المرصد السوري يطالب بتشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة

يعتبر المرصد السوري لحقوق الإنسان، تمديد عمل لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل لـ 3 أشهر إضافية، خطوة لإطالة أمد العمل والاتجاه نحو تمييع الجرائم المرتكبة، ما يؤدي إلى استمرار وتزايد الجرائم التي تهدد استقرار المجتمع.

كما اعتبر المرصد السوري ان التمديد يؤدي ايضا الى زيادة الشعور بالظلم وعدم المساواة، وتقليل الثقة في النظام القضائي والقانوني، مشيرا الى ان لجنة تقصي الحقائق المشكلة لم تكسب ثقة الأهالي ومنظمات المجتمع المدني، والكثير من أعضائها. ويطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية بقرار من مجلس الأمن، أو لجنة مستقلة تشكل من قضاة مشهود لهم بالنزاهة للتعاون مع اللجان الدولية للوصول إلى العدالة، والكشف عن المجازر المرتكبة في 7 و8 و9 آذار في الساحل السوري.

 

 

وتمكن المرصد السوري من كشف بعض المتورطين الذين ظهروا بالصوت والصورة وهم من قوات وزارة الدفاع والقوات الرديفة لها، دون أن تقدمهم السلطات المحلية للعدالة وإخضاعهم للتحقيق من قبل تلك اللجنة. وتأسست لجنة تقصي الحقائق في سوريا في 9 آذار الماضي، بهدف كشف الحقائق حول الانتهاكات والجرائم التي حدثت في الساحل السوري، التي انطلقت شرارتها في 7 آذار الماضي.

 

وتكمن مسؤوليات اللجنة العمل على تحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات والجرائم، سواء كانوا أفرادًا أو جماعات أو جهات حكومية. ويؤدي تمديد عمل اللجنة إلى تأخير العدالة، حيث قد يستغرق التحقيق وقتًا طويلًا، ما يؤثر على حقوق الضحايا وأسرهم، كما يؤثر التمديد على التحقيقات، حيث قد تتغير الظروف والأدلة مع مرور الوقت، ما قد يؤثر على دقة النتائج.

 

 

وفي أعقاب التوترات الأمنية التي اجتاحت الساحل السوري بتاريخ 6 آذار الماضي، عقب هجوم شنّته مجموعات مسلّحة إجرامية كان بعض أفرادها في جيش النظام السابق؛ على حاجز تابع للأمن العام، وأسفر عن مقتل عدد من عناصر الأمن العام عبر كمائن متفرقة في مدينة جبلة وريفها، تصاعدت وتيرة الأحداث بشكل لافت، بالتزامن مع حملة أمنية وقصف جوي نفذته القوات السورية استهدف قريتي دوير بعبدة وبيت عانا في ريف جبلة، أعقبه فرض هذه المجموعات الإجرامية سيطرتها المؤقتة على مداخل ومخارج المدينة، قبل أن تتمكن قوات الأمن العام من استعادة السيطرة، وتُعلن حالة “النفير العام” في المساجد، وسط توتر وخوف شديدين في أوساط المدنيين.

 

 

لاحقاً، وضمن تداعيات هذه الأحداث، سُجلت سلسلة من الانتهاكات الموثقة، شارك فيها عناصر تابعين لوزارتي الدفاع والداخلية، بالإضافة إلى مجموعات رديفة لها، وأسفرت عن مقتل نحو 1700 مدني من أبناء الطائفة العلوية ممن استطاع المرصد السوري لحقوق الإنسان توثيقهم، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

 

إلى جانب ذلك، سُجلت حالات اختفاء قسري، واغتيالات غامضة، واعتقالات عشوائية، بالإضافة إلى حرق المنازل والأراضي الزراعية كما حالات النهب والسرقة، ما ألقى بظلال ثقيلة على الوضع الإنساني والأمني في المنطقة ضمن أوساط الطائفة العلوية التي تقطن الساحل السوري.

 

 

واستجابةً لحالة الغضب الشعبي والضغط الحقوقي الدولي، أعلنت الحكومة السورية في 9 آذار الماضي عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، كُلفت بالتحقيق في هذه الوقائع، وجمع الشهادات من ذوي الضحايا، وتوثيق الانتهاكات، وتحديد المسؤولين عنها، على أن تُرفع نتائج التحقيق إلى الجهات الرسمية، تمهيداً للمحاسبة.

 

 

ولاقى هذا الإعلان ترحيباً واسعاً من الأهالي الذين رأوا فيه بادرة نحو كشف الحقيقة وإنصاف ذويهم من الضحايا، في ظل غياب الثقة المتراكمة بآليات المحاسبة الرسمية.

 

 

غير أن الواقع بعد مرور شهر على تشكيل اللجنة لا يبشر بتحقيق هذه الآمال، إذ أكد المئات من أهالي الضحايا للمرصد السوري أن اللجنة لم تُجرِ أي لقاءات مباشرة مع الغالبية الساحقة منهم. في حين يُثير غياب التواصل هذا شكوكاً جدية حول نوايا اللجنة ومصداقية مهامها، خاصة وأن أبرز ما يفترض أن تقوم به هو الاستماع لشهادات الأهالي وتوثيقها ضمن تقرير شفاف في المقابل، يتصاعد الشعور بالإحباط والتهميش لدى أهالي الضحايا، الذين باتوا يروا في اللجنة كياناً شكلياً، أُنشئ لامتصاص الغضب لا أكثر، في ظل غياب أي نتائج ملموسة على الأرض حتى الآن. هذا التجاهل يساهم في استمرار الانتهاكات بحق المدنيين، كنتيجة لحالة الإفلات من العقاب، كما يهدد بتعميق الجراح المجتمعية، ويقوّض أي مسعى حقيقي لتحقيق العدالة، أو على الأقل منح الأهالي حقهم في معرفة مصير أبنائهم.

 

 

المصدر: العالم