يراقبك ابنك منذ يوم ولادته بحثاً عن إشارات ليعرف كيف ينبغي أن تعاش الحياة. ولعلك تعلمين أن مقولة «افعل كما اقول ولا تفعل كما أفعل» لن تنجح مع ابنك. أنت المعلمة التي تترك التأثير الأكبر على ابنك، سواء شئت ذلك أم أبيت، كما أن أفعالك تعلِّمه دروسه الأولى عن الشخصية. سيراقب ليرى كيف تعاملين الآخرين، وكيف تتصرفين في الأماكن العامة وما هي الأشياء المهمة بالنسبة إليك.
إنّ الأطفال حادو الملاحظة للغاية لاسيما عندما يتعلق الأمر بخبث الراشدين. إنّ أفعالك أبلغ من كلماتك وتعلّمه أكثر منها؛ سيفترض ابنك أنك إذا فعلت الشيء فيمكنه هو أن يفعله. عيشي قناعاتك بصدق فهذه افضل طريقة لتعلِّمي ابنك مهما بدا ذلك صعباً.
قد تخشين أن يؤدي اعترافك بأخطائك أو ظهورك أمام ابنك كشخص غير كامل إلى إلحاق الضرر بعلاقتك به. في الحقيقة، عندما تستطيعين الاعتراف بأخطائك وبفشلك، فسيتمكن ابنك (مع الوقت والممارسة) من أن يحذو حذوك. إن الطريقة الوحيدة لتعلِّمي ابنك هي أن تكوني المثال أمامه.
التشجيع مقابل الثناء في سبيل تقوية شخصية الصبي
نجد الثناء في كل مكان. يُقال للأهل إن ثمة «100 طريقة للثناء على أولادهم»؛ يدفعون دولاراً للولد مقابل كل علامة ممتاز يحصلون عليها في المدرسة. يصفق الأهل لكل رسم يرسمه الولد وكأنه أفضل رسم رأوه يوماً. يمنح المعلمون الصور اللاصقة والأقلام للسلوك الحسن وتظهر رسوم الوجه المبتسم على الفروض المنزلية المقبولة.
يثني الراشدون على الأطفال لأسباب وجيهة: فهم يريدون أن يشجعوا السلوك الحسن ويعتقدون أن الثناء سيبني احترام الذات. لكن الثناء ولسوء الحظ اشبه بالوجبات السريعة: لا بأس بالقليل منه، لكن الإفراط يمكن أن يضر بالصحة ويدمرها.
مخاطر الثناء
يثنى على الطفل عادة عندما ينجح في مهمة ما أو يتصرف بحسب تطلعات الراشد. لكن ما الذي يحصل للطفل الذي يبذل قصارى جهده من دون أن يصل إلى النجاح المطلوب؟ وما الذي يحصل عندما يبدأ الطفل بالشعور بأنه يحتاج إلى الثناء كي يحس بقيمته؟
على أثر حادث إطلاق النار المأساوي في ثانوية كولومبين، سعى عدد من الباحثين لمعرفة الأسباب التي قد تدفع بالشبان إلى حمل السلاح إلى المدرسة وإطلاق النار على رفاقهم واساتذتهم. هل يفتقرون إلى احترام الذات؟ أو هل يبالغون في تقدير أنفسهم (ما يسمى أحياناً بالغطرسة)؟ أظهرت دراسة أجرتها جمعية أميركية تعنى بعلم النفس في العام 1998 أن الأطفال الذين ينهال عليهم الثناء باستمرار يبدأون بالاعتماد عليه كي يشعروا بقيمتهم الذاتية. يحتاج هؤلاء الأطفال لأن يثيروا الاعجاب وعندما يقابلون شخصاً لا يحبهم أو لا يُعجب بهم، فمن المرجّح بحسب الباحثين أن يصبحوا عدائيين.
وقائع تتعلق ب”تقوية شخصية الصبي”
تقوم برامج تقدير الذات في العديد من المدارس على الثناء حتى وإن كان غير مستحق. لا بد للتقدير أن يكون دوماً صادقاً ومفيداً.
الثناء قد يؤدي إلى نتائج مغايرة لتلك المتوخاة، فالكثير من الثناء لا يبني الكفاءة أو الاحساس بالقدرة أو الشخصية.
نصائح للمراهقين
سحر التشجيع: من السهل ان نثني على الأولاد الذين يحسنون التصرّف أو الذين يكسبون الجوائز أو الذين يتفوقون في المدرسة، لكن ما الذي تقولينه لابنك عندما يشعر بالإحباط، أو عندما يسيء التصرف أو يمر بيوم صعب؟ سيكون الثناء هنا غير صادق؛ وما يحتاجه فعلاً هو التشجيع.
يحتاج الأطفال إلى التشجيع كما تحتاج النبتة للماء» (في الواقع، هذا ما يحتاجه البشر كلهم بما في ذلك الأهل!). يمكنك ان تشجعي ابنك عبر ملاحظة الأمور الصغيرة التي يحسن القيام بها بدلاً من أن تنتظري حتى ينهي المهمة كلها بنجاح. يمكنك على سبيل المثال أن تقولي: «عملت جاهداً كي ترتدي ملابسك وحدك هذا الصباح. أحسنت!». يمكنك ان تشجعيه بهذه الطريقة حتى لو ارتدى سرواله بشكل خاطئ، واختار كنزة غير مناسبة وانتعل فردة حذاءه اليمين في قدمه اليسرى. ستشجعينه إن قلت: «حسن، نلت أربعة تقديرات جيد جداً. لا بد أنك فخور بنفسك». وليس مشجعاً أن تضيفي: «إذا بذلت المزيد من الجهد في المرة القادمة فستنال تقدير ممتاز».
تحذير!
يمكن للتشجيع أن يبدو صعباً على أفراد الاسرة الذين اعتادوا ان يسلطوا الضوء على المشاكل وعلى الفشل. أبدأي تقليداً عائلياً يقوم على النظر إلى الناحية الإيجابية. علّمي أولادك أن يمدحوا بعضهم البعض وأن يقولوا شكراً وأن يلاحظوا ما هو صحيح بدلاً من ان يلاحظوا الخطأ فقط. إن البحث عن الناحية الإيجابية يشجّع كافة أفراد الأسرة.
يقول التشجيع: «أرى أنك تحاول وأنا أقدّر ذلك». يسمح التشجيع لابنك بأن يشعر بأنه مقدّر وبأنه يحسّ بالانتماء حتى عندما لا يكون على قدر توقعاتك. يبني التشجيع التواصل والترابط، الحيويين لصحة الصبي العاطفية، ويساعدانه على أن يتعلّم من أخطائه ويستجمع شجاعته ليحاول مجدداً. ويركّز التشجيع أيضاً على الشخص الذي سيصبح عليه ابنك بدلاً من الأشياء التي يمكن (أو لا يمكن) أن يفعلها. إن التشجيع المحب طريقة فاعلة لتعزيز شخصية ابنك وتقويتها.