وزير الخارجية يؤكد أن الكرة الآن في ملعب أمريكا..

السبت القادم.. مباحثات إيرانية-أمريكية غير مباشرة في مسقط

بالتزامن مع جولة أجراها إلى الجزائر، وفيما تتسلّط الأضواء وتتواتر الأحداث بشأن إحياء المفاوضات وإن كانت بشكل غير مباشر بين إيران وأمريكا حول برنامج إيران النووي السلمي، أعلن وزير الخارجية عباس عراقجي، الثلاثاء، إن "إيران وأمريكا ستلتقيان بسلطنة عمان، السبت، لإجراء محادثات غير مباشرة على مستوى عال".

وأضاف عراقجي في تغريدة على موقع (X): إن “هذه (المفاوضات) فرصة بقدر ما هي اختبار.. الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة”.

 

ووصل عراقجي إلى مطار الجزائر العاصمة مساء الإثنين، لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الجزائريين.

 

وكان في استقبال عراقجي، حين وصوله إلى مطار محمد بوضياف الدولي في الجزائر العاصمة، السفير الإيراني ونائب وزير الخارجية الجزائري ومديرعام دائرة آسيا والمحيط الهادئ بوزارة الخارجية الجزائرية ومسؤولون آخرون.

 

هذا وإلتقى وزير الخارجية الايراني مع نظيره الجزائري أحمد عطاف، يوم أمس، وناقشا القضايا الثنائية وتوسيع التعاون، فضلاً عن القضايا الإقليمية والدولية.

 

وجرى خلال هذا اللقاء استعراض آخر التطورات في العلاقات الثنائية، وبحث الجانبان سبل توسيع التفاعلات في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والدبلوماسية، کما بحث عراقجي وعطاف آخر التطورات في المنطقة واستمرار الإبادة الجماعية في غزة وعدوان الکیان الصهيوني.

 

التفاهم والتعاون والقضايا الإقليمية

 

وشكلت القضايا الثنائية، خاصة متابعة مذكرات التفاهم والتعاون والقضايا الإقليمية وعلى رأسها الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة وتحديات النظام الدولي، أهم مجالات النقاش بين وزير الخارجية الإيراني والمسؤولين الجزائريين.

 

وشهدت العلاقات بين إيران والجزائر استقراراً جيداً في السنوات الأخيرة، ويسعى البلدان إلى تعزيز وتوسيع هذه العلاقات على أساس وجهات النظر المشتركة تجاه القضايا الإقليمية والدولية.

 

كما أشاد وزير الخارجية الإيراني بموقف الجزائر المبدئي في دعم نضال الشعب الفلسطيني لنيل حق تقرير المصير والتحرر من الاحتلال الصهيوني، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره الجزائري قبل فترة، ووصف خطة التهجير القسري لسكان غزة بأنها جزء من المخطط الاستعماري لمحو فلسطين.

 

وفي محادثة مع الصحفيين، أشار عراقجي إلى أن العلاقات الإيرانية-الجزائرية قديمة ومتجذرة وقوية وجذورها عميقة.

 

وأضاف عراقجي بأن الصداقة بين البلدين لها تاريخ طويل، مُشيراً إلى أن الجزائر وقفت دائماً إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في اللحظات التاريخية المهمة واتخذت خطوات إيجابية لتحسين الأوضاع في المنطقة، علاوة على ذلك، فإن لدى البلدين مواقف مشتركة بشأن القضايا الإقليمية، وخاصة بشأن فلسطين، وهي مواقف قوية ومهمة للغاية.

 

مدى جدّية الأطراف ونواياهم

 

وفي معرض شرحه لكيفية المفاوضات الإيرانية – الأمريكية المقبلة، رأى عراقجي أن كيفية المفاوضات سواء مباشرة أو غير مباشرة ليست ذات أهمية أساسية؛ إنما ما يهم فعلاً هو ما إذا كانت المفاوضات فعالة أو غير فعالة، ومدى جدية الأطراف ونواياهم، وإرادتهم في التوصل إلى إتفاق، وقال: نرى أن شكل التفاوض يخضع لقضايا مختلفة، ولهذا السبب اخترنا المفاوضات غير المباشرة.

 

واستطرد وزير الخارجية موضحاً: ان السبب في هذا الاختيار هو أن المفاوضات التي يفرضون فيها وجهات نظرهم بالضغط والتهديد هي في الواقع إملاءات، ونحن لا نؤمن بهذا الأسلوب، وبالتالي فالتفاوض غير المباشر يمكن أن يضمن محادثة حقيقية وفعالة وسوف نستمر بهذه الطريقة أيضاً.

 

وأشار عراقجي إلى أن هذا النوع من المفاوضات ليس بالأمر الغريب، قائلاً: لقد حدث هذا النوع من المفاوضات مرات عديدة في تاريخ العلاقات الدولية، بحيث أن هناك دولاً غير راغبة أو غير جاهزة للتفاوض المباشر مع بعضها البعض لأسباب تاريخية وغيرها.

 

سلطنة عمان وسيط له سجل طيب

 

وتابع عراقجي: على سبيل المثال، تجري حالياً مفاوضات غير مباشرة بين روسيا وأوكرانيا عبر الولايات المتحدة؛ وبما أن الجانبين غير راغبين في اللقاء بشكل مباشر لأسباب خاصة بكل منهما، فإن المفاوضات تجري من خلال وسيط معين.

 

وأعرب عراقجي عن ثقته في سلطنة عمان كوسيط لما لها من سجل طيب، معرباً أيضاً عن أمله في أن يكون لدى الطرف الآخر إرادة جادة للتوصل إلى حل دبلوماسي وهذا هو المهم في المفاوضات.

 

وبخصوص عما ستتمحور عليه المفاوضات المقبلة بين إيران والولايات المتحدة، قال عراقجي: من الطبيعي أن يعبر أي شخص عن تكهناته أو رغباته الخاصة. فمثلاً، ما قالته سلطات الكيان الصهيوني عن أن المفاوضات ستكون كنموذج التفاوض الليبي؛ فنحن نعلمها بأن أمنيتها هذه لن تتحقق أبداً.

 

وأضاف: نسعى إلى ضمان مصالح الشعب الإيراني، وبرنامجنا النووي سلمي ومشروع بالكامل، وقد أكّد قرار مجلس الأمن رقم 2231 أيضاً على شرعية برنامجنا، ولذلك ليس هناك شك في هذا البرنامج من منظور دولي.

 

وأعلن عراقجي عن الاستعداد لتوضيح وتبديد أي غموض في حال وُجد حول هذا الشأن، مُؤكّداً على الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي، وبأنه لا يوجد أي مشكلة في بناء المزيد من الثقة في هذا الصدد، ما لم يشكل ذلك قيداً أو عقبة لإيران وأهدافها.

 

وأردف: انه وفي مقابل بناء الثقة، فمن الطبيعي أن يتم رفع العقوبات التي فرضت على إيران بشكل غير عادل بسبب اتهامات كاذبة وزائفة.

 

ولفت عراقجي إلى أن هدف الحكومة الرئيسي في المفاوضات هو إحقاق حقوق الشعب الإيراني ورفع العقوبات؛ مضيفاً: إنه إذا توفرت الإرادة الحقيقية لدى الطرف الآخر، فإن هذا الهدف قابل للتحقيق، بغض النظر عن الطريقة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

 

واستطرد موضحاً، انه وفي الوقت الحاضر يتم ترجيح إجراء المفاوضات بشكل غير مباشر، وليس هناك أي توجه لتحويلها إلى مباشرة، لأننا لا نعتبر الشكل المباشر مفيد لأغراض المفاوضات، وبالتالي إذا كان الطرف الآخر لديه الإرادة اللازمة والكافية، فمن الممكن التوصل إلى نتائج مرضية. ورداً على سؤال حول وجود شروط مسبقة في المفاوضات المقبلة، قال وزير الخارجية: لا توجد شروط مسبقة مقبولة لدينا.

 

واختتم عراقجي حديثه بالقول: بحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن ستيف ويتكوف سيمثل الولايات المتحدة، وسأمثل بلدي إيران في المفاوضات غير المباشرة التي ستجرى في سلطنة عُمان.

 

مفاوضات على أساس الاحترام

 

من جهتها، قالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، إنه إذا تم إجراء الحوار باحترام فإننا سوف نتابع المفاوضات بشكل غير مباشر في سلطنة عُمان، مؤكدة على أن الحكومة الإيرانية تؤمن بالتفاوض.

 

وفي أول مؤتمر صحفي لها في العام الإيراني الجديد، أضافت مهاجراني: المصالح الوطنية هي معيارنا في المفاوضات؛ ولكن بما أن المفاوضات لم تبدأ بعد فإن التفاصيل ليست واضحة؛ ولكن ما يهمنا كطرف مفاوض هو المساواة في الاعتبار والاهتمام بالمصالح الوطنية وتحسين ظروف الشعب. وفي هذا الصدد، سنضع التفاوض الحكيم على جدول الأعمال.

 

وفي وقت سابق أكد الرئيس بزشكيان انه يتعين على الامريكيين ان يثبتوا انهم يريدون اجراء مفاوضات حقيقية.

 

اختبار رد فعل إيران

 

وفي ظلّ الهجمة الإعلامية النفسية التي تشنها إدارة ترامب في محاولة لشيطنة إيران في الساحة الدولية، فإن ما يسعى إليه ترامب ليس البدء في مسار دبلوماسي موثوق، بل اختبار رد فعل إيران على الضغوط النفسية والإعلامية والسياسية مجتمعة، ويأتي اتخاذ هذا الإجراء بهدف تقييم مدى استعداد الجمهورية الإسلامية للدخول في عملية التفاوض.

 

في المقابل، فإن الموقف الواضح والمنطقي لوزارة الخارجية الإيرانية، التي ترفض صراحة أي مفاوضات مباشرة وتعتبر إمكانية المفاوضات غير المباشرة خاضعة لشروط خاصة، يشير إلى الحفاظ على التماسك في استراتيجية دبلوماسية المقاومة.

 

وما دامت الولايات المتحدة لا تغير سلوكها الفعلي فحسب، بل وتستمر في السعي إلى تغيير حسابات الجانب الآخر من خلال التهديدات والعقوبات والعمليات النفسية، فلن تكون أي مفاوضات – مباشرة أو غير مباشرة – قادرة على أن تشكل أساساً لحل حقيقي للملف النووي.

 

المصدر: وكالات