ملحّن وموسيقار ثوري إيراني للوفاق:

الفن الثوري يخلق الثقافة والمقاومة

خاص الوفاق: شاهنكيان: الظروف التاريخية لعبت دوراً هاماً في الإهتمام الذي حظيت به هذه الأناشيد برسائلها الثورية.

موناسادات خواسته

 

الفن ودوره الكبير لا يُخفى على أحد، وخاصةً الفن الثوري حيث يحظى بأهمية قصوى، وهنالك فنانون كان لهم دور كبير في تنمية هذا الفن، وبصماتهم خالدة في هذا المجال، فمنهم الشهيد ”سيد مرتضى آويني” الذي تم تسمية يوم استشهاده بـ ”يوم فن الثورة الإسلامية” بما أنه قضى كل لحظات حياته المباركة، وخاصة بعد الثورة الإسلامية، في طريق تحقيق القيم والأحكام الإسلامية في إطار الفن، فبهذه المناسبة أجرينا حواراً مع أحد الملحنين ومديري المجال الموسيقي المؤثرين في الثورة الإسلامية، وهو ”سيد حميد شاهنكيان” الذي يُعد من أوائل ملحّني الأناشيد الثورية، وكان له دور مؤثر جداً في إنتاج الأعمال الموسيقية المتعلقة بالثورة الإسلامية، وكذلك في تنظيم الفرق الإنشادية التي قدّمت أثناء وصول الإمام الخميني(قدس) إلى مطار مهرآباد وخطابه في مقبرة جنة الزهراء(س)، وبعدها. تم تكريمه في كثير من المهرجانات وصدر له كتاب ”برخيزيد” أي ”إنهضوا” حول مجموعة من مذكراته الشفوية، فأجرينا معه حواراً فيما يلي نصه:

 

 

فن الثورة الإسلامية والموسيقى

 

 

بداية الأستاذ شاهنكيان أبدى رأيه عن الفن والموسيقى في الثورة الإسلامية، قائلاً: برأيي، وبشكل عام، في أي عصر، يعتبر الفن ملتزماً إذا كان يعبر عن خصائص وشروط ذلك العصر والوقت ويستجيب لإحتياجاته، ولذلك، لا بد للفن في عصر ثورتنا قد استفاد من هذه الخصائص، كما كان الحال. لقد خصصت كل أنواع الفنون تقريبا، من الشعر والموسيقى إلى المسرح والسينما والفنون البصرية، جزءاً كبيراً من جهودها لهذه القضية، كما قدموا أعمالاً خالدة ورائعة في هذا المجال في فروع متعددة ومتنوعة، وكانت بطبيعة الحال ذات طابع ثوري، وأخذت في الاعتبار أيديولوجية الثورة، وكانت متوافقة مع شعارات الثورة الإسلامية، وكان الأمر نفسه ينطبق على الموسيقى، التي اتبعت هذه القاعدة ولم تكن استثناءً.

موسيقى الثورة الإسلامية

أما حول خصائص وتطورات موسيقى الثورة، يقول الموسيقار المخضرم: إذا أردنا أن نعتبر يوم انتصار الثورة الإسلامية (11 فبراير) بمثابة الخط الزمني لقبل وبعد انتصار الثورة، فيجب تقسيم الأعمال الموسيقية للثورة إلى مجموعتين: قبل وبعد انتصار الثورة الإسلامية.
على الرغم من أن هناك بعض الأشياء المشتركة بينهما، لأن الظروف والإمكانيات والأجواء الخانقة في الأيام التي سبقت انتصار الثورة كانت من النوع الذي جعل إنتاج العمل صعباً للغاية، وكان من الطبيعي أن تكون هذه الأعمال أكثر شعبية وبساطة، وإلى حد ما أقل احترافية، وقد تم إنتاج هذه الأناشيد برسائل واضحة ومباشرة ومثيرة للغاية.

 

وقد شهدت هذه العملية تغيرات كبيرة بعد انتصار الثورة، مع الحفاظ على بعض المبادئ واستمرارها.
على سبيل المثال، العمل الذي قمنا به قبل إنتصار الثورة الإسلامية كان يتم بدون استخدام أدوات، وكانت الرسائل بشكل عام تهاجمية ومثيرة، وكان هدف هذه الرسائل جمع الجمهور والإنضمام إلى الثوّار، وكان الجهد على إظهار الجوانب المظلمة للحكومة في ذلك الوقت أي زمن الشاه المقبور، وبهذه الطريقة تم إنتاجها وتقديمها، لكن هذه العملية تغيّرت كثيراً بعد إنتصار الثورة الإسلامية، ورغم الحفاظ على الحماس الثوري الذي كان ينبغي أن يكون عليه، حمل رسائل الأخوّة والبناء، وجلب معه المزيد من التعاون والأمل، وكانت الموسيقى أوركسترالية، وتم استخدام نفس التوزيعات الموسيقية التي كانت تستخدم للموسيقى قبل الثورة تقريبا، وبالطبع أجرينا عليها بعض التغييرات وفقاً لإحتياجات الثورة.

لكن بشكل عام كان قابلاً للمقارنة، ليس من حيث المحتوى والكلمات والأفكار التي يحتويها، ولكن من حيث البنية الموسيقية، وبطبيعة الحال، كانت الرسالة مختلفة عن الموسيقى قبل الثورة، وكان لا بد من حدوث ذلك، لأنه كانت لهذه الثورة قصائد وشعارات وأفكار كان علينا أن نعرضها في الموسيقى بعد انتصار الثورة الإسلامية، كانت القصائد مهمة في المقام الأول، وكان الشعر ورسالة الشعر هما اللذان حددا نوع الموسيقى التي كان يتم صنعها أو سماعها من قبل الجمهور.
في الحقيقة أصبحت الموسيقى والآلات سرجا للركوب، ولتجميل وإيصال رسالة القصائد، رسائل كانت في معظمها اجتماعية وأخلاقية، وبعضها كان أيضاً على شكل رثاء للإستشهاد والشهداء والمضحين بأنفسهم، وغيرها من القيم التي كانت ذات أهمية كبيرة للثورة، وهذه كانت الموسيقى بعد الثورة الإسلامية.

الأناشيد الثورية الخالدة

 

 

بعد ذلك دار الحديث عن أعماله الخالدة، فقال الأستاذ شاهنكيان: كما تعلمون، كانت أعمالي، حتى قبل الثورة، تركز على تنوير الناس وإلهامهم والدعوة إلى مشاركة أكبر في الحركة الثورية من قبل عامة الناس، وبما أن الثورة كانت حدثاً فريداً ومفاجئاً، فقد أصبحت الأعمال والأناشيد المرتبطة بالثورة فريدة من نوعها وجزءاً من الذكريات الخالدة للثورة.
أعتقد أنه يجب علينا أن نضع في اعتبارنا أن الظروف التاريخية في ذلك الوقت لعبت دوراً هاماً للغاية في الإهتمام الذي حظيت به هذه الأناشيد برسائلها الثورية، كما فعلت موضوعات معظم تلك الأناشيد، مثل الشهيد أو الإمام الخميني(قدس) أو الحاجة إلى التضامن والتضحية، والحديث مع الجنود عن الاستشهاد في تلك الأيام.
كانت هذه كلها رسائل مناسبة وذات صلة في ذلك الوقت، وكانت جذابة بما فيه الكفاية وفعالة بنفس القدر في جعل الأمور خالدة.
وفيما يتعلق باختيار القصائد، لا بد لي من القول إن ظروف العصر هي التي فرضت ذلك. سواء كنت أنا أو أصدقاء آخرين تعاونوا في هذا الصدد، فقد قمنا بتأليف القصائد وفقاً للحاجة بحيث عندما يتم سماعها، تجذب الإنتباه وتجد أتباعاً ومرشدين، بحيث يستمعون ويتبع بعضهم البعض، وفي الحقيقة، تكون كلماتهم الخاصة، ولهذا السبب اتبعنا جميعاً ما تمليه علينا احتياجات الثورة.

خصائص النشيد الثوري

فيما يتعلق بالخصائص التي يجب أن يتمتع بها النشيد الثوري ليكون أكثر فعالية، ونجاحات إيران في هذا الصدد، يقول شاهنكيان: أعتقد أننا يجب أن نقيم تمييزاً جدياً ومنطقياً بين احتياجات الشؤون الفنية أثناء الثورة والسنوات التي تلتها.
إن الحدث العظيم المتمثل في الثورة الاسلامية سبب تحولاً كبيراً.
إن مسار الأحداث بعد انتصار الثورة يجب أن يكون في اتجاه الأفكار والقصائد والشعارات الثورية، في البناء والإصلاح والتقدم، وأنه يجب الحفاظ على الثورة، وللحفاظ عليها يجب الانتباه إلى القصائد والشعارات والكلمات.

الفن يخلق الثقافة

أما حول قدرة الفن وإمكاناته على نشر مفاهيم الثورة والمقاومة في المجتمع العالمي يقول شاهنكيان: أعتقد أنه من الواضح جداً أن الفن يمكن أن يكون صانع التيار، ويخلق الثقافة والعادات، وقد حدث هذا ليس فقط اليوم، بل أيضاً منذ مئات وآلاف السنين.
الفن لديه القدرة على خلق الاتجاهات، وهذا ليس في إيران فقط، بل في جميع أنحاء العالم، كان في كل مكان وسيكون في كل مكان، واستمرار هذه الأعمال الفنية، التي توجد في معظم أنحاء العالم، هو دليل حقيقي على ذلك، أن الفن يمكن أن يخلق الإستمرارية ويمكن أن يقود المجتمعات نحو التميز أو على العكس، نحو الإبتذال.
نستطيع أن نرى هذا الجانب المبتذل هذه الأيام في الفنون التي تنشأ في الغالب من الغرب، ونستطيع أن نرى بوضوح الجوانب السامية والمبتذلة لتأثيرات الفن في المجتمع البشري اليوم.
لذلك، إذا كان هذا الفن يشير إلى مفاهيم إنسانية ثورية ومقاومة ويروج لها، فإن أعماله هي من نفس النوع من الرغبات، وإذا كان، على العكس من ذلك، يتجه نحو الابتذال وكسر الثقافة العائلية وانتهاك الأخلاق، فإنه لا يزال يؤدي وظيفته، الفن هو وسيلة وأداة. مهما كان ما يركب على هذه المركبة فإن نتائجه تظهر في المجتمعات.

الشهيد آويني

 

وفي الختام يدور الحديث عن الشهيد آويني، فيقول الأستاذ شاهنكيان: الشهيد آويني حقق رسالته الفنية كفنان مدروس ومبدع وملتزم، وضع قدمه على الطريق الذي يستحقه، ووصل إلى المكانة التي يستحقها. رحم الله روحه الطاهرة، ذكره خالد، وسيرته متواصلة.

 

 

المصدر: الوفاق- خاص

الاخبار ذات الصلة