موناسادات خواسته
حلّ بنا شهر رمضان المبارك.. شهر الرحمة والغفران.. شهر القرآن الكريم.. الأجواء السائدة في هذا الشهر المبارك، كلّها تدلّ على المودّة والرحمة، وهناك برامج مختلفة يتم عرضها في هذا الشهر، ومنها برنامج “محفل” القرآني الذي واجه إقبالاً كبيراً في السنوات الماضية، واجتاز الحدود، حيث أصبح برنامجاً دولياً.
“محفل” برنامج المواهب القرآنية يبث كل ليلة قبل الإفطار على القناة الثالثة في التلفزيون الإيراني خلال شهر رمضان المبارك، وهو من إنتاج “سيد محمد حسين هاشمي كلبايكاني”، ويقدّمه “رسالت بوذري” هذا العام.
نقدّم لكم نبذة عن تغييرات هذا العام وبعد ذلك الحوار الذي تزامن مع عرض هذا البرنامج القرآني مع “سيد محمدحسين هاشمي كلبايكاني” منتج البرنامج وحجة الإسلام “غلامرضا قاسميان” و “سيد جلال معصومي” حكّام ومضيفي البرنامج، وسألناهم عن رأيهم حول البرنامج وتأثير القرآن الكريم في الحياة.
“محفل” بحلّته الجديدة
إحدى التغييرات التي نشهدها في هذا الموسم هو تغيير تشكيلة حكّام البرنامج، إلى جانب الوجوه المألوفة مثل “حامد شاكرنجاد،” القارئ الدولي وحافظ القرآن الكريم، “أحمد أبو القاسمي” المحكّم والخبير القرآني البارز، حجة الإسلام “غلامرضا قاسميان” الأستاذ الحوزوي والجامعي، “حسنين الحلو” من العراق والذي هو قارئ بارز للقرآن الكريم في مرقد سيدنا العباس(ع)، نشهد حضور ثلاثة وجوه جديدة في هذا البرنامج القرآني.
“أيوب عاصف” الخبير القرآني البارز من مصر، الذي يضفي على البرنامج لمسة خاصة بأسلوبه الفريد، و “سيد جلال معصومي” الخبير القرآني من أفغانستان، والذي يخلق تنوعاً جميلاً في البرنامج بإتقانه وتعبيره الخاص، ولأول مرة، ويظهر في هذا البرنامج حكم سني من كردستان إيران وهو السيد “بيام عزيزي” الذي يمثّل التضامن ووحدة المذاهب الإسلامية.
كما أننا نرى تمثال القدس الشريف في وسط الديكور وأطرافه أسماء الله الحسنى، وبفضل هذه التشكيلة الجديدة ودعوة قراء وضيوف من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، استطاع برنامج “محفل” أن يتجاوز كونه برنامجاً تلفزيونياً ليتحول خلال الموسمين الماضيين إلى حدث عالمي.
إن حضور القراء والمشاركين من مختلف البلدان، والمضيفين والأساتذة العالميين البارزين، والأسلوب المتنوع لهذا البرنامج، جعل من هذا التجمع ليس مجرد برنامج قرآني، بل إبداعاً في العالم الإسلامي.
وقد كان لهذا البرنامج في مواسمه الماضية أثر واسع في البلدان الإسلامية. ولاقت التلاوات والأقسام المختلفة من البرنامج تداولاً واسعاً على مواقع التواصل الإجتماعي، ونالت إعجاب محبي القرآن الكريم في مختلف أنحاء العالم.
وقد تابع هذا البرنامج العديد من مقرئي ومحبي القرآن الكريم من الدول العربية وآسيا الوسطى وحتى أوروبا وأمريكا، واعتبروه من أحدث البرامج التلفزيونية القرآنية المبتكرة. هذا وفيما يلي نص الحوارات:
مفهوم القرآن هو المقاومة
بداية سألنا السيد هاشمي عن كيفية برنامج هذا العام والتغيير الذي حصل فيه بالنسبة للسنوات السابقة، فقال: هذا العام لدينا بعض التغييرات في المحتوى، وأيضاً على طاولة المضيفين أي الحكّام، لدينا ضيوف من أفغانستان، ومصر وكردستان، ومن حيث المحتوى والديكور أيضاً تم العمل على مفاهيم المقاومة بشكل أكثر جدية.
أما حول الضيوف، وهل نشاطاتهم في مجال القرآن الكريم فقط، أو يشمل الناشطون في مجال المقاومة، يقول هاشمي: إن القرآن والمقاومة ليسا منفصلين كثيراً، أي أن مفهوم القرآن هو المقاومة، وكما أهل غزة تعلّموا المقاومة من القرآن، فإننا نتعلّم أيضاً المقاومة من خلال الإهتمام بالقرآن، وهذا ما نحاول أن نبيّنه.
فيما يتعلق بالإنعكاس الدولي للبرنامج، يقول هاشمي: كانت الإستجابة الدولية للبرنامج استثنائية، وتواجدنا في بلدان مختلفة مثل باكستان وسوريا ولبنان وغيرها أظهر أن الجمهور على الساحة الدولية يأخذون الحدث على محمل الجد، والحمد لله. كما تم بث البرنامج مترجماً وبصورة مكتوبة في بلدان أخرى، لكن بدءاً من هذا العام سيتم بثه مدبلجاً في بعض البلدان إن شاء الله.
تأثير القرآن الكريم على حياة الإنسان
عندما سألنا عن تأثير آيات القرآن الكريم وتلاوته على نفس الإنسان وحياته، قال حجة الإسلام قاسميان: لا أريد أن أتحدث عن هذا الأمر من الناحية الروحانية، فالقرآن هو المعرفة، ومن يدرس التاريخ يكون أقل عرضة للخداع، ومن يعرف التاريخ يرى ويدرك الأحداث التي حدثت من قبل ولا يسمح لتلك الأحداث أن تحدث له، وجزء من القرآن هو التاريخ والعبرة من حياة الآخرين، وهذا يساعد على زيادة وعي الإنسان وتقليل الأخطاء في حياته، حتى وإن كان الأمر يتعلق بالأمور الروحية والنفسية.
فالفائدة الأولى هي معرفة أخبار الماضي والوعود التي وعد بها القرآن الكريم، والتي تقول بأن من سلك هذا الطريق فسوف تكون نهايته كذلك، وكل هذه الأمور القيّمة تساعدنا في إتخاذ أسلوب الحياة.
ويقول السيد معصومي في هذا المجال: القرآن هو السلام والسكينة، وعندما نتلو القرآن فإن الله ينعم علينا، كما قال تعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ”، وهذا يعني أن القلوب التي تقرأ القرآن هي شفاء لها، وقد يكون شفاءً جسدياً أو روحياً، والأهم من ذلك، عندما يكون القرآن وأهل البيت(ع) أساس حياة الإنسان، فإن تلك الحياة تكون مليئة بالسلام والبركة، أي أن هناك سلاماً خاصاً للإنسان الذي أساس حياته هو القرآن وأهل البيت(ع).
الإقبال الدولي على “محفل”
فيما يتعلق بمدى الإقبال على “محفل” يقول حجة الإسلام قاسميان: واجه البرنامج إقبالاً كبيراً، والقرآن الكريم له جماليات لم يتم التطرق إليها من قبل، أو إذا تم التطرق إليها، فقد تم ذلك على شبكات أقل عدداً من المشاهدين أو تم تناولها بأشكال تقليدية.
اعتبر الكثير من الجمهور بعض الضيوف كقدوة لهم، وتعاطفوا معهم، على سبيل المثال، كان هناك بعض الأشخاص كانت حياتهم مشابهة لحياة الضيوف في البرنامج ولا علاقة لهم بالقرآن، لكنهم انجذبوا إلى القرآن بعد سماع آية منه، وكانت هذه أمثلة على العمل الجديد للمجموعة.
ومن جهته يقول السيد معصومي: “محفل” بالتأكيد له صدى دولي، وأول مرة رأيت هذا البرنامج كان في تنزانيا، كنت في دار السلام عندما أراني أحبائي بعض التلاوات، فسعدت جداً، هذا البرنامج متنوع جداً وبرنامج كل من يشارك في هذا البرنامج سواء كان مشاهداً أو مشاركاً أو حكاماً هو فائز وليس لدينا خاسر فيه وهذه من مميزاته التي جذبت الجمهور كثيراً وشيء واحد يجب أن أذكره أننا نرى في هذا البرنامج ظاهر القرآن وباطنه.
مشهد يثير الإعجاب
بعد ذلك تطرقنا إلى المشاهد التي تمت مشاهدتها ضمن البرنامج والضيوف الذين حضروا، فهل أثار إعجابهم مشهد معيّن؟، رداً على هذا السؤال يقول حجة الإسلام قاسميان: نعم، بعض المشاهد أعجبتنا حقاً، والطريقة التي كانت بها آيات القرآن الكريم مؤثرة للغاية، ومدى قدرتها على تحريك الشخص وتغيير مسار حياته، أشياء من هذا القبيل كانت جذابة جداً بالنسبة لنا، وهكذا كان لدينا أمثلة لشخص ذهب ليسرق، ولكن عندما سمع الآية ندم وتاب وغيّرت حياته وتوقف عن السرقة، وكانت هذه حالات مثيرة للإهتمام للغاية بالنسبة لنا، كما كان هناك بعض الضيوف ومنها فتاة عانت كثيرا وتعرضت للضرب بسبب حجابها، وهذا يحدث في بلد أجنبي، ولم يكن والد الفتاة ووالدتها على علم بالدين على الإطلاق، ولم يعرفا ما هو الحجاب وما هو الدين، وكان هذا نموذجا يحتذى به بالنسبة لنا.
ويجيب السيد معصومي: لقد انبهرنا جميعاً بجميع من حضر وأدّى، لأن كل واحد منهم كان لديه قصة خاصة، وخاصة الصبي الذي كان مصاباً بالتوحّد ولم يستطع سماع أي أصوات، وكان يسمع فقط صوت القرآن الكريم، ولم يكن يستجيب إلا لآيات القرآن والدعاء، حتى عندما كنا نناديه باسمه لم يبد أي رد فعل، ولكن عندما كنا نقرأ القرآن كان يتفاعل، فيظهر لنا الصفحة وموقع الآية، الأمر الذي أبهرنا كثيراً.
“محفل” يخلق الوحدة
عندما سألناهما عن شعورهما عند الحضور في البرنامج، ومدى فعالية هذا البرنامج في خلق الوحدة، قال حجة الإسلام قاسميان: فهو مؤثر جداً جداً، لأنه يُظهر الوجه القرآني الحقيقي للشيعة للعالم.
ويقول السيد معصومي في هذا المجال: نعم، هذا صحيح، لأن وحدتنا، بغض النظر عن الطائفة أو المذهب، هي وحدة كلنا في ظل القرآن وأهل البيت(ع)، وهذا البرنامج يخلق الوحدة، والحمد لله هذا ما شهدناه في برنامج “محفل”، سواء بين الحكّام، أي المضيفين الكرام الذين كانوا من بلدان مختلفة، وأنا أيضاً أمثّل الأفغان والبريطانيين، وكان السيد الحلو من العراق وكان السيد “بيام عزيزي” من الإخوة السنة، فضلاً عن أصدقائنا الأعزاء الآخرين، وهذه علامة على الوحدة، وكنا نتحدث أيضاً عن مشاركين مختلفين من بلدان مختلفة ومذاهب مختلفة، وكان الإخوة السنة هم الذين كانوا يؤدون البرنامج، وهذا البرنامج ليس مخصصاً للشيعة فقط.
برنامج لبناء الثقة بالقرآن
عندما طلبنا تعريف “محفل” في جملة واحدة يقول حجة الإسلام قاسميان: بناء الثقة بالقرآن. ومن أهم التطورات هذا العام تناول القصص القرآنية بأحدث الوسائط والتقنيات البصرية. ولأول مرة في “محفل”، تم عرض قصص القرآن الكريم في إطار الرسوم المتحركة باستخدام إنجازات الذكاء الاصطناعي وتصويرها بجودة مذهلة، عندما نرى هذه القصص في إطار الصور وحركات، فإن تأثيرها على عقل وقلب الجمهور يتضاعف.
علاوة على ذلك فإن الوثائق المعدة من المواقع التاريخية للقرآن تذكرنا بأن القرآن نزل في سياق تاريخي. ولم تنزل هذه الآيات من فراغ، بل نزلت على الناس والمجتمعات والأماكن التي لا تزال آثارها باقية في التاريخ.
عندما نسمع آية ما، ونرى في نفس الوقت صوراً من نفس الأرض التي نزلت عنها الآية، فإن فهمنا لهذه الآية سوف يتعمق مرات عديدة. وهذا نوع من التأمل الإعلامي للقرآن الكريم، وهو ما كان يُعتقد أنه يفتقد إلى المكانة التي يحتلها في البرامج الدينية.
ومن جهته يقول السيد معصومي: “محفل” مجلس القرآن ومجلس أهل البيت(ع) وتم فيه جمع القرآن الكريم وأهل البيت(ع)، وهو برنامج جميل وسيقام إن شاء الله بحضور صاحب العصر والزمان الإمام المهدي(عج).
إنتشار القرآن الكريم في بريطانيا
يختم الحوار السيد معصومي بالحديث عن انتشار القرآن الكريم في بريطانيا ويقول: الحمد لله، حدثت ثورات كثيرة في مجال تلاوة القرآن الكريم في إنجلترا، مع المسابقات التي أقمناها وبيت القرآن الذي أنشأناه، والآن أصبحت المجتمعات التي لم تكن لديها أي معرفة بتلاوة القرآن الكريم وما إلى ذلك، واعية بذلك، والحمد لله، كل تجمع يبدأ بتلاوة القرآن الكريم، ويتم بذل الجهود لضمان أن يستمع الأعزاء الذين يحضرون التجمع إلى التلاوة بكل حواسهم، والآن خلق القرآن الكريم بعداً خاصاً في المجتمع الأوروبي، وخاصة في لندن، حيث لدينا العديد من الطلاب من أماكن مختلفة مثل أوروبا وأمريكا وأفريقيا وحتى أستراليا يشاركون ويتعلمون عبر الإنترنت.
جسر بين قلوب محبي القرآن
كما يعتبر حسنين الحلو أنه لم يعد محفل يقتصر على بلد واحد أو منطقة واحدة؛ وقد وجد هذا البرنامج جمهوره في كافة أنحاء العالم الإسلامي وحتى خارجه. في العراق ولبنان وسوريا يتابع هذا البرنامج عدد كبير من قراء القرآن الكريم والمتحمسين له، ولكن ما فاجأني هو الاستقبال الواسع لهذا التجمع في البلدان الأكثر بعداً.
إنه ليس برنامجاً قرآنياً عادياً؛ يعد هذا البرنامج جسراً بين قلوب محبي القرآن الكريم حول العالم. من مصر وشمال أفریقيا، وجنوب شرق آسیا، وحتى المسلمون في أوروبا، من فرنسا وألمانيا إلى بريطانيا، وحتى في روسيا والولايات المتحدة، اهتمامهم بالتجمع. ويقول بعض المسلمين المقيمين في هذه البلدان إنهم من خلال هذا البرنامج أصبحوا أكثر ارتباطاً بالأجواء القرآنية في العالم الإسلامي.