عشرة الفجر

إيران: بعد مرور 44 عاماً والثورة الإسلامية لا تزال تتوهجُ وتتوسع

من نجاحات الجمهورية الإسلامية هي القفزة النوعية الرائدة وتعاظم قوتها وقدراتها في كافة المجالات وانتقالها الى مصاف الدول الكبرى.

2023-02-12

الدكتور أحمد الزين 
بمناسبة الذكرى السنوية الـ 44 لإنتصار الثورة الإسلامية في إيران واحتفالات ”عشرة الفجر“، نبارك لإيران قيادة وحكومة وشعباً هذا الإنجاز العظيم الذي حققه مؤسسها الإمام الراحل الخميني (قده)، والذي شكّل تحولاً سياسياً إقليمياً عالمياً وحدثاً تاريخياً وإستراتيجياً، أعادت مجد الإسلام من غياهب الجاهلية والتخلف والرجعية الى مضامير العلم والتقدم والحضارة الانسانية، والتي بفضلها أستعاد الشعب الايراني عزّته وكرامته وحريته وأستقلاله بعد عقود طويلة من سياسات العبودية والاستبداد والظلم والقمع والطغيان من قبل نظام الشاه وسلالة حكام وملوك الشاهنشاهية وانظمتهم الملكية الاستبدادية المرتهنة للغرب والتابعة للسياسات الامريكية-الصهيونية.

ورغم مرور 44 عاما، تخرج، اليوم، عشرات الملايين من الشعب الإيراني في كافة المناطق في مسيرات شعبية حاشدة مؤيدا للنظام الإسلامي ومجددا مبايعته للثورة الإسلامية ولقائدها الإمام الخميني وثوابتها ومبادئها، ما يدل عى أن إرث الإمام الخميني (قده) لا يزال متوهجاً ويتمتع بشعبية متزايدة، ومفاهيم الثورة تتجسد وتترسخ اكثر في المجتمع الايراني، والنظام الإسلامي المنبثق من رحمها يثبت جدارته وقوته بإستمراره الحفاظ على نفس العقيدة والمبادىء في تركيز دعائم الحكم الإسلامي وتثبيت قيم الخير والانسانية والحق وإقامة العدل وتعزيز قيم الديمقراطية والحريات، ونصرة قضايا الشعوب المستضعفة ودعمهم ومدّ يد العون والمساندة للتخفيف من معاناتهم.. وقد أثبتت الجمهورية الإسلامية بالفعل بانها صديقة ووفية لاصدقائها وحلفائها.. وقد شاهدنا كيف بادرت فوراً بإرسال أسطول جوي من المساعدات الإنسانية والطبية الى ضحايا ومنكوبي الزلزال المدمر في سوريا وتركيا، وأعلنت وقوفها تضامنها مع الشعب السوري في محنته رغم الحظر وقانون قيصر والعقوبات الامريكية الظالمة.. وأستخدمت كل إمكاناتها وطاقاتها للمساعدة في عمليات الإنقاذ والإغاثة في كلا من سوريا وتركيا.

وقد أكد الرئيس الإيراني رئيسي، خلال كلمته أمس، بأن الشعب الإيراني انتصر من جديد على مخططات العدو (في إشارة الى فشل امريكا والغرب في مشروع الاحتجاجات المفبركة وإثارة الفتنة بعد وفاة الشابة مهسا أميني، والعقوبات والحروب التركيبية).. وقد أثبتت تجربة الثورة الاسلامية في إيران قدرة الشعوب المستضعفة على التحرر والنهوض والعودة الى حكم الشعب واستعادة حق تقرير مصيره بنفسه. كما اثبتت الثورة ان الإسلام عقيدة وفكر قادر على ادارة الشعوب وتنظيم امورها وشؤونها بافضل وجه، وقادر على التطور والتقدم والتأقلم مع متطلبات العصر وتوفير الرخاء والرفاهية الحياتية والانسانية وتحقيق الإستقرار والأمن والسلام..

ومن نجاحات الجمهورية الإسلامية هي القفزة النوعية الرائدة وتعاظم قوتها وقدراتها في كافة المجالات وانتقالها الى مصاف الدول الكبرى بل تضاهيها في الطفرة البحوثية والانجازات والابتكارات العلمية والاختراعات والتطور في مجالات الصحة والادوية والنقل والزراعة والصناعة وتصنيع الاسلحة من طائرات مسيرة وصواريخ باليستية وغواصات واقمار صناعية وبالاضافة الى انشطة التخصيب النووية السلمية وتقنية النانو.

ومن إنجازات وبركات الثورة الإسلامية هي تعزيز وحدة المسلمين والعمل الجاد لتوحيد الكلمة وتفعيل التقارب بين المذاهب الاسلامية وغير الاسلامية والتعاون والتنسيق والحوار بين الشعوب بمختلف فئاتهم وتياراتهم ومكوناتهم.. حيث يقول الإمام الخميني (قده): ”نحن مع الجميع على السواء لا نفرق بين أحد”.

ولا شك، من احدى تأثيرات الثورة الاسلامية هي قيام الصحوات الاسلامية والفكرية والسياسية التي أمتدت الى شعوب المنطقة وأحرار العالم وأعطت أملا للمظلومين والمستضعفين والمحرومين بالاقتداء بهم كمثال حيّ أمامهم وتجربة ناجحة.. فكانت دافع لهم على قيام التظاهرات والاعتصامات والصمود والمواجهة ومقارعة الظلم والفساد، وبذل التضحيات من أجل التغيير والاصلاحات السياسية واستعادة حقوقهم المشروعة من أنظمة الطغاة والحكام الفاسدين والظالمين، وخير دليل انطلاق الثورة البحرانية قبل 12 عاما من رحم المعاناة والقهر، ولا تزال الثورة متوهجة وهادرة وصامدة أمام آلة القمع والاعتقالات والانتهاكات التي يرتكبها نظام الخليفي الدكتاتوري المستبد بحق شعبه وعلمائه وقادته ونشطائه ورموزه، والمدعوم من امريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني والامارات ونظام ال سعود.

ومن أهم الإنجازات ما بعد الثورة على مستوى المنطقة إنشاء محور المقاومة والممانعة ودعمه وصعوده وتراكم قدراته وطاقاته ونقل الخبرات والعتاد الى المقاومين والمجاهدين في لبنان وفلسطين الذين استطاعوا كسر شوكة الصهاينة وتحقيق الانتصارات تلو الانتصارات وتحرير الارض في لبنان، وخلق قوة توازن الردع والرعب مع الكيان الصهيوني، كما انه بفضل توحيد الموقف ووحدة المسار والمصير لمحور المقاومة استطاعوا دحر مشروع محور الشرّ الامريكي الصهيوني والإرهاب السعودي التكفيري، ووقف تمدد الإرهابيين وزحفهم نحو مدنهم وعواصمهم وإفشال مشاريعهم الاحتلالية التقسيمية التدميرية لسرقة نفطهم وثرواتهم وإسقاط أنظمتهم المعادية لهم في كل من سوريا والعراق واليمن..

أن إعتقاد إيران الراسخ بالدين الإسلامي المحمدي الاصيل هو الذي جعلها تصمد كالجبل الشامخ أمام الحصار والعقوبات الاقتصادية الظالمة من قبل القوى العظمى على مدى44 سنة، ورغم ذلك لا تزال إيران تعمل على تطبيق العدالة في العالم وتطالب بتحرير الإنسان من العبودية والاستبداد والطغيان، وتحرص على ترسيخ مبدأ حسن الجوار والسيادة والسلام واحترام الدول وإقامة العلاقات المتكافئة فيما بينها. بناء على ذلك، تبنت إيران في ثورتها مبدأ نصرة المستضعفين في العالم ومساعدة الشعوب المقهورة في تقرير مصيرها وحقها في العيش بعزّة وكرامة وعلى رأسها نصرة قضية الشعب الفلسطيني.

شكرا إيران… على هذه الثورة المباركة التي أغنت العقول بالفكر والعلم والمعرفة والثقافة، وأرفدت المجتمعات بالتقدم العلمي والتطور والاخترعات والابتكارات، وزادت شعوبنا إيماناً ويقيناً من خلال تجاربها الغنية والبراهين الساطعة والتطبيقات الحسيّة التي أثبتت بان الإسلام هو دين الرحمة والانسانية والتسامح والحوار والحضارة والبناء، ومنهج حياة ونظام إسلامي يطفو على المسرح السياسي يُرسخ لقِيَم الحقِّ والخير والحرية والعدل والسلام والمساواة بين الناس جميعًا، وليس دين العنف والتطرف والتخلف ودين الجهل والقتل والموت والإرهاب والإنتحار والتكفير والتدمير كما هو الدين السعودي الوهابي والإسلام الامريكي الخليجي..