مستوطنو الشمال يطالبون بتأخير عودتهم

ينتظر مستوطنو الشمال ردّ المحكمة العليا "الإسرائيلية" حول الالتماس المقدّم إليها والذي يطالبون فيه بتأخير عودتهم إلى الشمال إلى ما بعد 7 آذار/مارس.

يأتي هذا الالتماس في سياق شعور المستوطنين بالخوف من العودة، ونظرًا للأضرار الجسيمة التي لحقت بالمستوطنات والمباني شمال فلسطين المحتلة، حيث أنّ وتيرة عودة المستوطنين بطيئة جدًّا، فيما يسعى الكيان إلى تقديم منحٍ لهم لتحفيزهم على العودة.

 

وفي هذا السياق، ذكر مراسل الشمال يائير كراوس في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنّ المئات من “النازحين” المستوطنينى من “كريات شمونة”، ومستوطنات المجلس الإقليمي “مفوئوت حرمون” والمطلة، يترقّبون بفارغ الصبر قرار المحكمة العليا بشأن التماسهم.

 

وقبل تقديم الالتماس، اقترح قضاة المحكمة العليا على حكومة الاحتلال “الإسرائيلية” تمديد فترة الإجلاء لمدة شهر إضافي، حتى الأول من نيسان/أبريل، لإكمال الاستعدادات اللازمة لاستقبال العائدين، لكنّ وزارة التربية والتعليم، إلى جانب المسؤول عن إعادة تأهيل الشمال والجنوب الوزير زئيف إلكين، عارضا الالتماس بحجة أنّ كل شيء جاهز لاستقبال المستوطنين.

 

هل يغادرون الفنادق؟

 

وأشار كراوس إلى قرار الحكومة بانتهاء فترة الإجلاء في 1 آذار/مارس، وإلى أنّه يجب على المستوطنين مغادرة الفنادق بحلول 7 آذار/مارس، مشددًا على أنّه “إذا قررت المحكمة رفض الالتماس، فسيتعيّن على “السكان” (المستوطنين) مغادرة الفنادق صباح اليوم، وإلا فسوف يفقدون آلاف الشواكل من منح “الدولة” (الكيان) إذا بقوا ليلة إضافية واحدة. أمّا إذا قبلت المحكمة الالتماس، فسيتمكن “النازحون” من البقاء في الفنادق دون إجبارهم على المغادرة”.

 

من جهته، صرّح الناطق باسم المحكمة بأن “الموضوع قيد الدراسة”، وأضاف: “”بلدية كريات شمونة” ولجنة أولياء الأمور طالبتا بتأجيل العودة حتى استكمال الاستعدادات اللازمة لاستقبال “السكان” (المستوطنين) العائدين. بعد الجلسة التي عُقدت، أول من أمس (الأربعاء)، أمام القضاة مينتس، فيلنر، وإلرون، قرّرت المحكمة عدم الرد الفوري على الالتماس. لكن وفقًا لقرار الحكومة، يجب على “النازحين” مغادرة الفنادق صباح اليوم، ممّا يعني أنّهم قد يفقدون آلاف الشواكل من المنح الحكومية إن لم يُتّخذ قرار مختلف”.

 

عالقون في الهواء

 

كراوس نقل عن رئيس لجنة أولياء الأمور في “كريات شمونة” غولان بوخاريس قوله: “إذا بقينا في الفنادق ليوم أو يومين إضافيين فقط، سنخسر مبالغ طائلة كان من المفترض أن تساعدنا في إعادة إعمار منازلنا بعد أكثر من عام من الإهمال، لا أفهم كيف يُمكن للقضاة أن يروا الطريقة التي تعاملنا بها الحكومة، ثم يُبدون قسوة وانعدام تعاطف مماثلين، ولا يصدرون حتى قرارًا واضحًا يخبرنا بما علينا فعله. هذا أمر مخزٍ”.

 

وتصف مستوطِنة من “كريات شمونة” الوضع في انتظار قرار المحكمة قائلةً: “الجميع جالسون على حقائبهم، في انتظار معرفة ما إذا كانت المحكمة ستسمح لنا بالبقاء هنا دون خسارة المنح، أم أنّنا سنفقد آلاف الشواكل. كيف يمكن العيش هكذا؟ نحن معلقون في الهواء”، بينما يقول مستوطن آخر من “كريات شمونة”: “الناس يجلسون في الفنادق، يبكون، ولا يعرفون ماذا يفعلون. المحكمة العليا وعدت بالنظر في الأمر واتخاذ القرار، فلماذا يضعوننا في هذا الوضع؟ نحن نشعر بالرعب، كما لو أنّنا في بداية الحرب، ولم نكن نعلم إن كان سيتم إجلاؤنا أم لا”.

 

مستوطنات المنارة والمطلة تنتظر الموافقة على الالتماس

 

في سياق متصل، أشارت مراسلة الشمال في صحيفة “هآرتس” عادي حشموناي، إلى أنّ مستوطنة المطلة تتطلع أيضًا إلى الالتماس الذي قدّمته لما يُسمّى بالمحكمة العليا، على أمل أن توافق المحكمة على استثناء المجلس المحلي من قائمة المستوطنات التي حُدد لها 1 آذار/ مارس كموعد رسمي للعودة.

 

وأضافت: “في هذا الموعد، توقف تقديم منح الإقامة الشهرية لـ”النازحين”، ومن المتوقع أن تحول لهم في هذه الأيام منحتين لمرة واحدة، تُسمى “منحة العودة” و”منحة التجديد””، والعديد من مستوطني المطلة يرون أنّ هذه المنح بعيدة عن كونها حلًّا كافيًا”.

ووفقًا لبيانات المجلس المحلي، فإن أكثر من 400 منزل من أصل نحو 650 في المطلة تعرضت لأضرار.

 

وفي الالتماس الذي قدّمه المجلس المحلي إلى المحكمة العليا، ذكر المحامي الذي يُمثّله، عوفر تسور، أنّه “قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن موعد العودة، قام الوزير المسؤول عن المديريات زئيف إلكين، بتمرير رسائل للمجلس، تُفيد بأنّ المطلة و”أفيفيم” والمنارة ستُستثنى من القرار، وسيُفحص موعد عودة “سكان” هذه المستوطنات بشكل منفصل”، وذلك بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بهذه المستوطنات.

 

وفي رد سلطات الاحتلال على التماس المطلة، قال إنّه “تم التوصل إلى أنّ الضرر في كيبوتس المنارة هو الوحيد الذي يؤثر بشكل كبير على الحياة الطبيعية في المستوطنة”.

 

واستندت سلطات الاحتلال إلى ملخص من وزارة المالية جاء فيه: “بالنسبة للمنازل، هناك ضرر كبير على المدييْن المتوسط والطويل، وقد حُدّد حجم الأضرار المتوسطة والصعبة من قبل ضريبة الممتلكات، في كيبوتس المنارة فقط”.

 

ولفتت حشموناي إلى أنّ وتيرة عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم تختلف بناءً على حجم الأضرار التي لحقت بها، ففي حين أن كيبوتسات “يفتاح” و”كفار جلعادي” لم تتعرّضا لأضرار جسيمة مقارنةً بمستوطنات الحدودية الأخرى، فإنّ الوضع في المطلة المجاورة شمالًا مختلف تمامًا، حيث عاد إليها حوالي 120 فقط من أصل 2,500 من المستوطنين.

 

وأكّدت حشموناي أنّ الإقبال على “كفار جلعادي” وكيبوتس “يفتاح” لا يعكس الوضع في جميع المستوطنات التي أُخليت، ووفقًا لبيانات “الجهاز الرقمي الوطني”، فقد عاد حتى اليوم 42% من إجمالي مستوطني الشمال الذين أُجلوا خلال الحرب.

 

كما أفادت إدارة “تنوفا للشمال” بأنّ 10,000 منهم عادوا إلى منذ الأول من آذار/مارس، وهو الموعد الذي حدّدته الحكومة “الإسرائيلية” للعودة، من بين 67,500 شخص أجلوا من المستوطنة، كما تتوقّع الإدارة أن تزداد وتيرة العودة مع اقتراب 9 آذار/مارس، وهو موعد إعادة فتح المؤسسات التعليمية في الشمال.

 

ووفقًا لمجلس مستوطنة “أفيفيم، عادت سبع عائلات فقط من أصل 120 عائلة تعيش هناك إلى منازلها.

 

ويقول رئيس المجلس شمعون بيتون: “من بين 102 منزل في المستوطنة، تعرّض 42 منها لأضرار لدرجة أنه لا يمكن العيش فيها”، ويضيف: “لقد بدأ وقف إطلاق النار قبل ثلاثة أشهر، وحتى اليوم لم ننهِ حتى عملية التقييم مع ضريبة الممتلكات”، ويتابع: “إلى أين يتسرعون؟ تشعر وكأنك عبء على “الدولة”، لا أفهم ما هي المشكلة في استثنائنا، نحن، ومستوطنة مطلة والمنارة”.

 

وأشارت حشموناي إلى أنّ نحو 70% من المنازل والشقق والمباني العامة في المنارة تعرضت لأضرار، ونتيجة لذلك، من بين نحو 270 من مستوطني الكيبوتس وأعضائه، عاد القليل فقط، وهم ليسوا من أعضاء مجموعة “التأهب”، مضيفةً: “كما في المطلة و”أفيفيم”، فوجئوا في المنارة أيضًا عندما اكتشفوا أنهم لم يُستثنوا من خطة العودة التي وضعتها “سلطات الاحتلال، إذ طولبوا بالعودة إلى الكيبوتس في 1 آذار/مارس”.

 

كما نقلت عن “مدير الجالية” في المنارة يوحاي وولفين قوله إنّ “هناك عددًا قليلًا جدًا من المنازل التي لم تتأثر، ونحن نحاول إيجاد حلول لذلك”.

 

وفق حموشاي، التقديرات تُشير إلى أنّ عملية إعادة البناء ستستغرق شهورًا على الأقل في المنارة.

 

وقال مدير الشؤون الاقتصادية في المنارة عِيدو شاليم: “المشكلة الأساسية تكمن في البنية التحتية: الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، ولكن التحدي الأكبر سيكون في حفر الطرق”.

 

المصدر: العهد