الأسس النفسية والتربوية لتعليم العقيدة والإيمان للأطفال

الأسس التربوية فتتمثل في عمليات البناء الرأسي للمفاهيم والمهارات، فمثلا لن يستطيع الأطفال تعلم عمليات الجذور التربيعية في الرياضيات قبل تعلم عمليات الجمع والضرب، فكأنّما هذه العمليات هي الأسس التي يتم عليها البناء، لتعلم مفاهيم ومهارات جديدة، وهي أيضا ستمثل أسسا يتم البناء عليها أيضا

الأسس النفسية تتمثل في التكوينات البنائية التطورية التي تظهر عبر المراحل العمرية في الجوانب المختلفة من الشخصية سواء كانت تلك الجوانب حسية، حركية، عقلية، عاطفية، أو اجتماعية. فعلى سبيل المثال لن يتمكن الأطفال تعلم مهارات الكتابة والقراءة إلا بعد حدوث النضج العضوي الحسي الذي يجعلهم يستطيعون مسك الأقلام بكفاءة والتحكم فيها لكتابة الحروف كتابة صحيحة.

 

ونظرا لأنّ هذا النضج لن يحدث بصورة متكاملة قبل الرابعة من العمر فإنّه من الصعب تعليم الأطفال مهارات الكتابة والقراءة في السنتين الأوليين من العمر. وكذلك لن نستطيع تعليم الطفل بعض المفاهيم مثل (أكبر من) و(أصغر من) بصورة مجردة إلا إذا استخدمنا الوسائل المادية المحسوسة أو المرئية أمام الطفل، وذلك لأنّه ما يزال في مرحلة التفكير الحسي المادي.

 

أما الأسس التربوية فتتمثل في عمليات البناء الرأسي للمفاهيم والمهارات، فمثلا لن يستطيع الأطفال تعلم عمليات الجذور التربيعية في الرياضيات قبل تعلم عمليات الجمع والضرب، فكأنّما هذه العمليات هي الأسس التي يتم عليها البناء، لتعلم مفاهيم ومهارات جديدة، وهي أيضا ستمثل أسسا يتم البناء عليها أيضا.

 

وتذخر المصادر النفسية والتربوية بالأسس التفصيلية للمجالات التعليمية المختلفة، مثل الأسس النفسية والتربوية لتعليم الرياضيات، والأسس النفسية والتربوية لتعليم العلوم عامة وخاصة (الفيزياء، الكيمياء، الأحياء، الخ)، والأسس النفسية والتربوية لتعليم الرياضات البدنية، والأسس النفسية والتربوية لتعليم الفنون، والأسس النفسية والتربوية لتعليم اللغات، ،، الخ.

 

ما الأسس النفسية والتربوية لتعليم العقيدة والإيمان للأطفال؟

نظرا لأهمية الأسس النفسية والتربوية في التعليم، فإنّه كلما كانت البرامج التعليمية موضوعة على أسس نفسية وتربوية واضحة كلما كان التعليم أكثر جودة، وكان التعلم لدى المتعلمين أكثر يسرا. فلذا نمكن أن نطرح هذا السؤال: ما الأسس النفسية والتربوية لتعليم العقيدة والإيمان للأطفال؟

 

الأساس الأول: فطرية الإيمان والتعامل بيقين مع الطفل على أساس أنّ الله عزّ وجلّ موجود ولا شك فيه:

يتبين من القرآن الكريم أنّ الناس بصورة عامة مهيؤون فطريا للإيمان بأنّ الله هو ربهم، قال الله عزّ وجلّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين (172) أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُون (173)}[الأعراف: 172 – 173]. وقال ابن عاشور في تفسيره وحاصِلُ المَعْنى: أنَّ اللَّهَ خَلَقَ في الإنْسانِ مِن وقْتِ تَكْوِينِهِ إدْراكَ أدِلَّةِ الوَحْدانِيَّةِ، وجَعَلَ في فِطْرَةِ حَرَكَةِ تَفْكِيرِ الإنْسانِ التَّطَلُّعَ إلى إدْراكِ ذَلِكَ وتَحْصِيلِ إدْراكِهِ إذا جَرَّدَ نَفْسَهُ مِنَ العَوارِضِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلى فِطْرَتِهِ فَتُفْسِدُها (ابن عاشور، دت).

 

الأساس الثاني: التعامل بيقين مع الطفل على أساس أنّ الله عزّ وجلّ موجود ولا شك فيه:
يشير بعض الباحثين إلى أنّ فوضى الأفكار التي لدينا، نحن الكبار، حول الظاهرات الكبرى (ومنها الله تعالى) ناتجة من الفوضى الأولى في حياتنا ونحن أطفال، يوم كنّا نتلقى أجوبة أضعف من أسئلتنا ومعلومات أقل من قناعاتنا (إبراهيم، 2014).

وقد كشفت بعض الدراسات النفسية التي أجريت في هذا المجال أنّ قابلية الأطفال لتعلم العقيدة والإيمان موجودة، ولكنها تتطلب التعامل بثبات ويقين أثناء تعليمها، لأنّ التعامل بثبات ويقين مع الأطفال كفيل بإكسابهم القناعات بالعديد من المفاهيم في حياتهم، فمثلا نلاحظ أنّ الأطفال حاليا مقتنعين بأنّ هناك جراثيم وهناك أكسجين مع أنّهم لم يروا الجراثيم ولا الأكسجين، ولكن تلك القناعة نتجت من ملاحظتهم للقناعات الموجودة لدى الكبار بهذه الأشياء، ولو تعامل الآباء معهم بثبات عن الغيبيات العقدية المتعلقة بالإيمان لوجدت قبولا وثباتا لديهم (باريت، 2017).

 

وإنّ فهم الأطفال لقدرات الله الخاصة والحياة الآخرة يُظهر أنّ قبولهم لشهادة الآخرين يمتد إلى ما هو أبعد من المجال التجريبي. وهكذا، يبدو أنّ الأطفال يتصورون الكيانات العلمية والدينية غير القابلة للملاحظة بشكل مماثل، نظرا للثقة التي يجدونها عند الكبار.

 

الأساس الثالث: التبكير في تعليم العقيدة: ابدأ مبكرا في تعليم صفات الله:

تفيد الدراسات النفسية بأنّه يمكن للأطفال أن يتعلموا العقيدة والإيمان بصورة صحيحة منذ وقت مبكر، فعند الثالثة من العمر يمكنك أن تعلمهم الصفات الإلهية مثل العلم المطلق والأبدية والخيرية الشاملة، ولكن عليك أن تتجنب اللغة المجردة والمعقدة (باريت، 2017، ص 293) ، فعلى سبيل المثال وبدلا من الإخبار المجرد للأطفال عن قدرة الله على رؤية وسماع كل شيء، أعطهم ألعابا تجعلهم يخمنون مقارنة بين ما يمكن أن يراه ويسمعه الله بمقابل ما يراه ويسمعه الإنسان والحيوانات المختلفة، فيمكن أن يتم إحضار صندوق صغير ومغلق ولا يمكن أن يرى ما بداخله، وسؤالهم: هل يمكن أن ترى ما بداخل هذا الصندوق؟ أو هل يمكن لأخيك أن يرى ما بهذا الصندوق؟ أو هل يمكن للحيوان الأليف أن يرى ما بهذا الصندوق؟ وعندما تتضح الإجابة المقنعة للأطفال بأنّ كل أولئك لا يمكن أن يروا ما بداخل الصندوق يمكنك أن تسألهم بعد ذلك: هل الله تعالى يمكن أن يرى ما بهذا الصندوق؟ وستجد أنّ اتجاه إجابة الأطفال ستكون بالإيجاب، وهنا ما عليك إلا أن تعزز هذه الإجابة لأنّها تتفق مع التكوين الفطري للطفل.

واعتمادا على هذه الطريقة غير المجردة يمكنك أن تسأل الأطفال عن النظام في الكون من خلال ما يرونه من شروق وغروب وانتظام في تعاقب الليل والنهار، وتسألهم عن الذي يقف وراء هذا النظام؟ هل هو من الأشخاص الموجودين معهم أم هو الله؟ ستجد الإجابة تتجه لأن تكون هو الله تعالى، وهنا عليك أن تعزز هذه الإجابة وتدعو الطفل لذكر مزيد من الأمثلة التي يتضح له فيها النظام الكوني الذي يقف وراءه الله تعالى مما يدل على قدرته وحكمته سبحانه وتعالى.

 

الأساس الرابع: لا تعزل أفعال الله عن الأسباب في كيفية عمل الأشياء:

توجد قناعة فطرية لدى الأطفال بأنّ الأشياء لا تعمل لوحدها، وإنّما هناك قوى أخرى تؤثر فيها، وهذه القوى سماها بعض علماء النفس بالقوى الفاعلة، وقد أفادت الدراسات التي أجريت على الأطفال أنّ عقول الأطفال تنجذب إلى محاولة معرفة كيفية عمل الأشياء وكيفية تشكل العلاقات السببية، وقد أشار (باريت، 2017) إلى أنّ الأطفال منذ عمر ثلاث أو أربع سنوات يفرقون بدقة بين الواقع والخيال، ولذلك فإنّ تضمين القوى والعوامل الفاعلة في علاقات السبب والنتيجة من أنواع التفكير المنطقي ستلفت انتباه الأطفال تماما، ولذلك عندما نتحدث مع الأطفال بأنّ الجراثيم هي التي تسبب الأمراض، وأنّ الدواء هو الذي يحقق %

المصدر: وكالات