، ويؤخّر صفقة التبادل مستجدياً منع هذه الصورة، في هذا المضمار حاورت صحيفة الوفاق الإعلامي والكاتب الفلسطيني الأستاذ عثمان أحمد بدر، وفيما يلي نص الحوار:
إعلام متصهين
كما يشير الأستاذ بدر إلى أن عمليات تبادل الأسرى قد أسهمت بشكلٍ كبير ولافت في الإلتفاف الشعبي والجماهيري حول المقاومة وخاصةً حول حركة حماس وأظهرتها كرقم صعب في المعادلة لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه، وبالتالي عزز مكانتها وموقعها بين كافة فئات الشعب الفلسطيني إذ أن حماس عمدت إلى إطلاق سراح أسرى التنظيمات الفلسطينية الأخرى، وهذا ما أثار استياء وامتعاض البعض الذي ضغط باتجاه عدم إطلاق سراح بعض الأسرى كمروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبدالله البرغوثي وزكريا الزبيدي وغيرهم، كما حاول نتنياهو الضغط باتجاه منع تصوير عمليات التبادل لما لها من تأثير سلبي كبير على الصهاينة بالدرجة الأولى وعلى العالم بأسره”.
ختاماً ما حدث ليس مجرد تبادل أسرى، بل كان إعادة ترسيم لمعادلة القوة في الصراع. المقاومة لم تكن مجرد طرف يفاوض، بل كانت الطرف الذي وضع الشروط، وحدد السياق، وصاغ المشهد وفق رؤيته. وبينما تحاول “إسرائيل” دائمًا تقديم نفسها على أنها الطرف الأقوى الذي يفرض شروطه، جاءت هذه التبادلات لتؤكد أن القوة لم تعد في امتلاك السلاح فحسب، بل في القدرة على إدارة المعركة إعلامياً، ونفسياً، وسياسياً، وهو ما أتقنته المقاومة بامتياز.